24 - 06 - 2024

القمة العربية 11 نوفمبر على الهامش : شاهد ماشفش حاجة !!

القمة العربية 11 نوفمبر على الهامش : شاهد ماشفش حاجة !!

لم يكذب السيد حسن نصر الله عندما أعلن أن هجمات المقاومة الفلسطينية يوم السابع من أكتوبر المجيد لم يعلم بها أي طرف أقليمي .. وأزيده من الشعر بيتا : ولا حتى القيادات الحمساوية خارج قطاع غزة كانت تعلم توقيتها ، بما فيهم السيدين خالد مشعل واسماعيل هنية الذين أقسما داخل الديوان الأميري في الدوحة إنهما لم يكونا على علم (المصدر: قيادة حمساوية).

عموما ، أعادت لنا المفاجأة الاستراتيجية والتكتيكية التي حققها رجال المقاومة بقيادة حماس يوم السابع من أكتوبر الفائت بعضا من ذكريات حرب اكتوبر 1973 عندما أقدمت القوات المسلحة المصرية على عبور القناة والاستيلاء على خط بارليف يوم السبت الموافق عيد الغفران في اسرائيل في مفاجأة لم يتوقعها قادة الكيان..

بيد أن الأمور لا تقاس بالمفاجأت ، رغم أهميتها القصوى في الشئون العسكرية والقتالية ، إنما بالنتائج السياسية المترتبة على المفاجأة .. الرئيس الراحل انور السادات أعلن للعالم أن المفاجأة العسكرية التي حققتها القوات المصرية يوم عيد الغفران اليهودي ، كانت تهدف في المقام الأول إلى تفكيك حالة الجمود (اللاحرب واللا سلم) وتحريك القضية بهدف الوصول إلى "تسوية" تنهي احتلال إسرائيل لسيناء .. كذلك الحال في غزة ، أقدمت المقاومة الفلسطينية على عمل عسكري مذهل ليس من أجل تحرير فلسطين ( فعل يتجاوز حقائق القوة والانحياز الغربي والتطبيع العربي) إنما من أجل تحريك القضية ووضعها على رأس "المنغصات" الغربية والعربية بمشتملاتها الجيوسياسية والإنسانية ، وهذ في حد ذاته أولى مكاسب الشعب الفلسطيني الذي يقاتل بلا دعم أو مساندة إقليمية تقريبا ، إلا من رحم ربي.  

تحت الأرض وداخل أنفاق غزة ، تبدو المقاومة الفلسطينية ، كطبيب يجري عملية قيصرية لولادة متعثرة منذ عقود.. وفوق الأرض تجري محاولات حثيثة لإجهاض الولادة .. كيف ومن أي طرف ؟

المحاولات في الشكل والمضمون .. في الشكل يؤكد لي مصدر قريب الصلة بدوائر السلطة االفلسطينية في رام الله أن ضغوطا هائلة من واشنطن ولندن وباريس وبرلين والإمارات والسعودية لانتزاع إعلان من ابو مازن بأن حماس جماعة إرهابية ، قبل أن يتم السماح له بركوب قطار "التسوية" الذي تعد به اسرائيل وامريكا كشرط لوقف إطلاق النار والبحث في ملف غزة قبل التوقيع على حل الدولتين ..

في المضمون ، لا يجب السماح للمقاومة االفلسطينية تحقيق أي مكاسب قد تعود بالضرر على مصالح إسرائيل ( ومعها الغرب) ودولة الإمارات والمملكة .. الإمارات تقيم علاقة استراتيجية مع إسرائيل تهدف أولا لتحقيق مكاسب اقتصادية ، حيث أبرمت الدولتان عددا من الاتفاقات التجارية، ارتفع بموجبها عدد الشركات الإسرائيلية الناشئة العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية والزراعة في البلد الخليجي ، خصوصا دبي الباحثة عن شركاء جدد في قطاعات السياحة والتكنولوجيا والأعمال

وقد، بلغ حجم التبادل في قطاع الأعمال بين الجانبين في شهر أغسطس/2020 نحو 500 مليون دولار، دون الاستثمارات من اتفاقات حول السياحة والطيران والخدمات المالية، وقام حوالي 200 ألف إسرائيلي بزيارة لإمارات خلال 15 يوما بعد إقامة العلاقات بين البلدين، برعاية الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب ، يضاف إلى ذلك، موافقة الولايات المتحدة العام على بيع ما قيمته أكثر من 23 مليار دولار من الطائرات المقاتلة من طراز "اف-35"والطائرات من دون طيار إلى الإمارات بعد اعترافها الدبلوماسي بإسرائيل .. إلا أن الدافع الخفي وراء الموقف الإماراتي من انتصار المقاومة هو التخوف من إجهاض مشروعاتها الضخمة في ميناء حيفا الأسرائيلي إذا لم تحكم الأخيرة قبضتها على الضفة وغزة.

المملكة هى الأخرى وتحت ضغط الهاجس الأمني الإقليمي والتخوف من أيران باعتبارها العدو الأول والوحيد ( اعتراف سعودي) اتفقت مع الولايات المتحدة على أن تكون إسرائيل "الكفيل" الأمني لها في مواجهة الخطر الإيراني وتولى مهام الردع الاستراتيجي لإيران إذا ما فكرت في تهديد المملكة نيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية .. صحيح أن السعودية ستحتضن قمة عربية من أجل فلسطين في الحادي عشر من الشهر الجاري ، إلا أن تلك القمة يتم عقدها على هامش القمة العربية الأفريقية المزمع عقدها في الرياض يوم 11 نوفمبر الجاري ، وقد رأت السعودية أن تعقد القمة في هذا التوقيت المتأخر لضمان وجود القادة العرب المشاركين في القمة .. وحتى كتابة تلك السطور لم ينجح المندوبون الدائمون في الجامعة العربية في الوصول إلى حد أدنى من قرارات تتناسب مع المجازر الإسرائيلية في غزة .. السعودية أوقفت قطار التطبيع مع إسرائيل لكنها لم تلغ رحلاته مشترطة تحقيق السلام مع الفلسطينيين رغم قناعتها أن " الحدأة لا ترمي كتاكيت" ولا تمانع هي الأخرى من تجريم حماس ووصفها بالإرهابية.

مصر والأردن والسلطة الفلسطينية ومعهم كثر من الدول العربية يرفضون فكرة تجريم حماس ووصفها بالإرهابية ، وسينجحون في منع هذا اللغو السياسي ، والمؤكد أن القمة العربية المزمعة في 11 نوفمبر ستكون مثل سابقاتها ، مجرد شاهد ماشفش حاجة

أخيرا لا يتبقى إلا الرهان على ثلاث :

1ـ الإرادة الفولاذية للشعب البطل في فلسطين المحتلة ، وهذا رهان رابح سلفا.

2ـ المد الشعبي الصاعد في امريكا وأوروبا الرافض للعنصرية الصهيونية .

3ـ غرور القوة الإسرائيلية .. هذا الغرور الذي يتكرر منذ فجر التاريخ ويطيح بأمبرطوريات كانت اقوى من اسرائيل وامريكا والغرب بمرات ومرات بمعاير زمنها .. غرور القوة الذي يشبه الدب الذي يقتل صاحبه...غرورالقوة يعمى الأئتلاف الإسرائيلي الحاكم عن رؤية المصلحة الوطنية لبلاده (فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) .
----------------------------------
بقلم: أحمد عادل هاشم

مقالات اخرى للكاتب

الشارع لمين ؟





اعلان