23 - 07 - 2024

اللواء طيار أركان حرب نصر موسى للمشهد: معركة المنصورة الجوية غيرت العقيدة القتالية للعالم

اللواء طيار أركان حرب نصر موسى للمشهد: معركة المنصورة الجوية غيرت العقيدة القتالية للعالم

- نفذت 48 طلعة جوية خلال 19 يوما في أكتوبر وأسقطت طائرتي "فانتوم" .. وحصلت على نجمة وسام شرف عسكرية
- نسور مصر حققوا 95% من أهدافهم فى الضربة الجوية الأولى ومقولة مبارك صاحب الضربة الجوية الوحيد غير دقيقة
- خفضنا معدل تموين الطائرات لـ 6 دقائق والطيار المصرى فى المرتبة الثانية على مستوى طيارى العالم 

اللواء طيار أركان حرب نصر موسى محمد موسى نائب قائد القوات الجوية الأسبق، ورئيس شعبة التسليح سابقاً ورئيس جمعية الطيارين، شارك فى حرب أكتوبر المجيدة وأسقط مقاتلتين اسرائليتين، وبعد حرب أكتوبر حصل على نجمة الشرف العسكرية أعلى وسام عسكرى مصرى، أكد أن الطيار لكى يصبح طيارا يجب أن يتدرب لمدة 5 سنوات بالكلية الجوية، بعد ذلك يتوجه إلى وحدة تدريب للتدريب على الطائرة التى سيستخدمها فيما بعد، وبعد ذلك يدخل سربا ليتحول من طيار عادى إلى طيار مقاتل، ويقول إن الضربة الجوية حققت 95 % من أهدافها، حيث أفقدت العدو توازنه فى 6 ساعات ، وكان لها دور مهم فى تسهيل وسرعة عملية العبور، ومعركة المنصورة تعتبر أطول وأكبر معركة جوية فى التاريخ وثانى معركة بعد الحرب العالمية الثانية، كما أنه كان هناك فرق كبير بين الطيران المصرى وطيران العدو أثناء الحرب، والقوات الجوية تقوم بمهام أخرى فى حماية الجيش أثناء المعركة وحماية سماء مصرمن جميع الإتجاهات، وبالعقيدة القتالية القوية والثقة بالنفس هزمت العدو وكسرت شوكته. 

وأشار اللواء نصر موسى إلى أربع مراحل تاريخية فارقة فى التاريخ، أولها الخروج من حرب اليمن وهزيمة 67 ثم انتقال الجيش إلى حرب الاستنزاف والتى استهدفت رفع الروح المعنوية للقتال ثم مرحلة الاستعداد للحرب ثم حرب أكتوبر، ومعرفة أهم التدريبات والتكتيكات المختلفة للطيران مثل الباكستانى والروسى والأمريكى مما جعل الطيار المصرى فى المرتبة الثانية على مستوى طياري العالم ، وكان الفرق واضحا بين أعلى طائرتين إسرائيلية "فانتوم" ومصرية "ميج 21"، فـ"الفانتوم" بها جهاز تنشين على أدق شيء فى الأرض، وبها جهاز ملاحى، وتحمل 7 أطنان ذخائر، وبها نظام لرؤية 300 كيلو، وتطير لمدة 4 ساعات وتشتبك لمدة ساعة، بينما "الميج 21" بها جهاز تنشين عقيم، وتطير لمدة ساعة واحدة وتشتبك لمدة ربع ساعة، وتحمل طن ذخائر فقط وفيها نظام رادار 20 كيلو، وهنا كيف تقوم حرب بتلك المعادلة الصعبة وتبدأ بضربة جوية تقسم ظهر العدوالصهيوني.

 وإلى نص الحوار

 فى البداية.. حدثنا عن بداية حياتك العلمية والعسكرية؟ *

- التحقت بالكلية الجوية عام 1968وتخرجت عام 1969 في الدفعة 25 وسافرت إلى الاتحاد السوفيتى ضمن بعثة الطيارين المصريين لمدة عامين وعدت بعد انتهاء حرب الاستنزاف، وبعد 1967 كان توجه الدولة بزعامة الرئيس جمال عبدالناصر هو الاهتمام بإعداد وبناء القوات المسلحة عبر زيادة الإلتحاق بالكلية الجوية، فكانت الكلية الجوية فى ذلك الوقت بها تدريب فى المنيا وامبابة، حيث كانت بلبيس على خط النار ولا يوجد بها تدريب، وكان هناك اتجاه من رئيس الجمهورية لمدير الكلية الجوية العقيد حسنى مبارك بجمع أكبر عدد من الشباب للالتحاق بالكلية الجوية وأى طالب يقدم للكليات العسكرية يتوجه للكشف للجوى ولو نجح فيه ينضم مباشرة للكلية الجوية.  

أنا من أبناء السويس وعلم الطيران لم يكن معروفا فى ذلك الوقت، وكنت فى كلية الهندسة وتركتها ودخلت الكليات العسكرية وكتبت رغبة واحدة وهى الكلية البحرية ونجحت فى الكشف الطبى، وعندما توجهت لكشف الهيئة فوجدت بعدة أشخاص جالسين يرتدون ملابس صفراء، وبينهم شخص يرتدى زيا أزرق اللون وكان هو العقيد حسنى مبارك مدير الكلية الجوية أنذاك ، ودار بيننا حوار لم يتعد الثوانى ثم سألنى (إنت من السويس؟) تمام يا أفندم (وجاى تقدم فى البحرية ليه؟!) فقلت له أنا من أبناء السويس وأحب البحرية فرد قائلاً: (هاتقدم فى البحرية ونصف أرضك محتلة) (تدخل جوية؟) فنظرت حولى قليلاً وأنا لا أعرف شيئا عن الطيران فقلت: ( تمام يا أفندم أدخل جوية) ثم انتهت المقابلة، ومنذ هذا اليوم شعرت بأنى مكلف ولست طالباً فى الكلية الجوية بل طيار فى القوات الجوية، ودفعتى كانت حوالى 80 شخصا ومن عام 67 إلى عام  1970 كنا حوالى 400  شاب طيار وأخذنا تدريبا أوَليا فى المنيا، وكان عبارة عن كورس حوالى 150 ساعة، ثم طائرة نفاثة تدريب حوالى 150 ساعة، ثم الطائرات المقاتلة وهذا هو تسلسل التدريب والطيار المقاتل يحتاج من 5 إلى 7 سنوات لإعداده للقتال فى حالة الحرب لأنه إنسان غير طبيعى. 

* ماذا عن دراسة الطيران فى الاتحاد السوفيتى؟ وكيف استفدت من هذه التجربة؟ وما الفرق بينها وبين الدراسة فى مصر؟ 

- الطيران حرفة لابد من تعليمه، والاتحاد السوفييتى علمنى كل شيء فى الطيران بدقة، بداية من كيف أطير وكيف أستخدم الطائرات ذات الطراز الحديث وأفهم التحركات والمناورات وغير ذلك بدراسة للطائرة، ولكن لم يعلمنى كيف أقاتل بها فى الجو، أما فى مصر فكان التعليم مختلفا حيث كان يقتصر على العلوم العملية للطيران، وتعلمت القتال الجوى، فقدراتى القتالية اكتسبتها من أساتذتى المصريين فما تعلمته فى روسيا شيء وماتعلمته على يدى الطيارين الأقدم مني شيء آخر..  

صحيح أنى عدت من روسيا طيارا يقود طائرة ميج 21ولكننى لم أكن طياراً مقاتلا، فى مصر تعلمت كيفية القتال الجوى،ومن أهم الدروس المستفادة من المدرسين القدامى عندما تصل للهدف لضرب طائرة العدو (بص وراك قبل ماتضرب الطيارة إللى قدامك).

* كيف عايشت فترة الاستعداد لحرب أكتوبر 73؟ وماذا عن التدريب القتالي الجوى لخوض هذه المعركة؟ 

- ما حدث فى 67 كان نتيجة لما بعد انتهاء حرب اليمن، خرجنا من حرب اليمن وظننا أننا أقوياء منتصرون و"هنرمي إسرائيل فى البحر" وطلعت وقتها أغانى "فى البحر هانهزمهم فى البحر هانوقعهم" على اعتبار أننا لا نعرف ماهى القوات الجوية الإسرائيلية وكنا لا نعرف عنهم أى شيء، كانت كل المعلومات الموجودة فى الجيش المصري عن القوات الجوية الاسرائيلية شكلهم وملابسهم فقط، وعلى العكس هم يعرفون عنا كل شيء.

بعد عودتى من روسيا انضممت للتشكيلات الجوية مباشرة كطيار مقاتلات على أحدث طراز فى هذا الوقت (ميج 21)، وكان التدريب شاقا جداً لمدة سنتين ونصف قبل حرب أكتوبر، وكل الطيارين كانوا يستعدون لخوض المعركة، تدربنا على أيدى المدرسين القدامى الذين شاركوا فى حرب الاستنزاف، ونقلوا إلينا الخبرة فى كيفية القتال الجوى، وكيف ندمر طائرة فى الجو، وكان يوجد مطاران فقط فى إمبابة والمنيا ثم فرع للكلية الجوية عن الطائرات وإمكانياتها والتسليح والطبيعة فى سيناء، والإحتكاك بالعدو فى الجو والإشتباك معه، وكان تدريب الطيار يستغرق 5 سنوات ولكننا أتممناه فى سنتين، وفي مرحلة الاستعداد للحرب تم الجمع بين التكتيك الأمريكى والروسى والباكستانى فى القتال الجوى الذى تعلمناه فى تدريب مكثف، لكى نواجه الترسانة الجوية فى حرب قادمة لا نعرف ميعادها، حتى نجح الطيار المقاتل في الإقلاع بالطائرة فى نصف دقيقة بدلا من 6 دقائق مما جعله فى المرتبة الثانية على مستوى طيارى العالم، إلى أن قامت الحرب وكنت حينذاك برتبة نقيب.

* هل هناك أوجه مقارنة بين الطيران الإسرائيلى والمصرى خلال المواجهة فى حرب أكتوبر؟

- المقارنة غيرعادلة بالمرة ولايمكن أن نخوض بها حربا، فعدد الطائرات وكفاءتها تفوق 4 أضعاف، على سبيل المثال هذا هو الفرق بين أعلى طائرتين إسرائيلية "فانتوم" ومصرية "ميج 21". 

فالطائرة"الفانتوم" بها عدد 2طيارين ويوجد بها جهاز تنشين قوى وبها جهاز(gbs) وجهاز يعمل في أى نقطة يريدها فى الكرة الأرضية، وتحمل حوالى 7 أطنان حمولات متنوعة وبها أربع حمالات وتطير فى الجو 4 ساعات وتقاتل مدة من 45 دقيقة إلى ساعة تقريبا وبها رادار 400 كيلو متر، وبها مدفع 600 طلقة فى 6 مواسير، وهى عبارة عن ترسانة جوية طائرة.

 أما الطائرة المصرية "ميج 21" فبها طيار واحد، يوجد يها جهاز تنشين عقيم، تعتمد على بوصلة كهربية وبوصلة مغناطيسية والخطأ فيها كبير جدا، وتحمل حوالى طن حمولة متنوعة فقط، وتطير فى الجو ساعة وتقاتل 10 دقائق، وبها رادار 20 كيلومترا وكان الطيار يستخدم نظره لرؤية 20 أو30 كيلو ولا يعتمد على الرادار، وبها مدفع فى 2 ماسورة و200 طلقة فقط وتحمل صاروخين فقط، والجهاز الملاحى المصرى غير الإسرائيلي. 

ولخوض الحرب كان لابد من عمل مقارنة نوعية بالحسابات والأرقام وعندما تم العرض على الرئيس السادات اتضح الفارق الهائل عدديا ونوعيا، وكان التساؤل كيف نستطيع هزيمة عدو جوى ونحن إمكانياتنا 1 وإمكانات العدو4 من حيث التسليح والطيران وخلافه. 

ولكن كان هناك تصميم على أن ندخل الحرب ونبدأها بضربة جوية بأسلوب مختلف، كانت لدينا عقيدة قتالية قوية لتحرير أرضنا بأى ثمن، هنا يأتي دور الطيار المصرى بعقيدته القتالية وإمكاناته الضعيفة، العامل المعنوى زاد من عزيمتنا بعدما قال الرئيس السادات "ابنى الطيار بـ10 طيارين إسرائليين"، فأصبحت روحنا المعنوية تساوى 6 من عشرة، كان قرار الحرب أن تقوم القوات المسلحة بعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف تسبقها ضربة جوية بالإمكانات المتاحة وتعويض نقصها بالامكانات الشخصية وهذا هو دور الطيار المقاتل فى حرب 73، فالإعداد لحرب أكتوبر لم يكن سهلاً إلى أن جاءت ساعة الصفر.

* ماهى المهام التى تقوم بها القوات الجوية أثناء القتال؟

- القوات الجوية مهمتها حماية الجيش الأول والثانى والثالث أثناء المعركة، وحماية سماء مصر شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، وضرب أهداف مركزة أثناء الاشتباكات بالتنسيق مع الجيش، كما تقوم بنقل الجنود والصاعقة خلف الخطوط بطائرات الهليكوبتر، والضربة الجوية حققت 95% من أهدافها وأفقدت العدو توازنه خلال 6 ساعات، وجعلت عبور القوات المصرية أسهل من العبور أثناء مقاومة العدو.

* ما الذى حققه الطيارون المصريون من أهداف فى الضربة الجوية خلال المعركة؟

- كان محدداً للقوات الجوية 57 هدفا، وتمت الضربة الجوية بـ220 طائرة منها 45 للحماية الجوية ومهمتها حماية الطائرات وتوصيلها للهدف وتدميره ثم تعود، لأن طائرات الحماية بها صواريخ والباقى تنفذه المقاتلة لأنها بها قنابل فقط، وقد حققت الطلعة الجوية الأولى أهدافا منها تدمير مركزالقيادة والسيطرة للعدو، والذى كان يقوم بأخذ الأوامر من اسرائيل وإعطائها للقوات فى سيناء، وبعد ضربه فقدت اسرائيل السيطرة على سيناء لمدة 6 ساعات وهذا ماقاله السادات (أفقدنا العدو توازنه فى 6 ساعات) وانفصلت القوات في سيناء عن القيادة في إسرائيل، واستهدفنا أيضا مراكز التشويش والاحتياطى التعبوى للجيش الإسرائيلى وجميع دفاع الهوك الإسرائيلى، وضربنا جميع القوات الموجودة وثلاثة مطارات فى سيناء ومعظم النقاط الحصينة للعدو وعددها 31 نقطة، وهذه كانت خطة الخداع الاستيراتيجى التى وضعها الرئيس الراحل أنور السادات وكذلك خطة الحرب التى بدأت بضربة جوية تتبعها قوات المشاة ثم المدفعية والأسلحة الثقيلة.

ورغم أن القوات الجوية كانت أقل عددا ونوعاً من قوات العدو فإن الهجمة الجوية حققت المفاجأة.

* وماذا عن الضربة الجوية الثانية؟ 

- كان من المخطط أن تكون هناك ضربة ثانية بعد الأولى بساعتين ولكن لم تتم، لأن الضربة الأولى حققت معظم الأهداف وأصبحت سيناء فى عزلة تامة لمدة 12 ساعة، ومنها حدث شلل للعدو حيث انفصل عن القيادة الرئيسية، وبدأت كفاءته فى الرد على العبور تقل عن 40% وهذا هو هدف الضربة الجوية.

وموشى ديان يوم السادس من أكتوبر حذرته المخابرات الأمريكية من أن مصر سوف تبدأ الحرب فى الساعة الرابعة ظهرا، ولم تصدق جولدا مائير حتى طار ديان بطائرة هليكوبتر وهبط على الجبهة وشاهد الجنود يرقصون ويلهون ولا يوجد استعداد لأى حرب، فأبلغ الإسرائيليين أن الجنود فى حالة لهو ولا توجد أدلة على نية للحرب ولكن قبل أن يعود بطائرته إلى اسرائيل كانت قد سبقته الضربة الجوية، وهذا يعنى أنه كان هناك تدريب على خطة خداع كاملة. 

ولم ينته دور القوات الجوية عند هذا الحد، وكنا نطير ليلاً ونهاراً فى مظلات جوية تحمى سماء الوطن، وظلت الحرب مستمرة مابين الاشتباك والهدوء ونحن لهم بالمرصاد وبإمكاناتنا المحدودة، إلى أن جاء يوم 14 أكتوبر وكان هناك خطة إسرائيلية لتدميرجميع مطارات الدلتا. 

* كم كان عدد الطلعات الجوية التى قمت بها فى مواجهة العدوالإسرائيلى خلال القتال؟ وماهى وسائل الإتصال حينذاك؟

كان شعارى أنا داخل المعركة "ياقاتل يامقتول" لأنى من الذين شاهدوا الهجمات الإسرائيلية على مدن القناة وتعرضت مدينتي "السويس" للقصف الجوى الإسرائيلى بعد النكسة مما زاد من الإصرار والتحدى، فقمت ب 48 طلعة جوية فى 19 يوما، وأسقطت طائرتي فانتوم ونفذت 7 اشتباكات مع جميع أنواع الطائرات الاسرائيلية، ومجمل هذه الأعمال حصلت بها على وسام نجمة شرف عسكرية بعد حرب أكتوبر، ثم ترقيت فى الميج 21 إلى عام1981، وبعد ذلك كنت ضمن أول دفعة تطير بالإف  16 فى مصر، وكانت وسيلة الاتصال فى ذلك الوقت هو (اللاسلكى)، ولكن نظراً لأن العدو الإسرائيلى كان متفوقا لاسلكياً ويعتمد على التشويش، كان لدينا بديل عند حدوث ذلك نتعامل بالإشارات أو حركات بالطائرات.  

* هل هناك فرق بين المقاتل الجوى والمقاتل الأرضى؟ وما هو المعدل العالمى لتموين الطائرة؟

- الطيار المقاتل المصرى يمتلك قدرات ومهارات خاصة تميزه عن غيره، والعنصر الذى يقاتل فى القوات الجوية هو الطيار فقط، ولكن التدريب الميكانيكى الذى يبدأ من العامل والمهندس والمشرف على التذخير والطيار يجعل لكل منهم دور مهم فى العملية القتالية، فكل من يحمل شئ فهو مقاتل وهذا هو وجه الاختلاف بين المقاتل على الأرض والمقاتل فى الجو، عنصرإنتاج النيران فى القوات الجوية هو الطيار والباقى معاونون، والمعدل العالمى لتذخير وتموين الطائرة هو 10 دقائق وقد قامت اسرائيل ببيان عملى قبل الحرب ونفذتها فى 8 دقائق، ولكن مصر وصلت إلى 6 دقائق وهذا يعتبر نوعا من كفاءة التدريب. 

* مامدى تأثير نجاح الضربة الجوية للطيارين؟ وهل كان لحسنى مبارك دور حقيقى فى هذه المعركة؟ 

- الطلعة الجوية وأول اشتباك يزيد من رفع الروح المعنوية للطياريين المصريين ويقلل منها للإسرائيليين، والضربة الجوية التى حدثت قام بها الطيارون وكان لها تأثير فى تسهيل وسرعة عملية العبور وحققت نجاحا كبيرا، كما أن حسنى مبارك كان له دور مهم فى حرب 73 وأيضاً فى 68، وذلك عندما أدخل أعدادا كبيرة من الطيارين بتوجيه من جمال عبدالناصر، وأيضاً عندما افتتح فرعا للكلية فى الاتحاد السوفييتى. 

وحينما كان قائدا للقوات الجوية كان مسئولاً عن تدريب الطيارين بأسلوب راقى عبر الاستعانة بالروس، ولكن الضربة الجوية الذى خططها القادة المصريون برتبة عميد ولواء لم ينفذها حسنى مبارك، لأن القائد الجوى لايطير بل هو على الأرض يدير عمليات ويعطى تعليمات، وهو المسؤول عن نجاحها وعن عبور القوات بمقاومة أقل من العدو، فهو قائد قوات جوية وقائد عسكرى من الطراز الأول ، فالضربة الجوية لها مخططون ومنفذون ومتابعون للتنفيذ، فالمخططون عبارة عن مجموعة من القادة، والقرار السياسى بشن حرب مع إسرائيل كان قرار الرئيس السادات ، والمسؤول عن تنفيذ الخطة هو مبارك وهو الذى يعطى الأوامر والقرارات فى جميع أماكن الاشتباك ثم المنفذين وهم الطيارون وبالتالى فإن الضربة الجوية الأولى شارك فيها كل الشباب الطيارين الذين خاضوا الحرب من مقاتلات ومقاتلات قاذفة، ولذلك فإن مقولة إن مبارك صاحب الضربة الجوية الوحيد غير دقيقة لأنه كان أحد المشاركين فى التخطيط والمسؤول الأول عن التنفيذ.

* ماذا عن معركة المنصورة وأنت أحد أهم المشاركين فيها، ولما سميت بأطول معركة جوية فى التاريخ؟

- تعتبر"معركة المنصورة" التى وقعت فى 14 أكتوبر أطول معركة جوية فى التاريخ القديم والحديث وثانى أكبر معركة جوية فى التاريخ بعد الحرب العالمية الثانية، من حيث عدد الطائرات المشاركة، حين حاولت القوات الجوية الإسرائيلية تدمير القواعد الجوية الرئيسية بدلتا النيل فى طنطا والمنصورة والصالحية فتصدت لها الطائرات المصرية، حيث كان عدد الطائرات المصرية حوالى 60 والاسرائيلية حوالى120 طائرة وكان هذا أكبر هجوم جوى تشنه إسرائيل ضمن سلسلة من الهجمات الجوية التى استهدفت المطارات المصرية، حاولنا وقف البعض منها أثناء الدخول ولكن وصلت المطارات  80 طائرة ،وكان نصيب مطار المنصورة منها حوالى 30 طائرة متنوعة.

 أطول معركة مابين الطائرات حتى ذلك الوقت تصل من 3 إلى  5 دقائق ولكن هذه المعركة استمرت 58 دقيقة فى قتال جوى، وذلك لأن الاشتباك ترتب عليه حدوث عملية تبادل حيث تقوم 4 طائرات بتسليم مكانها والنزول للتذخير، وكانت تتم هذه العملية بين المجموعات للذخيرة والصواريخ مرة واثنين وثلاثة، ولذلك زادت مدة الاشتباك ،وهذا لم يحدث فى التاريخ المصرى قبل ذلك، حتى ظن العدو خلالها أن القوات الجوية ثلاث أضعاف قدرتها الحقيقة لأن كل طيار مقاتل كان يقوم بأكثر من طلعتين أو ثلاثة.

وقد انتهت المعركة بفشل الطائرات الإسرائيلية فى تحقيق أهدافها من الهجوم وانسحابها، وأصبحت تدرس فى المعاهد العالمية العسكرية الجوية إلى الأن وجعلتنا نتخذ من هذا التاريخ عيدا سنويا للقوات الجوية المصرية وفى المقابل أسوأ يوم فى تاريخ القوات الجوية الإسرائيلية. 

* وكيف يرى العدوالصهيونى هذه المعركة.. هل يراها غيرت التاريخ؟

-  العدوالاسرائيلى بعد الاشتباك ظن أن عدد المقاتلين الجويين فى هذه المعركة كان ثلاثة أضعاف، برغم أن العدد كان قليلا ولكن تكرار العملية أوهمهم ذلك وأن عدد طائراتنا 180 ، ومن هنا كان للتاريخ وقفة فى معركة  المنصورة وتحدثت عنه كل المراكز العالمية، وهى لم يتم التخطيط لها ولكن التدريب جعلنا مؤهلين لذلك تغير تاريخ عيد القوات الجوية من 2 نوفمبر 1932 إلى 14 أكتوبر73 تيمناً بهذه المعركة ، ومازالت إلى الأن تدرس فى المعاهد الجوية المصرية وكان لها تأثير بالغ فى نفوس الطيارين، وبعد هذا اليوم تغيرت العقيدة القتالية للعالم كله فى أنه لايمكن لأى قوة جوية ضرب مطارات قوة جوية أخرى فى أى دولة، لأن الدفاع الجوى سواء طائرات أو صواريخ يمنع ذلك، ومن هذا اليوم توقفت إسرائيل عن ضرب المطارات، إلى أن جاءت الثغرة وظلت القوات الجوية فى عملها إلى يوم 28 أكتوبر.

* أخيراً .. ما الرسالة التى توجهها للشباب؟

- أقول للشباب أحبوا الوطن ودافعوا عنه وابتعدوا عن الأفكار الهدامة، وحرب الجيل الرابع هى حرب الفكر والتطرف وأن يستلهموا العبر والعظات من خبرات السابقين ويحرصوا على الاستفادة منها لأنها بمثابة وقود لاستكمال مسيرة الحاضر والمستقبل.  
---------------------------------------
حوار : حنان موسى 
من المشهد الأسبوعية