29 - 06 - 2024

أحفادنا ونصر أكتوبر .. 13 صفحة فقط نصيب أعظم انتصاراتنا فى مناهج الدراسة!

أحفادنا ونصر أكتوبر .. 13 صفحة فقط نصيب أعظم انتصاراتنا فى مناهج الدراسة!

المناهج تخلو من بطولات الجنود وأغلب القادة العظام.. ودور الجبهة الداخلية والبطولات الشعبية 

 عندما حدث نصر أكتوبر كان عمرى 9 سنوات ، عايشت وجيلى الأجواء لم يخل بيت من جندى شارك فى المعركة، كنت وجيلى محظوظين لأننا عاصرنا أهم حدث فى تاريخ مصر الحديث ، استمعنا لقصص البطولة والتضحيات من أبطال الحرب كانوا لايتحدثون عما قاموا به من بطولات، ولكن كانوا يرون قصص الشهداء وكيف كانوا يتسابقون للقيام بأعمال ومهام وهم يعلمون أنها المهمة الأخيرة، يلفون أجسادهم بالمتفجرات ليمهدوا الطريق أمام زملائهم .

وظلت المدارس حريصة لسنوات بعد المعركة على أن يكون نصر أكتوبر موضوعا ضمن موضوعات التعبير، وموضوع فى مادة الرسم، كنا نرسم دبابة ثلاث خطوط متوازية تنتهى أطرافها بميل لتلتقى الخطوط التى يعلوها جندى يحمل علما يرفرف وطائرات فى السماء.

وكانت المدارس أيضا حريصة على تنظيم رحلات للأماكن التى تحكى ذكرى نصر أكتوبر مثل بانوراما حرب أكتوبر بمدينة نصر، ومزار النقطة الحصينة بعيون موسى الذى يحكى قصص بطولات الجنود للسيطرة على ثانى أهم المواقع الحصينة على خط بارليف، ومزار تبة الشجرة بالاسماعيلية يقف شاهدا على الانتصار. على مدخل المزار بالضفة الشرقية لوحة تحكى كيف تمكنت القوات المصرية خلال يومى 6و7 أكتوبر من الاستيلاء على النقاط القوية الأمامية لخط بارليف فى مواجهة مدينة الاسماعيلية، والنصب التذكارى لحرب أكتوبر على الضفة الشرقية لقناة السويس، ويشاهد الزوار عرضا مصغرا من بانوراما حرب أكتوبر المقامة بمدينة نصر تقدم مشاهد حقيقية من المعركة.

ثم جاء عملى بالصحافة وكنت حريصة على الاحتفال بنصر أكتوبرمع الأبطال من مصابى الحرب، التقيت بهم فى جمعية المحاربين القدماء، وفى جمعية الوفاء والأمل كانوا ما زالوا شبابا  ولكن الإصابة أقعدتهم، كنت أعيش مع حكاياتهم أجمل أيام الوطن لم يحكوا فقط عن الجبهة وقصص التضحيات، ولكن كانوا يتحدثون عن المواطن وعن المجتمع الذى كان حائط صد وسند، وكيف كان الاحترام والتقدير لأبطال النصر، وكيف كان المواطن يتعامل مع مصاب الحرب بحب وتقدير.

والتقيت بأمهات الشهداء من الجنود وكانت صورة الشهيد تزين كل بيت دخلته، كانت الأمهات وهم يروون قصة الشهيد يرجعون بالذاكرة لليوم الذي علمت فيه الأم بحملها وسبب تسميته ولحظة علمها باستشهاده، وأتذكر رؤية حكتها أم شهيد كان تفسيرها أنه سينال الشهادة .

تضحيات وبطولات أكتوبر حكاية حب وطن ترابه أغلى من الروح والأهل، حكاية حب يجب أن نستمر فى روايتها للأجيال الجديدة التى ارتبطت الحروب فى زمانهم بالمعارك والصراعات التىتشهدها دول مجاورة تفتت أوصال البلاد وتهدم أركانها، غاب الوطن وإنتصرت المصالح.

بعد خمسين عاما على انتصار أكتوبر، ما الذى يعرفه عنه الأطفال والشباب؟ وماهى مصادر المعرفة؟ تجولت بين صفحات كتب الدراسات الاجتماعية أبحث عن حرب أكتوبر 73 فوجدت فى منهج الصف السادس الابتدائى 4 صفحات من الصفحة 50 حتى 53 تتضمن مقدمة عن أحوال مصر قبل الحرب وأسباب الحرب وسطور تحت عناوين فرعية أحداث حرب أكتوبر 73، وعوامل نجاح الحرب ونتائج حرب أكتوبر.

وفى منهج الصف الثانى الاعدادى وجدت حرب أكتوبر فى الدرس الثالث من الوحدة الثالثة الصفحة من 63حتى 66 أربع صفحات، الصفحة الأولى من الدرس تحتلها صورة كبيرة للرئيس الراحل أنور السادات. تميز منهج الصف الثانى الإعدادي بإبراز الدور العربى فى الدعم العسكرى لمصر وسوريا وإبراز دور أمريكا فى دعم إسرائيل، وتضمن معلومات عن ثلاث شخصيات عسكرية كان لها دور، وهم المشير أحمد إسماعيل والفريق سعدالدين الشاذلى والفريق محمد على الجمسى، مع صورتين شخصيتين للمشير أحمد إسماعيل والفريق الجمسى فقط!.

وفى منهج الصف الثالث الثانوى جاء الجزء الخاص بحرب أكتوبر فى الفصل السابع من الصفحة 129حتى الصفحة 134 خمس صفحات ظهر فيها بدءا من الصفحة 130 إشارة باللون الأحمر للقراءة فقط، لم يخرج المضمون والمحتوى عن منهج الصف السادس الابتدائى والثانى الاعدادى.

السؤال: هل ما تتضمنه المناهج الدراسية فى مادة الدراسات الاجتماعية كاف من حيث الكم والمحتوى فى تشكيل وعى أولادنا وأحفادنا تجاه حدث هام فى تاريخنا؟

وهل يكفى ليدرك الأحفاد إن بلدنا مهرها غال مصبوغ بدم شهداء قدموا أرواحهم فداء ترابها؟

وأين قصص بطولات الجنود ودور المرأة ودور كل مؤسسات الدولة؟

أكتوبر لم يكن مجرد نصر عسكرى على جبهة القتال، ولكن نصر لمصر بكل مؤسساتها وكل ناسها.

بمناسبة 50 عاما على نصر أكتوبر ندعو أساتذة التاريخ وأساتذة المناهج لإعادة النظر فيها ليظل أكتوبر حدثا حيا فى وعى ووجدان الأحفاد حتى لو مضى على نصر أكتوبر 73 مئات السنين.
---------------

بقلم: نجوى طنطاوى
من المشهد الأسبوعية




 

مقالات اخرى للكاتب

د. محمد مهران: سد النهضة يرقى لجرائم ضد الإنسانية ويستدعي تدخلاً دولياً عاجلاً





اعلان