30 - 06 - 2024

الدار المصرية اللبنانية تبدأ نشر أعمال طه حسين في سلسلة "الكلاسيكيات"

الدار المصرية اللبنانية تبدأ نشر أعمال طه حسين في سلسلة

ضمن سلسلة "الكلاسيكيات" التي تُصدرها "الدار المصرية اللبنانية" للنشر والتوزيع، والتي تهتم بنشر أعمال كبار الكتّاب المصريين والعرب والأجانب، صدرت أول ثمانية كتب من الأعمال الكاملة للدكتور طه حسين، هي "الأيام" و"الفتنة الكبرى" كل منها في جزأين، و"أديب"، و"دعاء الكروان"، و"الشيخان" و"الوعد الحق"، في طبعة جديدة فاخرة

جدير بالذكر أن طه حسين ترَك إرثا أدبيا وفكريا متنوعا، بعضه أثار الجدل بما طرحه من قضايا ظلّت حديث الوسط الثقافي لسنوات طويلة، وتحولت بعض أعماله الإبداعية إلى أفلام ومسلسلات تليفزيونية، وكان أول مَن أطلق على حركة الضباط وصف "ثورة" في أكتوبر 1953، ورحل عن عالمنا في عام 1973 بعد مسيرة أكاديمية وأدبية وثقافية حافلة.

من بين ثلاثة عشر من الإخوة ولد سابعهم، والذي كبر ليصبح "طه حسين" عميد الأدب العربي. في يوم الجمعة في الخامس عشر من شهر نوفمبر عام 1889م في قرية الكيلو التي تقع في محافظة المنيا في صعيد مصر الأوسط، كان ترتيبه السابع بين إخوته، وفي طفولته فقد طه حسين بصره بسبب رمد أصابه في عينيه، إذ يقول البعض أنّه فقده في عمر الأربع سنوات، بينما يقول آخرون أنّه فقده في عمر الثلاث أو الخمس سنوات. وعلى الرغم من ذلك فقد أصرّ والده على إلحاقه بالكتّاب ليتعلّم، وبالفعل استطاع طه حسين أن يحفظ فيه القرآن الكريم، بالإضافة إلى الكثير من الأدعية، والأشعار، والقصص التي حفظها عن طريق السمع. 

وكان يشعر بأن له بين هذا العدد الضخم من الشباب والأطفال مكانًا خاصٍّا يمتاز من مكان إخوته وأخواته. أكان هذا المكان يُرضيه؟ أكان يُؤْذيه؟ الحقُّ أنه لا يتبيَّن ذلك إلا في غموضٍ وإبهام، والحق أنه لا يستطيع الآن أن يحكم في ذلك حكمًا صادقًا. كان يُحِسُّ من أمُّه رحمةً ورأفةً، وكان يجد من أبيه لينًا ورفْقًا، وكان يشعر من أخوته بشيء من الاحْتياط في تحدُّثهم إليه ومعاملتهم له. ولكنَّه كان يجد إلى جانب هذه الرحمة والرأفة من جانب أمِّه شيئًا من الإهمال أحيانًا، ومن الغِلْظة أحيانًا أخرى. وكان يجد إلى جانب هذا اللين والرفق من أبيه شيئًا من الإهمال أيضًا، والازْوِرار من وقتٍ إلى وقت، وكان احتياط إخوته وأخواته يُؤْذيه؛ لأنه كان يجد فيه شيئًا من الإشفاق مشوبًا بشيءٍ من الازدراء. على أنه لم يلبث أن تبيَّن سبب هذا كله، فقد أحسَّ أن لغيره من الناس عليه فضلًا، وأن إخوته وأخواته يستطيعون ما لا يستطيع، وينهضون من الأمر لما لا ينهض له، وأحس أن أمه تأذن لإخوته وأخواته في أشياء تحظرها عليه، وكان ذلك يُحْفِظه، ولكن لم تلبث هذه الحفيظة أن استحالت إلى حزن صامت عميق؛ ذلك أنه سمع إخوته يصفون ما لا علم له به، فعلم أنهم يرون ما لا يرى. وحينها، علم طه الصغير بأنه طفل ضرير. 

الا أن حياة طه الصغير كانت مليئة بالخيال والمغامرات، كخيالاته مع القناة المسحورة وكائناتها السحرية وعفاريتها التي تارة ما أراد خوض المغامرات معها وتارة أخري خافها وخشي بطشها.أما جيرانه ومن حوله ممن شكلوا دنياه فمنهم العدويون وكلابهم التي لا يهدأ نباحها، وخوفه من جاره "سعيد" الأعرابي وزوجته "كوابس" ذات الحلق الذهبي الكبير بأنفها. استمرّت رحلة طه حسين التعليمية، فبعد أن أتمّ حفظ القرآن الكريم كاملاً، واطّلع على معظم أصول ومفردات وألفاظ اللّغة العربية، انتقل إلى الأزهر في عام 1902م، واشترك في دروس المبتدئين لمدّة ثلاث سنوات، كما حضر آخر درسين ألقاهما الشيخ الإمام محمد عبده قبل وفاته في عام 1905م، ثمّ تدرّج ليشترك في دروس المتوسطين في الفقه والنحو في الفترة الممتدّة بين عاميّ 1905-1907م، وبعد ذلك حضر الدروس مع الطلبة المتقدّمين. لكنه لم ينس ابداً يوم ناداه أحد الممتحنين قائلا: "أقبل يا أعمى". وبرغم انه أسرّها في نفسه إلا أنه لم ينسها قط وقد ذكر هذه الحادثة في كتابه "الأيام". 






اعلان