في إطار محاولة اختراق الشللية التي تسيطر على الوسط الفني، بطبع السيناريو المقروء، صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، سيناريو وحوار الفيلم المطبوع  "حمار من الغرب، للسيناريست عماد يوسف النشار، ويتميز السيناريو بمساحة كبيرة من الكوميديا  الساخرة، والتي تتفجر بتلقائية من خلال المشاهد واللقطات المكتوبة، بعيد عن الافتعال،  كما أن  النص المطبوع يتميز بلغة سينمائية محترفة، حيث الصورة تتكامل مع الحوار في صناعة المحتوى، علاوة على البعد الفلسفي، فعلى الصعيد المحلي ينتقد الكاتب السلوكية السلبية  للأفراد الخارجين عن القانون، والذين يبددون جهود الدولة في  برامج الحماية الاجتماعية، كالإتجار بالدقيق المدعم، علاوة على ظاهرة الغش التجاري، بخلط الوقود بالماء، وغيرها جرائم تنعكس على المستهلك. 

ورغم الإطار الساخر، إلا أن السيناريو على الصعيد الأمني؛ يدعم الدور الكبير الذي تقوم به الشرطة في إطار مكافحة الجريمة، وحماية الأمن الاجتماعي، أما على الصعيد الدولي؛ فنجد أن النص يسخر من الهيمنة الغربية الظالمة، عندما طرح قيام السفارة الأمريكية ببذل كل جهدها؛ لحماية الحمار توني لأنه أمريكي الجنسية، وهذه الصورة الخيالية والتي تبدو كوميدية، تقرع العقل وتدفعه لمقارنة هذا السلوك الغربي المتناقض مع نفسه، ففي ذات الوقت الذي يرفعون فيه حق الحيوان، ينكلون بالإنسان في العالم الثالث وخاصة العالم العربي، حيث يشعلون الحروب، ويفتنون الدول، ويدعمون العدوان، وتبلغ لحظة الذروة في أن قررت السفارة نقل الحمار إلى أمريكا؛ لينعم برغد العش، إلا الحمار نفسه يهرب ويعود إلى العربجي شنطوري؛ لأنه لمس فيه رم شظف العيش؛ معاني التعايش والرفق بالحيوان.

من اللافت للنظر أن عماد النشار رسم الشخصيات بحرفية بالغة الدقة، حيث مسعد ذلك الفتى الحالم بالحياة، الساخر الذي يفجر الكوميديا من خلال المواقف المتناقضة، وأبيه العربجي شنطوري والذي يمثل أيقونة كوميدية، كذلك صديقه جعفر.

 لقد اخترق النص عالم العربجية؛ كشريحة اجتماعية في طريقها للانقراض، وناقش النص ضرورة أن تراعي القرارات التي تصدرها المجالس المحلية؛ عند إلغاء بعض المهن التي لا تناسب طبيعة المناطق الحضارية؛ بأهمية إيجاد فرص بديلة للعمالة، أو ما يعرف اصطلاحًا بعمليات التدريب التحويلي، التي تؤهل الفرد لممارسة تخصص مهني جديد طبقًا للمتغيرات الاقتصادية. 

ويمثل حصول هذا النص "حمار من الغرب" على جائزة المركز الأول بمهرجان الإسكندرية الحالي دورة ممدوح الليثي عام 2023؛ شهادة تميز تؤكد أن مصر بها كفاءات ومواهب لا تنضب، وأكاد أن أجزم بأن هذا النص لو قدر له الظهور؛ سيكون من أهم النصوص السينمائية، لأنها نص يحمل فلسفة السخرية، وعبق الكوميديا التي تحمل خفة الظل؛ ويحسب للهيئة العامة المصرية لقصور الثقافة؛ في أنها طرحت هذا السيناريو للقارئ، أو المنتج الفني الذي يبحث عن نصوص جديدة؛ في طبعة شعبية سعرها جنيه واحد.