17 - 07 - 2024

"القومي للترجمة" يناقش كتابا عن العولمة المبكرة كما جسَّدتها قناة السويس

يحتفل المركز القومي للترجمة برئاسة الدكتورة كرمة سامي بصدور الطبعة العربية من كتاب "توجيه حركة التنقلات عبر القنوات البحرية"، بندوة تناقشه ويشارك فيها كل من الدكتور أحمد زكريا الشلق، والدكتور زكريا الرفاعي والدكتور شريف يونس ومترجم الكتاب الدكتور محمد صبري الدالي. 

تقام الندوة في الخامسة مساء يوم الثلاثاء الموافق 17 أكتوبر 2023 بقاعة طه حسين بمقر المركز القومي للترجمة.

كتاب"توجيه حركة التنقلات عبر القنوات البحرية:الهجرة والعولمة في منطقة قناة السويس وما وراءها 1869-1914 م" من تأليف فاليسكا هوبر. وبحسب المترجم محمد صبري الدالي، فقد اهتم الكتاب بالبحث وبشكلٍ موضوعي ومُعمَّق في التجلِيَّات المُبكِرة للعولمة خارج أوروبا، وخاصة في مجال النقل والتنقَّل البحري. واختارت المؤلفة أن تقوم بتطبيق محاولتها على ذلك الممر البحري فائق الأهمية، أي "قناة السويس" والتي قامت بعض الدول الاستعمارية وخاصة فرنسا، ثم انجلترا بعد احتلالِها لمِصر، مِن خلالها بما أسمته المؤلفة بـ "أقننة" حركة النقل والتنقُّل البحري؛ بمعنى السيطرة عليها وتوجيهها لما فيه مصلحة تلك القوى الكبرى، وبما كان يتناقض مع أهم الأهداف التي حفِرت مِن أجلها القناة، وهو تسريع حركة السفن وتيسير انتقال الناس والبضائع بين الشرق والغرب. 

وفي هذا السياق أوضح الكتاب كيف ساهمت القناة في "صناعة العولمة" مِن ناحية، ولكنها العولمة التي استغلتها الدول الكبرى لتتحكم في القناة وفي شروط حركة المرور والتنقل عبرها وحولها لخدمة أهدافها الاستعمارية، ووضعت لذلك العديد مِن الشروط والقوانين؛ حتى لقد تحكَّمت في حركة أبناء مصر والمنطقة والعَالَم؛ وخاصة الحُجَّاج، خوفاً مِن أن ينقلوا أمراضاً وبائية، أو يتبادلوا أفكاراً مُعادية للاستعمار. كما يُظهِر الكتاب أن العولمة التي مورست في القناة مرَّت بمراحل مِن التجريبِ والتخبُّطِ والتناقض؛ وتم فيها استخدام المنجزات العِلْمِيَّة لتحقيق السيطرة الأوروبية التي رفعت الشعارات الأولى للعولمة مِن خلال أدوات عديدة، منها الحَجْرِ والعَزلِ الصحي والتعقيم وغيرها مِن الأدوات التي كثيراً ما كانت تُتخذ كذرائع بأكثر من استخدامها كأسبابٍ حقيقية.

الحداثة الظالمة

وفي هذا السياق تنفذ المؤلفة إلى تفاصيل كثيرة أوضحت كيف كانت العولمة أيضاً أداة للتمييزالعنصري الفج على مُستويات عدة، بداية مِن مُستويات البشر (حسب أعراقِهم، وجنسياتهم، بل وأديانهم)، مروراً بالتمييز بين العابرين للقناة بناءً على طبقاتهم ووظائفهم؛ وصولاً إلى التمييز بين الدول. وإذا كانت أوروبا ادَّعت بأنها نقلت "الحداثة" إلى المنطقة، فإن الكتاب يوضح أنها كانت بعض أشكال "الحداثة الظالمة"، والتي تحقق أهداف العولمة لحساب الشعوب والدول القوية قبل أن تحقق أهداف ما قيل إنه" الرسالة الحضارية" لأوروبا. 

والكتاب لا يوضح أهمية موقع القناة في كل هذه الأمور وغيرها فحسب، بل ويقوم –وفي رحلة طويلة- بتوضيح علاقة ذلك بالاحتلال البريطاني لمصر، وعلاقته بالسيطرة الاستعمارية على مناطق عديدة قريبة مِن القناة أو بعيدة عنها، وصولاً إلى الشرق الأقصى؛ الأمر الذي يعكس أيضاً كيفية استغلال الاستعمار –آنذاك- لذلك الموقع لمصلحته، وعلى حساب المصريين، بل وعلى حسابِ كل شعوب المنطقة. وبهذا فإن الكتاب مُحاولة جادة لكتابة التاريخ في إطار موضوعي وإنساني وعالمي حقيقي، بدلاً مِن كتابته في إطار هضم حقوق البعض لصالح البعض، واستخدام فِكر العولمة لسحق الشعوب الضعيفة. يتكون الكتاب من تمهيد وثلاثة أقسام. جاء التمهيد بعنوان "حركة التنقُّل وحدودها وقيودها". 

القسم الأول عنوانه "القناة كمحطَّة استعمارية وسيطة للترحيل- مكان عالمي وحدود جديدة من سبعينيات القرن التاسع عشر وحتى تسعينياته"، وجاء في ثلاثة فصول هي: "طقوس المرور والتصوُّرات الخاصة بالفضاء العَالَمي"، و"نُظم المرور والقوات العسكرية في منطقة القناة" و"الشركات والعُمَّال". 

أما القسم الثاني "حدود الرسالة الحضارية- تنظيم حركة التنقُّلات شرق السويس خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن التاسع عشر"، فورد في ثلاثة فصول هي: "البدو والقوافل البرية"، و"المراكب الشِراعية وتجارة العبيد في البحر الأحمر"، و"حُجَّاج مَكَّة تحت الرقابة الاستعمارية". والقسم الثالث عنوانه "نُقطة المُراقبة والتفتيش- تتبُّع الميكروبات وتعقُّب المسافرين من تسعينيات القرن التاسع عشر وحتى عام 1914"، فجاء في فصلين:"حركة التنقل الناقلة للعدوى ومنع تسرب الأمراض"، و"حقوق المرور وتحديد هوية الأفراد"، وأخيرًا تأتي الخاتمة بعنوان "طقوس المرور وحقوقه في منطقة قناة السويس وما وراءها".