30 - 06 - 2024

غـزة.. هل نستفيد من الدرس؟

غـزة.. هل نستفيد من الدرس؟

أميركا تتحمل كامل المسؤولية عن دعم الكيان الصهيوني في معركة الذبح الضخمة في الشرق الأوسط، وقد نشرت مجلة Foreign Policy الأمريكية تحليلاً عنوانه “أمريكا هي السبب الجذري للحرب الأخيرة بين كيان إسرائيل وفلسطين”.

فالولايات المتحدة أول دولة تعترف بالكيان كدولة في 14 مايو 1948 عندما أصدر الرئيس هاري ترومان بيان الاعتراف، ومنذ ذلك الوقت، أصبح الكيان ولا يزال أهم شريك لأمريكا في الشرق الأوسط.

والعلاقات الثنائية فيما بينهما قوية، وترتكز على أكثر من ثلاثة مليار دولار من التمويل العسكري الأجنبي سنويًا، وبالإضافة إلى الدعم المالي حيث تشارك الولايات المتحدة الكيان التدريبات والبحوث العسكرية، وتطوير الأسلحة من خلال القوة المشتركة لمكافحة الإرهاب والحوار الاستراتيجي المستمر، وتعاونهما في مكافحة (ما يدعونه بـ) الإرهاب والشراكات التجارية وتعزيز التعاون الاقتصادي في مختلف القطاعات . 

والحقيقة أن الدعم المالي والعسكري من الولايات المتحدة الامريكية للكيان الإسرائيلي الغاصب رغم أنها تاريخية ومعروفة، لكنّها لم تكن بهذا الوضوح على النحو الذي تظهر به امام مرأى ومسامع العالم في صب الزيت على النار بتحريك حاملات طائراتها "جيرالد فورد في  البحر المتوسط والتمهيد لاقتحام غزة بريًا ودعم الكيان الإسرائيلي في مواجهة أهل غزة وقتله الأطفال وحصار المدنين العزل وارتكابهاالمجازر وقصف المستشفيات والمدارس، فلم تسلم البيوت والبنايات والأبراج في القطاع الذي يقطنه أكثر من 2.3 مليون فلسطينيمن القصف الهمجي المتواصل وبصورة غير مسبوقة، واستهدف الحجر والبشر والشجر حرفياً وليس مجازياً ومن لم يمت بالصواريخ يموت هلعا وجوعًا وعطشًا ومرضًا. 

قامت أمريكا التي تتغنى بحقوق الانسان ليل نهار بالتمهيد لما يرتكبه الكيان الإسرائيلي من جرائم بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، من خلال حملة ممنهجة ومنظمة تشارك فيها العواصم الغربية وبخاصةً واشنطن ولندن وباريس وبرلين، من خلال الترويج للتضليل والأكاذيب الهادفة إلى تشويه ليس فقط المقاومة “حماس”، ولكن أيضاً الفلسطينيين داخل القطاع وخارجه، وحتى العرب جميعًا، باعتبارهم متعاطفين مع ما يصفه الاحتلال وداعموه بأنه “إرهاب”. حيث قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، إن واشنطن سترسل مزيداً من العتاد العسكري إلى الشرق الأوسط؛ دعماً لكيان إسرائيل ولتعزيز الموقف الدفاعي للولايات المتحدة والقوى التي تعمل بالوكالة عنها في المنطقة.

وقد أظهرت الأحداث الأخيرة أمريكا والعواصم الغربية على حقيقتها بكل جرأة وتناقض في كيلها بمكيالين من تطلعها للديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والتي تتخذها ذريعة للتدخل فى شؤون الدول دون وجه حق، وعلى الجانب الآخر تدعم وتحرض جيش الاحتلال فيما يفعله من جرائم حرب وإبادة ضد الإنسانية، فالديمقراطية الحقيقية تتعارض مع تقسيم الناس حسب اختلافاتهم الدينية أو الثقافية أو غيرها.

والكيان الإسرائيلي لا يحتاج فيما يفعله سوى إلى شيطان أكبر يمتلك قوة المال والسلاح والإعلام المخادع وتزييف الوعي وتبرير القتل والنهب وقد وجد كل ذلك في أمريكا والعواصم الغربية ومنظمات حقوق الإنسان الخرساء التي لم ينطق أغلبها حتى بالإدانة، لتسقط بذلك الدعايات الزائفة ويتجسد تناقض القوى العظمى عن احترامها الكاذب للإنسان وآدميته وحريته وحقه في العيش.

وأن دعم أمريكا للكيان في منطقة الشرق الأوسط ليس دعمًا اعمى ولكنه دعم يرى  مصالحه، فهل يتحد العرب قبل فوات الأوان إن لم يكن قد فات بعد تخبط طويل وضياع رشد واختلاط الحقائق بالأوهام، ليعلنوا بصدق الاستفادة من درس ثمين يتكرر و تزداد الاستفادة منه بازدياد قسوته، وليس هذا حبًا في فلسطين أو غزة العربية أو دعمًا لها كما تدعم أمريكا فتاتها المدللة "اسرائيل" وإنما إعلاءً لقضاياهم ومصالحهم الحقيقة لا المصالح الزائفة، فالعرب والمسلمين يمتلكون من الموارد والإمكانيات الاقتصادية ما يمكنهم من وقف هذا التوحش الذي يزداد على أوطانهم كل لحظة.

كان الله فى عون الفلسطينيين والشعوب التي ضيعت أمريكا أوطانها باسم شعارتها الخادعة والكاذبة.
-----------------------
بقلم: محمد جلال عبد الرحمن
بريد الكتروني:- 
[email protected]

مقالات اخرى للكاتب

سلطــة المحكمة التجارية في إحضـار شاهـد بالقـوة الجبـريـة في النظام السعودي





اعلان