26 - 06 - 2024

في ندوة عن أدب المقاومة: ٢٥ مبدعا يتراشقون بالأفكار حول سبل مواجهة مجازر إسرائيل ووقف محرقة غزة

في ندوة عن أدب المقاومة: ٢٥ مبدعا يتراشقون بالأفكار حول سبل مواجهة مجازر إسرائيل ووقف محرقة غزة

مثقفون ومبدعون يجيبون عن سؤال الساعة في ندوة بملتقى الشربيني الثقافي:
* هل هذا وقت التضامن والمساعدة .. أم تفنيد أفكار حماس وارتباطها بالإخوان؟
- تدمير غزة وإبادة اهلها ابادة جماعية  كشف أكذوبة العالم الحر
- أطماع الغرب واسرائيل في سيناء تفرض على مصر بناء الإنسان أولا .

- الأحلام  الصهيونية في التهجير والتوطين وتصفية القضية الفلسطينية تتحطم على صخرة المواقف المصرية
- الخوف على مصر من فقر الفكر والطموح والعقول .. لاتدعوا مصر تشيخ في مكانها، فتظل خارج التاريخ.

* حسام الحداد : حماس قامت بعملية غير مدروسة .. كيف هربت السلاح ولم تهرب الماء والغذاء والدواء؟
* محمد الشافعي : شهداء المقاومة ثمن صغير لتحرير فلسطين ..واسرائيل ليس فيها مدنيون فهي  عصابات استلبت الأرض
* سعيد السبكي: لاتصدقوا تعاطف الشعوب الاوربية مع غزة.. والمتعاطفون مع فلسطين تجهض كلماتهم ويعتم على أفكارهم.
* محمد عبد الباسط عيد: نصف الخراب والدمار والقتل والجراح الناجمة في العالم صناعة أمريكية
* د. رمضان الحضري: الاديب والمبدع لديه العديد من الوسائل والاساليب للمقاومة .لم اذق طعم النوم منذ بدء تدمير غزة.

* الشاعر مسعود شومان: الأدب الشعبي حافل بنماذج بديعة من أساليب وفنون المقاومة .. فالأغنية وحدها مقاومة.
- بيرم وفؤاد حداد وجاهين .. تركوا تراثا من الشعر  المقاوم والكابتن غزالي اشتهر بأغانيه في مدن القناة  .
- الفرق  الشعبية المصرية مثل فرقة ولاد البلد آزرت المقاومة بالبندقية أيام التهجير من مدن القنال .
* محمود الشربيني: الشعب الذي يستشعر الخطر واتون النار ويخرج تلقائيا ليعلن افتداءه للوطن لابد من مكافأته بإنهاض مصر من جديد وكأنها طائر فينيق
- الأولويات يجب أن تتغير ووسائل المواجهة ستبقي المدرسة و المصنع  والسنبلة والماكينة .
- الفكر والأدب والثقافة والفنون اسلحة نهضة مصر ..تعلمنا قديما أن هناك  يدٌ  تبني وأخري تصنع وتحمل السلاح.
- تشغلني لحظة خطر يتدافع  فيها الغزاويون هربا من النيران .. مواجهتهم بالقوة تجعلنا مثل مجرمي إسرائيل واذا تركناهم فسنخسر أرضهم وأرضنا!

* د. محمد السيد اسماعيل : أدب المقاومة ظهر مع نكسة يونيو ٦٧ والرواية المصرية كشفت عنصرية وعدوانية الكيان الصهيوني
- أحمد وداوود لفتحي غانم وشرق النخيل لبهاء طاهر وموسم الفراشات لأسامة حبشي أعمال بارزة تنتمي لأدب المقاومة
- المسرح لعب دورا كبيرا فى الستينيات مثل "اليهودى التائه" ليسرى الجندى ولدينا أجيال من الشعراء قاوموا عدوانية العدو الخارجي والفساد والاستبداد الداخلى

* هاني منسي :القضية الفلسطينية معقدة وقد لاتجد حلا في جيلنا .. والانقسام الفلسطيني أضَّر بها


تحولت ندوة "أدب المقاومة" علي وقع محنة غزة المنعقدة بملتقى الشربيني الثقافي بفرع شبين القناطر إلي تراشق بالافكار والمعلومات ، وجدل بين السياسة والادب ، شارك فيه اكثر من ٢٥ مبدعا وكاتبا وناقدا وباحثا ومواطنون عاديين . ومثلما هناك انقسام فلسطيني ناجم عن خلافات عميقة بين حركتي فتح (وهي  الأصل في المقاومة،كون منظمة التحرير التي انشئت في الستينات هي المنظمة الأم ) وحركة حماس ( المقاومة المسلحة الإسلامية) ، انقسم رواد الملتقي وضيوفه  المشاركين في الندوة بين مؤيد للمقاومة (الأغلبية العظمي) ودورها البطولي في إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعد أن كادت تموت وتندثر وظن العالم أنها خبت وخمدت ، وأن الجسد الفلسطيني الذي أنهكته الاعتداءات - بالقتل واثخان الجراح،  وتدمير البيوت وإهلاك كل أنواع ومقدرات الحياة ، باستخدام كافة فنون وأساليب  ومهارات القتل والدمار  الجماعي- مات وانتهي!

كان الباحث حسام الحداد والشاعرة أمينة عبد الله والقاص هاني منسي الأصوات الثلاثة المعارضة في الندوة لحركة حماس، كونها كما تقول أمينة (وحسام) الذراع العسكري لجماعة الاخوان، وكذلك لعملية طوفان الاقصي التي وصفها الحداد بأنها غير مدروسة، وقال: كيف تقوم حماس بالتخطيط لعملية لا تعرف نتائجها وتدعي انها مدروسة جيدا؟ ألم يكن حصادها حتي الآن آلاف الارواح (قولوا قتلي قولوا شهداء ايا كان ماتقولون) ؟ كيف درسوا وخططوا كما يقولون من دون أن يضعوا في حسبانهم المياه والغذاء والدواء؟ حسبوا حساب السلاح فجلبوه بالتهريب، لكنهم لم يهتموا بالدواء ولا بالغذاء!

الوجوم والصدمة والدهشة ارتسموا علي وجوه الحضور، فأمعن الباحث حسام الحداد - وهو متخصص في شئون الحركات الاسلامية-  في تغذية هذه الصدمات وهذا الوجوم بقوله: ماذنب المدنيين الابرياء الذين راحوا ضحايا بعدما قامت حماس بعمليتها. وأضاف : عندما اندلعت المقاومة في مصر ضد الاحتلال الاجنبي، لم نقم بالاعتداء علي مدني واحد!
ويبدو أن ذاكرة الحداد لم تسعفه بتذكر أن القوات الإسرائيلية في فلسطين هي كلها قوات احتلال ، وأنهم جميعا ضمن حالة التعبئة العامة في الكيان .. ورد عليه الكاتب الصحفي ومؤرخ البطولات الأكتوبرية محمد الشافعي، فقال إن الكيان أساسا عبارة عن عصابات تحولت إلي جيش منظم وعلي مدي سنوات دعمه من أميركا وأوروبا لتقويته (وفقا لبايدن فإنه لو لم تكن إسرائيل موجودة لاخترعناها!) واصطنع لهذا الجيش دولة! جيش الاحتلال الاسرائيلي هو جيش لدولة محتلة، تعلم تماما أنه لا حقوق لها في أرض فلسطين، لكنها حذت حذو المهاجرين من انجلترا وأوروبا ونزلوا في أراضي الهنود الحمر، الذين كانوا السكان الأصليين للولايات المتحدة، فأبادوهم واحتلوا أراضيهم واستعمروا هذه الأراضي، ثم صنعوا منها أميركا أعتي دولة احتلال واستعمار في العالم .


مدنيون أم جند صهيون ؟
المدنيون الذي ضاق "الحداد" ذرعا بقتلهم وتعاطف معهم باعتبارهم أبرياء لأنهم ليسوا مسلحين، هم أساسا محتلون مغتصبون ، كما قال الشافعي وكما قال الشربيني في كلمته: لقد اغتصبوا اراضي الفلسطينيين وطردوهم منها وشتتوهم وعلي مدي ٧٥ عاما مضت وهم يمعنون فيهم القتل ويمارسون كافة فنون واساليب القتل وإثخان الجراح وتدمير المنازل وأسر الابرياء العزل بلا هواده. يقتلون الاطفال والنساء بشكل ممنهج خوفا من هزيمة ديموغرافية بالأساس، بسبب التفوق السكاني لاهل فلسطين .كيف يكون الاسرائيليون الغزاة  المحتلون الوافدون على اصحاب الحق الأصليين مدنيون؟ كيف وهؤلاء أساسا جزء من حالة التعبئة العامة حين إعلانها؟ كيف وجرائم المستوطنين بحق الابرياء العزل من الفلسطينيين تملأ سمع وبصر العالم وتعرض علي شاشاته كل لحظة، رغم اتفاقيات اوسلو. ورغم مفاوضات السلام ، ورغم قرارات مجلس الامن .. ورغم كل مبادرات السلام الاجنبية (حل الدولتين) والعربية (السلام مقابل الارض) رغم كل هذا لم يتوقف المجندون الاسرائيليون يوما عن قتل اي طفل او امراة أو شاب او شيخ في أي مكان علي ارض فلسطين؟



المدنيون الضحايا  من هيروشيما إلى بحر البقر
وتساءل د. محمد عبد الباسط عيد وآخرون: وماذا عن المدنيين بالملايين الذين ضربتهم اميركا بقنابل نووية في هيروشيما ونجازاكي؟ إن نصف الخراب والدمار والقتل والجراح الناجمة (بسببها)، فضغطة زر علي جوجل وحدها تعطينا تاريخا مشينا لا انتهاء له ووصمة عار في جبين الاميركيين ..الذين لم يتورعوا عن ضرب المدنيين في اي بلد ارادوا تدميره ، وذكر الناقد والكاتب محمد عبد الباسط عيد بما حدث من دمار للعراق وسوريا وليبيا وافغانستان من قبل .ويضيف مؤسس ملتقى الشربيني الثقافي بعدًا اخر باستذكار ماحدث من الاسرائيليين مع المصريين فيقول: وماذا عن الاف المصريين الذين ضربوا بالنابالم في ابوزعبل وبحر البقر  وابو سلطان وبئر سبع وأم الرشراش! المقاومة للاحتلال مشروعة وواجبة وضرورية، بصرف النظر عن الاثمان الفادحة لها، فاذا اعتبر "الحداد" ان العملية الحمساوية غير مدروسة لأن ضحاياها بلغوا نحو ٩ الاف فلسطيني، وأنها لاتعتبر نجاحا او انتصارا ، فان" الشافعي "يرد قائلا انه ثمن قليل، وحتي لو كان كثيرا فلابد من دفعه. 

ويضيف الشربيني: لا يمكن ان نتجاهل ان عملية طوفان الاقصي اعادت القضية الفلسطينية إلى واجهة الصورة في العالم بعد أن تصور أن المقاومة انتهت وانها لم تعد موجودة وان إسرائيل تمضي قدما في مسيرتها بلا تهديد.
ويعتبر "الحداد"- ومن قبله الشاعرة أمينة عبد الله - ان حماس هي ذراع الاخوان، وانها بحكم انتمائها العقائدي لايعنيها  الوطن ، وانها صنيعة اسرائيلية ، وانها تنفذ مخططات اسرائيلية، وان هدف طوفان الاقصي هو الوصول إلى تهجير الفلسطينيين من غزة إلي مصر. ووجهت امينة عبد الله نقدًا شديدًا للحركة كونها بالفعل وضعت مصر في موقف صعب وخطير، فكل حدود مصر من الجهات الاربعة (ليبيا وفلسطين والسودان) حدود ملتهبة، فيما يحذر محمود الشربيني من لحظة خطر قد تفاجأ بها مصر، وقال انه تحت وابل من القصف العنيف واندلاع النار ولعلعة البارود الدائم في غزة قد لايجد الغزاويون مفرًا من التدافع نحو المعبر، ويصلون باحساس تساوي الموت مع الحياة، إلي حد اقتحام المعبر والوصول الي مناطق تكون آمنة في مصر، وفي هذه اللحظة إما أن يفتح المصريون النار عليهم، فيتساوون امام العالم العربي والغربي مع القتلة الصهاينة المجرمين، او تصبح مناطق سيناوية غزة جديدة على أرض مصرية .


رؤية صحفي مصري يعيش في هولندا
الكاتب الصحفي سعيد السبكي وهو صحفي سابق بالوفد ورئيس تحرير موقع تايم نيوز أوروبا بالعربي تحدث في بداية الندوة .. ولفت الانظار إلى أن ما يروج له الاعلام عندنا بشأن التعاطف -الشعبي-  مع غزة ليس الا صورة مخادعة لا قيمة لها، وان هذا ليس مؤثرا ، حتي إذا كتب كاتب غربي في صحيفة أو موقع مقالا متعاطفا مع الفلسطينيين أو منددا بتصرفات اسرائيل الهمجية، فإن مايكتبه يتم اجهاضه فورا ويحدث عليه تعتيم تام . وقال إن هناك في اروقة صناع القرار في هولندا شخصيات من اصول عربية لكنها لم تساهم في تقديم أي دعم للفلسطينيين، منهم نواب برلمان ووزراء وسياسيون. وهنا اختلف معه الحداد إلى حد الاشتباك الفكري، فيما اكد الدكتور محمد عبد الباسط عيد أنه لو كان هؤلاء فعلا يمتلكون هذه القوة والنفوذ في هولندا لكانوا حكموا هولندا وليس مساعدة الفلسطينيين.


دمار غزة .. يدمي قلب د. الحضري
وانتقل الحديث إلى عمق عنوان الندوة ، فالناقد د. رمضان الحضري قال في مستهل مشاركته إن فلسطين هي جرحنا النازف وأن إسرائيل دولة احتلال يجب مقاومتها بكل الوسائل ، وأن ماحدث يوم السابع من اكتوبر هو مثار فخر لنا جميعا. واضاف: رغم هذه العملية النوعية للمقاومة إلا أن اغتيال الانسانية والبراءة والطفولة وهذه المذابح التي ترتكب بحق اهلنا في غزة تدمي قلبي فلا يعرف النوم طريقا لي.
أما ادب المقاومة ففي رأيي أن الاديب او المبدع يقاوم بكل السبل، الكتابة مقاومة ، والتعبير والمشاركة بالرأي ، مثلما نفعل هنا .. هذا دور المبدع .. وفي الكلمة شد للأزر ودعم للصمود ومقاومة للعدوان .

تأصيل لأدب المقاومة
قدم  الشاعر والناقد الدكتور محمد السيد اسماعيل تأصيلا لفكرة أدب المقاومة ومتي ظهر فقال: ظهر أدب المقاومة بعد نكسة السابع والستين وميلاد حركة فتح الفلسطينية، التى بدا  كأنها تحيي الأمل فى روح الأمة العربية بعد انكسار 67، وكان د.غالى شكرى من أوائل من أشاع هذا المصطلح كوصف لشعراء المقاومة داخل فلسطين المحتلة مثل إبراهيم طوقان وعبد الرحيم محمود وفدوى طوقان وصولا إلى سميح القاسم ومحمود درويش .

- وللإجابة عن سؤال :كيف يشارك المبدع فى المقاومة؟ قال: ينبغى أن نفرق بين الحرب والقتال، فالحرب أكثر شمولا ومنها الحرب الإعلامية وحرب الوعي والحرب النفسية، بينما القتال هو الاحتكام إلى السلاح كآخر مرحلة للحرب. ولاشك أن اتساع مفهوم الحرب والمقاومة يمنح الأدب دوره فى المشاركة، عندئذ تصبح الكلمة، التى تكشف زيف ادعاءات العدو وتوضح معاناة الشعوب تحت الاحتلال، سلاحا لايقل أهمية عن الأسلحة الحربية وقد شاركت الرواية المصرية فى تحقيق هذا ويمكن أن نذكر منها "أحمد وداود" لفتحى غانم و "شرق النخيل" لبهاء طاهر اللتين كشفتا عنصرية وعدوانية الكيان الصهيونى، كما لعب المسرح دورا كبيرا فى الستينيات مثل "اليهودى التائه" ليسرى الجندى ناهيك عن أجيال الشعراء التى قومت الفساد والاستبداد الداخلى وعدوانية العدو الخارجى.كما أنوه في هذا السياق إلى رواية موسم الفراشات للأديب أسامة حبشي - وهو روائي وقاص وكاتب سيناريو مصري ومخرج مستقل درس السيناريو والإخراج في معهد فيللييني، ويعمل في المجلس الأعلى للثقافة، وقد حضر الندوة بمعية الشاعر القدير والباحث المتميز  في الفولكور مسعود شومان، والرواية عمل سردي يسعى لاستعادة روح مقاومة الاحتلال ليس عبر العنف ولكن عبر الحلم بالحرية، وعبر حياة بطل الرواية الذي يحلم في بلده المحتل بأن يكون حامل الورد. ويروي العمل مأساة أسرة شردها الاحتلال.

جذور الصراع العربي - الصهيوني

الكاتب الصحفي والمؤرخ محمد الشافعي قدم رؤية متكاملة عن الصراع العربي-  الصهيوني،. والذي يعود الي ما قبل وعد بلفور عام ١٩١٧، واستعرض ما جري منذ النكبة الكبري في ١٩٤٨، والمذابح التي جرت بعدها، والأحداث التي جعلت من القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية، معرجا على المعارك التي جرت علي الجبهات المصرية والعربية مع الكيان الصهيوني، بدءا بالعدوان الثلاثي عام ١٩٥٦، ثم عدوان يونيو ٦٧ ،ثم حرب اكتوبر ٧٣ التي حققت فيها مصر انتصارا كبيرا علي العدو الصهيوني، منوها بان إسرائيل التي اقتطعت مساحات من الاراضي العربية منذ النكبة، استطاعت علي مدار ٧٥ عاما أن تقتطع حوالي ٨٠ بالمائه من أراضي فلسطين، ومع هذا لم تكتف ولن تكتفي، في حين أن المطالبات الآن بالعودة إلي خطوط ما قبل الخامس من يونيو ٦٧  لا تحقق إلا ٢٠٪ فقط من الأراضي المحتلة. وبينما شدد الشافعي علي أن مصر تواجه محاولات الصهاينة في تهجير  الغزاويين إلي سيناء ، وأن موقف مصر الحاسم  وقف بحسم كالصخرة أمام  هذا الأمر ، لأنه يعني تصفية القضية الفلسطينية، فان الدكتور الحضري تذكر ان الفلسطينيين أكدوا أن الجنة اقرب اليهم من الهجرة .

الفلكلور والشعر المقاوم

الشاعر الكبير مسعود شومان - رغم إشارته إلي أنه جاء رأسا من عيادة الطبيب وجلسات العلاج الطبيعي - ساهم في إثراء الندوة، باستذكار أن الفولكلور مقاومة .. بكل أساليبه وفنونه وأدواته .. والادب الشعبي حافل بنماذج بديعة من هذه الألوان والفنون، الشعراء الكبار من بيرم وفؤاد حداد وجاهين قدموا أشعارا مقاومة، ونوه بالفرق الفنية الشعبية المصرية التي آزرت المقاومة بالبندقية أيام التهجير من مدن القناة بعد نكسة يونيو ٦٧ والتي لعبت بقيادة الكابتن غزالي دورا مهما في حشد المقاومة ودعمها لمواجهة العدوان الصهيوني.

اما الكاتب والقاص هاني منسي فقد اعرب عن رايه قائلا: فلسطين، القضية الأزلية الأبدية أو على الأقل قضية جيلي، قد لا تحل في حياتنا، هذه ليست صورة سوداوية للأمور لأنه على مدار سنوات، ويخطط مدروسة نجحت إسرائيل وأعوانها في اختزال وتقليص الدفاع العربي عن القضية الفلسطينية في الدفاع عن غزة، واختصار شعب غزة في حماس، واختصار حماس في القسام، والمعروف على مستوى العالم إن حماس والقسام (يعتبرها الغرب) منظمة إرهابية، ويضعنا في موضع الدفاع عن منظمة إرهابية، الآن يجلس نتنياهو وبايدن وأعوانهما على أطلال غزة يخرجان لسانهما للعرب، المختلفون دائما وأبدا، وبدم بارد يقتلون ولا مانع لديهم أن يضحوا بعدد من شعوبهم من أجل إنجاح خطتهم، لا يهمني أن كانت حماس إرهابية أو وطنية، فالموضوع معقد وله أكثر من بعد، ومتعلق بطبيعة ما يجري في الدول العربية وسياسات الحكام العرب، وما ترتب عليه من درجة وعي الشعوب، خصوصا الأجيال الجديدة وما تم تدميره من أنظمة تعليم عقيمة وهشة في نفس الوقت، لكن مع كل هذا الشعب العربي - وأخص بالذكر هنا الشعب المصري- أدعى أنه مع القضية الفلسطينية أكثر من بعض الفلسطينيين أنفسهم، وهنا مربط الفرس، كيف حال الفلسطينيين الآن، مهلهلون، مشتتون، إن لم يتحد الشعب الفلسطيني، لن تكون له قائمة، إن لم يكفوا عن التناحر فيما بينهم ويكون لديهم مبدأ فلسطين أولا، فلن يكون هناك ضغط على الرأي العام العالمي والدفع بقضيتهم هناك تخوين بين فصائل الشعب الواحد. حماس - في رأيه - تتجر الآن بدم الفلسطينيين، وهنا أتذكر كلام ثروت الخرباوي في ملتقى الشربيني الثقافي في ندوة عن محاربة الفكر الإرهابي قال فيما معناه أن جماعة الإخوان الإرهابية هي صناعة صهيوماسونية. وفي رأيي أن ما تفعله حماس يضر بالقضية الفلسطينية أكثر من أي فصيل في فلسطين، وتقدم غزة على طبق من فضة لليهود، لو كان غرضهم الدفاع عن القضية الفلسطينية لماذا إذا تدخلوا في ثورة؟ لا ننكر أن طوفان الاقصي أعادت القضية الفلسطينية مجددا على طاولة العالم للنقاش مرة أخرى، ولم تستطع الحكومات هذه المرة تعتيم وتشويه صورة الفلسطيني، لكن ثمن إعادة القضية مرة أخرى لبؤرة الاهتمام كان فادحا وأتساءل :هل أرواح آلاف الأبرياء التي أزهقت ستحل القضية؟

ندعم حماس لأنها مقاومة ونخشاها لأنها إخوان

الصحفي محمود الشربيني اختتم اعمال الندوة بقوله: مايخيفني اليوم في هذه اللحظة ليس حماس وكونها ذراعا للإخوان، وإنما يخيفني ذلك مستقبلا، وهذا هو المسكوت عنه .. لأن هناك إشكالية كبري، فنحن ندعم حماس لمقاومة إسرائيل وقد نخشي حماس لأنها كتابعة للاخوان ستكون شوكة في الخاصرة. هذه مسؤلية هذا البلد .. هذا هو المطلوب منا بالضبط .. أن تكون مصر قوية وقادرة. محنة غزة مثلما كشفت أن "العالم الحر" أكذوبة ، كشفت  أيضا أن مصر وارضها ستظل مطمعًا. وأن الحل في قوة مصر وتماسكها من الداخل. كل الملفات يجب أن تفتح: بناء الانسان أولا. تعليمه وتربيته وصحته . أزماتنا الاقتصادية  العاصفة .. الفساد .. التجاوزات. الشعب الذي يستشعر الخطر وأتون النار ويخرج تلقائيا ليعلن افتداءه للوطن، لابد أن يكون لذلك ثمن . الثمن نهضة مصر من جديد وكأنها طائر فينيق يصعد من تحت الرماد. الأولويات يجب أن تتغير، وسائل المواجهة ستبقي المدرسة و المصنع  والسنبلة والماكينة.. العلم والفكر والادب والثقافة. تعلمنا قديما أن هناك يدٌ تبني وأخري تصنع -وتحمل - السلاح .. والسلاح هنا هو كل شيء من الابرة إلى الصاروخ .  المواجهة ليست بالتشييد والعمران فحسب، وانما بالفهم والوعي والعقل والدماغ . نقد التراث ..والافكار ..كثيرون انتقدوا الخطاب الديني العقيم ، لكن ملايين - كنت من بينهم - ثمنوا رسالة الرئيس إلى العالم: التهجير فيه تصفية للقضية الفلسطينية وتدمير لمعاهدة السلام . مهمتنا الآن هي إعادة الروح للجسد..وزراء..نواب ..مراكز ابحاث .. جامعات .. مسارح .. إعلام .. تليفزيون .. اختيار الكفاءات .. التغيير حان أوانه لنهضة مصر. الخوف كل الخوف على مصر من فقر الفكر وفقر الطموح وفقر العقول وفقر الاشخاص . لاتدعوا مصر تشيخ في مكانها، فتظل  خارج التاريخ كما يقول المثقفون وعلماء الاجتماع!  






اعلان