26 - 06 - 2024

29 أكتوبر 56: العدوان الثلاثي ومذبحة عمال"كفر قاسم" معا

29 أكتوبر 56: العدوان الثلاثي ومذبحة عمال

حتى لاننسى، اليوم 29 أكتوبر يوافق الذكرى السنوية السابعة والستين لحدثين كبيرين في تاريخ الصراع العربي الصهيوني. وهذا فيما دخل عدوان الإبادة الإسرائيلي الجاري ضد الشعب الفلسطيني وفي غزة أسبوعه الرابع.

 الحدث الأول .. بدء العدوان الثلاثي على مصر، وغزو القوات الإسرائيلية في سياق هذا العدوان لقطاع غزة وسيناء، واحتلالهما. وهو العدوان الذي قادته بريطانيا وفرنسا بعد تأميم الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" قناة السويس. وثمة تقديرات تشير إلى استشهاد نحو ألف مدني و 1650 عسكري من أبناء الشعب المصري في هذا العدوان حتى توقفه ليلة 6 و7 نوفمبر 1956. أي أنه استمر نحو 10 أيام فقط، وانتهى كما هو معروف بعد مقاومة بورسعيد الباسلة، و قرار مجلس الأمن الملزم بوقف إطلاق النار، وبعد الإنذار الشهير للزعيم السوفيتي "نيكيتا خروشوف" بالتدخل العسكري وضرب لندن بالصواريخ.

 وكانت تل أبيب تبرر مشاركتها في العدوان الثلاثي بحجج متعددة، ومن بينها:عرقلة القوات المصرية لحركة السفن القادمة إليها عبر قناة السويس ولمرورها في خليج العقبة و مضيق جزيرتي تيران وصنافير المصريتين، وبالفعل بادرت باحتلالهما مع العدوان. ومهدت الدعاية الصهيونية لمشاركة بريطانيا وفرنسا العدوان بشكاوى عن معاناتها "الحصار". وهو ما لا يقارن مع الحصار الجنوني المميت الذي شددته هذه الأيام تل أبيب على قطاع غزة، وبعدوانها المتكرر على معبر رفح. 


الاهرام يوم بدء العدوان29 أكتوبر 2023

كما جاء شن العدوان الثلاثي اعتبارا من 29 أكتوبر 1956 بعد سلسلة من المذابح ارتكبتها قوات الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، وبينها ما وقع في 28 فبراير وإبريل من العام نفسه مخلفة عشرات الشهداء. وهو ما وثقته العديد من المراجع الإسرائيلية والمصرية والعربية وغيرها. ومن بين هذه المراجع موسوعة "اليهود واليهودية والصهيونية" للراحل الدكتور "عبد الوهاب المسيري" والصادرة عام 1999. وقد تشرفت بالمساهمة في كتابة العديد من مداخل الإرهاب والمجازر، وبتوثيق مصادر هذه المداخل من مصادرأجنبية موثوقة، بل ومن مصادر إسرائيلية باللغة الإنجليزية.

ولأن التاريخ موصول بالحاضر والمستقبل، ومن الواجب علينا جيلا بعد جيل أن نبقيه حيا وعبرة. ولذا أعيد هنا نشر المدخل الخاص بمذبحة "كفر قاسم " داخل فلسيطن المحتلة عام 1948، والتي راح ضحيتها 49 شهيدا من العمال الأبرياء العزل، وبينهن عدد من العاملات في الزراعة. 

 وجاء نصا بالموسوعة ( المجلد السابع، ص 154 مدخل  مذبحة كفر قاسم)، والتي تزامنت مع بدء العدوان الثلاثيي على مصر مايلي:

" في 29 أكتوبر 1956 وعشية العدوان الثلاثي على مصر تولت قوة حرس حدود تابعة للجيش الإسرائيلي تنفيذ حظر التجول على المنطقة التي تقع بها قريةكفر قاسم في المثلث على الحدود مع الأردن. وقد تلقَّى قائد القوة، ويُدعى الرائدشموئيل ملنيكي، الأوامر بتقديم موعد حظر التجول في المنطقة إلى الساعة الخامسةمساءً وهو الأمر الذي كان يستحيل أن يعلم به مواطنو القرية، وبخاصة أولئك الذينيعملون خارجها، وهو ما نبه إليه مختار القرية قائد القوة الإسرائيلية. كما تلقَّىملنيكي توجيهات واضحة من العقيد شدمي بقتل العائدين إلى القرية دون علم بتقديم ساعةحظر التجول. "من الأفضل أن يكون هناك قتلى.. لا نريد اعتقالات.. دعنا منالعواطف..".
وكان أول الضحايا أربعة عمال حيوا الجنود الإسرائيليين بكلمة "شالوم" فردوا إليهم التحية بحصد ثلاثة منهم بينما نجا الفلسطيني الرابع حين توهموا أنه لقى مصرعه هو الآخر. كما قتلوا 12 امرأة كن عائدات من جمع الزيتون وذلك بعد أناستشار الملازم جبرائيل دهان القيادة باللاسلكي. وعلى مدى ساعة ونصف سقط 49 قتيلاًو13 جريحاً هم ضحايا مذبحة كفر قاسم. ويُلاحَظ أن الجنود الإسرائيليين سلبواالضحايا نقودهم وساعات اليد.

وقد التزمت السلطات الإسرائيلية الصمت إزاء المذبحة لمدة أسبوعين كاملين إلى أن اضطرت إلى إصدار بيان من مكتب رئيس الوزراء عقبتسرُّب أنبائها إلى الصحف ووسائل الإعلام. وللتغطية على الجريمة أجرت محاكمة لثلاثةعشر متهماً على رأسهم العقيد شدمي. وأسفرت المحاكمة عن تبرئة شدمي حيث شهد لصالحهموشي ديان وحاييم هيرتزوج، بينما عوقب ملنيكي بالسجن 17 عاماً وعوقب دهان وشالومعوفر بالسجن 15 عاماً في حين حُكم على خمسة آخرين بأحكام تصل إلى سبع سنوات. وحظيالباقون بالبراءة
وإذا كانت محاكمة المتهمين الصهاينة قد بدأت بعد عامين كاملين من المذبحة، فإنه قبل عام 1960 كانوا جميعاً خارج السجن يتمتعون بالحرية، حيث أصدرإسحق بن تسفي رئيس الدولة عفواً عنهم. والطريف أن الملازم دهان قد سارع بالرحيل إلىفرنسا معلناً سخطه على التمييز بين اليهود السفارد والإشكناز في الأحكام القضائيةالتي صدرت على مرتكبي مذبحة كفر قاسم".


صورة لعدد من ضحايا مذبحة كفر قاسم
*****

 وبهذه المناسبة، يتمنى المرء أن ترعي جهات وطنية محترمة إقامة متحف للذاكرة يوثق المذابح الصهيونية الإسرائيلية ضد الشعب المصري واشقائه من الشعوب العربية، ومن بينها بالطبع مذبحتي أطفال "مدرسة بحر البقر" بمحافظة الشرقية و عمال مصنع "أبو زعبل"جنوبي القاهرة في غضون أبريل 1970، وحيث استخدمت آلة العدوان وإرهاب الدولة الإسرائيلية حينها أيضا القنابل الحارقة المحرمة دوليا. وأدعو نقابة الصحفيين المصريين لدراسة إطلاق هذه المبادرة مع شركاء، مستندة إلى قدرتها على مخاطبة أرشيفات الصحف، وكذا الصحفيين والمصورين الصحفيين الذين عاصروا هذه المذابح منذ عقود وورثتهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم: كارم يحيى 


(*) صور أرشيفية من شبكة الإنترنت، لعدد من ضحايا مذبحة "كفر قاسم" وللدمار الذي لحق ببورسعيد جراء العدوان الثلاثي  وللصفحة الأولى من أعداد جريدتى "الأهرام" و"الشعب" المصريتين خلال هذا العدوان. 


هذه بورسعيد أيضا بعد العدوان الثلاثي


صورة من صحيفة انجليزية تنشر صورا للدمار في بورسعيد عنوانها الرئيسي رأيت بورسعيد بعد المعركة


عدد 5 نوفمبر لجريدة الشعب الصادرة من القاهرة


مقالات اخرى للكاتب

29 أكتوبر 56: العدوان الثلاثي ومذبحة عمال





اعلان