28 - 09 - 2024

الشيخ الطيب والمجرم والمسن

الشيخ الطيب والمجرم والمسن

منذ السبت الماضى وجميعنا لا يغادر الفضائيات العربية منها والاجنبية ويتابع بقلبه قبل عينه وبعاطفته قبل عقله ما يجرى على مرمى بصر من حدودنا الشرقية، حيث "غزة " العزه والكبرياء والشموخ، وحيث مرارا وتكرارا نرتقى فوق الجراح ونعبر بحور الّالام ونقفز من شاطىء اوجاعنا لنرقب ونتابع ما يحدث لأشقاء الدم والجيرة واللغة والدين فى فلسطين الجريحة والتى باتت تنزف منذ اكثر من 75 عاما. 

صباح السبت السابع من اكتوبر وأيضا مرة اخرى السبت ومرة أخرى أكتوبر ومرة أخرى عيد الغفران لديهم، هذه المرة قرر الفلسطينيون ان يمنحونا درسا عمليا عما يمكن ان يكون، وتركونا نسأل فى هموم وشجون وجنون لماذا من زمن لم يكن؟

فقط احدثك عن ثلاث شخصيات أرى أنهم نجوم الأسبوع الأول من "طوفان الاقصى" وقطعا بعد نجم الشباك الأول "محمد الضيف" القائد الخفي لكتائب "عزالدين القسام" والذى سنأتي على ذكره فى مقال منفرد إن كان هناك لنا عمر.

اما عن الشخصيات الثلاثة الذين أرى أنهم لاعبون أساسيون فى هذا الاسبوع فهم:

الأولى: هو الامام الطيب بن الطيب "أحمد الطيب" إمام أهل السنة والجامع الأزهر، وللحقيقة أجدنى فخورا ان هذا الرجل صعيدى مثلى ووددت لو انه جمعنى به لقاء وقبلت رأسه ويده لما شاهدت منه من مواقف لا يخشى فيها الا الله واقوال ينطقها ضميره قبل لسانه، فهو العالم المعتدل والوطنى الذى يجمع ولا يفرق ويبسط ولا يعقد ويحبب ولا يجعلك تنفر، هذا الرجل وبعد الطوفان بساعات خرج فى بيان مقتضب قال قولته وغادر ولم يعلق ثانية، قال إنه يخاطب العالم الأعمى والأخرس والمنحاز مؤكدا أن الفلسطينيين ينتمون للبشرية ودافع عن الآرض المحرمة والتى بارك الله حولها، قال قولته ودون أن يوازن لأنه لا يعرف فى التوازنات، يعرف فى الحق والشرع والعرف، ليحدث حلقة جديدة فى سلسلة مواقف واضحة ونارية فى الحق لم يسبقه لها أحد، وتماما اعى ما اقول، وإن كنت أتوقف عند الإمام عبدالحليم محمود وجادالحق علي جاد الحق كثيرا أيضا.

الشخصية الثانية وهي شخصية المجرم التي جسدها النجم محمود المليجى كثيرا، ومعظم الوقت كانت النهاية واحدة "غالبا يتم ضربه وسحله فى هدوء" هذا المجرم هو "بيبى" أو بنيامين نتانياهو رئيس حكومة ذاك الكيان، وللحقيقة هو شخصية أو بطل من ورق يتحدث كثيرا ويفعل قليلا، وأكاد أجزم أنه ما التقى الفصائل الفلسطينية إلا وبدا قويا ومتحدثا ومخاطبا لليهود الشرقيين الأكثر تعصبا ضد العرب هناك، إلا وكانت النهاية كما قررها وكتبها الطرف الآخر، تقريبا شّكل 5 حكومات في إسرائيل ومعظمها لم يكمل مدته وتحالف مع كل أنواع اليمين هناك من أقصاه إلى أقصاه، واحتمى بظهيره الغربى القوي ولكن كان ولايزال يملك آله إعلامية قوية تخططها وتقوم عليها زوجته، ولكن النتائج على الأرض صدام داخلى مستمر وفشل مع الفلسطينيين وإن كثرت الدماء وطال أمد الصراع.

الشخصية الثالثة وهي شخصية "المسن" الرئيس الأمريكي "بايدن" أو كما تسميه الصحافة الجمهورية الأمريكية "مستر اهتزاز" فهو رجل يتعثر فى خطواته ويتلعثم فى حديثه أكثر مما يمشى ويتحدث، وهو صاحب مصطلحات نادرة وقرارات قوية للغاية يحاول أن يخفى خلفها ضعفه بحكم السن وقلة الشعبية هناك، ويكفى ما قاله قبل أيام فقط، وتعليقا على طوفان الاقصى عندما أكد "ليس شرطا أن تكون يهوديا حتى تصبح صهيونيا" والذى يعنى لدينا "مش شرط تبقى مسلم علشان تصلى وتزور الكعبة وتصوم رمضان" وهو رجل منذ فقدان زوجته وابنه بعد فوزه بانتخابات الكونجرس عن ولاية بنسلفانيا قبل 42 عاما، أصبح يستيقظ يوميا ليقول بلغة توفيق الدقن "أنا جدع"، خاطر بما صدعتنا به بلاده عن الإنسانية وعن قانون الحرب وعن أدبيات عدم قتل الأطفال والنساء، ولينتهى به الحديث مؤخرا بجملة "أطالب إسرائيل بمزيد من الحسم والحزم فى التعامل مع أهل غزة"

ويبقى ثالوث الطيب والمجرم والمسن أبرز ما شهدته أدبيات طوفان الأقصى وأكثر الشخصيات التي أوضحت مواقفها دون مواراة أو خجل أو حسابات، مع الفارق بين الأخلاق والإجرام والهذيان.
-------------------------
بقلم: عادل عبدالحفيظ

مقالات اخرى للكاتب

الجامعات الأهلية .. قصص وحكايات وبينهما مخالفات