29 - 06 - 2024

عن عجز إسرائيل أمام بطولات المقاومة الفلسطينية

عن عجز إسرائيل أمام بطولات المقاومة الفلسطينية

لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون واقع القضية الفلسطينية بعد 7 أكتوبر 2023 مثلما كان عليه واقعها قبل هذا التاريخ. لقد أنهى هذا التاريخ لدى الكثيرين وهماَ ظل قائماَ لعقود ومفاده أنه لا قوة في المنطقة تستطيع أن تقدم شيئا لقضية فلسطين، لا على المستوى العسكري ولا على المستوى السياسي، نظرا لأن إسرائيل هي التي تملك القوة والنفوذ والمال والدعم الأمريكي الغربي. 

وظلت إسرائيل تعربد في المنطقة كما يحلو لها؛ معتمدة على هذا الواقع الذي سعى بعض العرب بكل أسف لتكريسه عبر اتفاقيات تطبيع مجانية وهرولة نحو إسرائيل وإظهارها في مظهر الحليف الكفيل بحمايتهم من الخطر الإيراني، فيما عاثت إسرائيل في الأراضي المحتلة فسادا، من انتهاكات يومية في القدس المحتلة، إلى طمس لمعالمها وتهويدها واقتحامات يومية للمسجد الأقصى دون مراعاة لحرمة أو قدسية.. عرّت النساء وسحلت الرجال والأطفال وسط صمت عربي وعالمي مطبق، وأوشكت أن تنفذ خطتها لهدم المسجد وإقامة الهيكل. ظنت فيه إسرائيل حكومة وشعبا وجيشا أن الأرض دانت لهم وأنهم سيطروا على كل شيء، وأنها فرضت إرادتها على كل شيء؛ لدرجة أن نتنياهو عرض خريطة للشرق الأوسط خالية تماما من فلسطين قائلا إنه لا وجود لدولة فلسطينية، متحللا من أي التزام بأي اتفاق أو قرار دولي يقوم على حل الدولتين، جاءتها ريح عاصف.ولكن جاءها الطوفان من كل مكان، برا وبحرا وجوا، إذ استطاع بضع مئات من عناصر المقاومة أن يقتحموا السياج الفاصل وأن يدخلوا منطقة الغلاف من البر والبحر والجو وأن يبيدوا فرقة غزة سواء بالقتل أو الأسر؛ لدرجة أنهم استطاعوا أن يعودوا بقادة الفرقة إلى غزة أسرى بالملابس الداخلية، ما سبّب لإسرائيل وجيشها فضيحة عالمية على أي مقياس عسكري. 

وبدلا من أن تعكف إسرائيل على دراسة أسباب هذه الهزيمة المدوية وتحاكم المسؤولين عنها قبل أن تفكر في الرد، سارعت إلى توظيف كافة مقاتلاتها العسكرية لقصف غزة وانتهاج حرب إبادة وممارسة جرائم حرب غير مسبوقة في التاريخ الحديث والمعاصر من أجل استرداد جزء من كرامتها التي داستها أحذية المقاومة. بل وحدّدت هدفين لعدوانها على غزة: إبادة "حماس"، واستعادة الأسرى، وهو ما لم يتحقق رغم مرور 40 يوما على هذا العدوان. 

تقف إسرائيل وقادتها في موقف العاجز الفاشل قليل الحيلة وهي تشاهد بطولات المقاومة وعملياتها النوعية ضد دباباتها وجنودها وآلياتها العسكرية وهي لم تحقق هدفا عسكريا واحدا سوى قتل ما يزيد على 11 ألف مدني فلسطيني 70 بالمائة منهم من النساء والأطفال؛ مما تسبّب في حالة رفض شعبي عالمي لهذه الجرائم واندلاع المظاهرات في أمريكا والغرب لوقف الحرب ووقف القتل الممنهج.

أمام هذه التطورات حدث نوع من التغيير في الموقف الأمريكي والغربي الذي يسعى بكل قوة الآن لوقف الحرب والاستماع لشروط المقاومة في الإفراج عن الأسرى المدنيين ويتزايد الحديث عن التوصل لهدنة مدتها 5 أيام للإفراج عن أسرى إسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين. وهو ما يمثل ركوعا لنتنياهو وحكومته أمام أبطال المقاومة الذين لا يزالون يديرون الحرب كأعظم القادة العسكريين ويفرضون شروطهم على الميدان ويسطرون بدمائهم أشرف ملحمة عرفها تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

ستنتهي الحرب وسيحاكم نتنياهو وعصابته وسيعلن انتصار المقاومة وسيكون هناك واقع جديد هو واقع ما بعد إسرائيل المزعومة، واقع إسرائيل الضعيفة المهزومة، ستكون للمقاومة فيه كلمة وسيتوارى التطبيع والمطبعون وسيغيب عن المشهد الصهاينة الجدد لتفتح صفحة جديدة في حرب التحرير المجيدة التي ستنتهي بكل تأكيد باسترداد الأقصى وزوال إسرائيل، فعلى الجميع أن يبحث من الآن أين يقف.
------------------------
بقلم: محمود النجار *

*صحفي متخصص في الشؤون العربية

مقالات اخرى للكاتب

لفلسطين طريق واحد





اعلان