17 - 07 - 2024

اسرائيل تواجه أزمة مصداقية دوليا وأكاذيبها تتكشف تباعا

اسرائيل تواجه أزمة مصداقية دوليا وأكاذيبها تتكشف تباعا

تخوض دولة الاحتلال معركة أخرى إلى جانب معركتها مع حماس تتمثل في إقناع العالم، والولايات المتحدة بشكل رئيسي، بأن هذه حرب عادلة، وقد بذلت آلة العلاقات العامة الإسرائيلية جهداً مفرطاً في الأسابيع الأخيرة للتأكيد على أن قصفها (الوحشي) لغزة كان ضرورياً وتم تنفيذه بطريقة تهدف إلى تقليل الوفيات بين المدنيين، وسمحت للصحفيين، بما في ذلك صحفيو شبكة إن بي سي نيوز، بالتواجد مع جنودها في غزة، وحافظت على وتيرة ثابتة من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، واتاحت الممثلين الإسرائيليين للظهور على شاشة التلفزيون. 

لكن في اتصالاتها الأخيرة مع حلفائها العالميين، أصدرت إسرائيل معلومات غير دقيقة أو متنازع عليها بما في ذلك الادعاء بأن التقويم العربي في احد المستشفيات كان بمثابة جدول زمني لخاطفي حماس، واستخدام الستائر كدليل على تصوير مقاطع فيديو للرهائن في المستشفى. 

ادى رد الفعل الواسع النطاق على هذه الأدلة المشكوك فيها إلى إضعاف مصداقية إسرائيل، وفقا لبعض الخبراء، ويمكن أن يؤدي إلى حالة من عدم تصديق أي شي تعلنه اسرائيل حتى في حال العثور على دليل ملموس على وجود مقر لحماس تحت مستشفى الشفاء في غزة، وهو أحد المزاعم الرئيسية لإسرائيل في هذه المرحلة من الحرب. 

يقول إتش.إيه هيلر وهو زميل مشارك في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، وهي مؤسسة بحثية في واشنطن العاصمة: "المفارقة هي أنهم قد يجدون شيئًا ما ولن يصدقهم أحد" مضيفا "في هذه المرحلة يتم إطلاق النار على مصداقيتهم".  

  اسرائيل تعرف أن موقفها في النقاش الدولي مهم، وبينما يدعم البيت الأبيض هدف إسرائيل المعلن بتدمير حماس رداً على هجومها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الذي أودى بحياة حوالي 1200 شخص، أعرب مسؤولو إدارة بايدن سراً عن مخاوفهم من أن قوات الدفاع الإسرائيلية لا تفعل ما يكفي لتجنب مقتل المدنيين، وهو ما لم يحدث حتى الآن وبلغ عددهم أكثر من اثني عشر ألف شخص، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، وفقًا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين. 

الضغط لا يأتي فقط من الولايات المتحدة، فقد صوت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المؤلف من 15 دولة لصالح وقف القتال خلال هذا الأسبوع، وامتلأت الشوارع في جميع أنحاء العالم بمئات الآلاف من المتظاهرين الذين يطالبون بوقف إطلاق النار. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن قدراً كبيراً من حسن النية الذي تلقته إسرائيل بعد هجمات السابع أكتوبر/تشرين الأول قد انحسر الآن في مواجهة الصور التي تظهر الضحايا والدمار الهائل في غزة.  

يقول نمرود جورين، وهو زميل في الشؤون الإسرائيلية في معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن، وهو أقدم مركز أبحاث يركز على المنطقة، إن هذه التحولات لا تمر مرور الكرام. وقال جورين: "المعنى هو أن إسرائيل تأخذ في الاعتبار المخاوف الأمريكية والغربية الأخرى عند قيامها بعمليتها العسكرية لضمان استمرار الدعم وعدم تجاوز الانتقادات لحدود معينة". 

وتركزت معظم جهود العلاقات العامة الإسرائيلية على المستشفيات، حيث ساهمت ضربات الجيش الإسرائيلي في ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين، وتصر إسرائيل على أن حماس تستخدم هذه المنشآت كقواعد عسكرية، مما يجعلها أهدافا مشروعة وتنفي حماس تلك المزاعم. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه عثر في الشفاء على فتحة نفق ومركبة تحتوي على أسلحة ومخابئ أخرى للبنادق والذخيرة. 

وفي مكان قريب قالت إسرائيل إن جنودها عثروا على جثتي يهوديت فايس، وهي رهينة مدنية، ونوعا مارسيانو، وهي جندية تبلغ من العمر 19 عاما، واللتين اختطفتهما حماس في 7 أكتوبر. لكن الجهود المبذولة لإثبات موقفها أضرت في بعض الأحيان بقضية إسرائيل. 

من أبرز ما عرضه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاجاري ما قال إنه دليل على أن مستشفى الرنتيسي قد استخدمته حماس لاحتجاز الرهائن هو قطعة من الورق قائلاً إنها تظهر دوراً لحراسة الأسرى وأضاف: "لكل إرهابي فترته الخاصة". كُتب فوق الوثيقة بالقلم "طوفان الأقصى"، وهو الاسم الذي أطلقته حماس على هجومها في 7 أكتوبر/تشرين الأول، لكن المتحدثين باللغة العربية أشاروا إلى أن بقية الصحيفة أظهرت فقط أيام الأسبوع، دون أي أثر لأسماء خاطفي حماس الذين تحدث عنهم هاجاري. 

وفي مكان آخر من المستشفى، أشار إلى تعليق ستائر على جدار بلا نافذة، وقال هاغاري إنه "لم يكن هناك سبب" للقيام بذلك "إلا إذا كنت تريد تصوير الرهائن وتسليم الأفلام". وأشار بعض الأشخاص من المنطقة إلى أن هذا هو موضوع الديكور الداخلي الشائع بين الأسر الفلسطينية. وردا على ذلك، قال الجيش الإسرائيلي لشبكة NBC News إنه أصدر “تصحيحا سريعا” لتعليق هاغاري على التقويم، وأن أي “تلميحات بأن الجيش الإسرائيلي يتلاعب بوسائل الإعلام غير صحيحة”. وقالت في بيان: "إننا نتخذ جميع الاحتياطات اللازمة للإبلاغ عن أكبر قدر ممكن من المعلومات، مع الحفاظ على سلامة قواتنا واستعدادنا العملياتي". 

ومع ذلك، سرعان ما جاءت السخرية، فقد سخرت مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متزايد من الأشياء السخيفة والتافهة التي تم اعتبارها “أدلة للجيش الإسرائيلي”. وقد اتُهمت إسرائيل بنشر معلومات مضللة من قبل.  

في الأسبوع الماضي، نشر المتحدث باسم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للإعلام العربي، أوفير جندلمان، على موقع X مقطع فيديو ادعى أنه يظهر سكان غزة وهم يقومون بتزييف إصاباتهم بالمكياج، وعلى الرغم من أن عددًا لا يحصى من الأشخاص صححوا له قائلين إن اللقطات كانت في الواقع من فيلم لبناني، إلا أنه لم يقم بحذفها حتى يوم الجمعة.  

تعتبر مهاجمة المستشفى جريمة حرب ما لم تستخدمه جماعة عسكرية أو مسلحة في العمليات، وفقًا للجنة الدولية للصليب الأحمر، وحتى في هذه الحالة، يجب تحذير الأطباء والمرضى، مع اتخاذ المزيد من الحذر لعدم إيذاء أولئك الذين يبقون. وتقول إسرائيل إنها حذرت الأطباء والمرضى في المستشفيات التي تقول إن حماس تستخدمها، لكن العديد من الأطباء يقولون إنهم غير قادرين على نقل المرضى ذوي الحالات الحرجة وغير مستعدين لتركهم وراءهم.  

ونفى الأطباء في مستشفى الشفاء بشدة استخدام المستشفى كقاعدة للمتشددين.
---------------------------
 شبكة NBC الاميركية