17 - 07 - 2024

أبو عبيدة

أبو عبيدة

تاريخنا الإسلامي مكتظ بالعديد من أسماء القادة العسكريين والفرسان الذين شهد لهم الأعداء قبل الأصدقاء بالشجاعة والإقدام ومن بين هؤلاء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي مقدمتهم خالد بن الوليد وعلي بن أبي طالب وعمرو بن العاص.

ثم جاء بعدهم آخرون منهم أبو جعفر المنصور الرجل القوي في تأسيس الدولة العباسية وعبد الرحمن الداخل حفيد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، وألب أرسلان السلجوقي ونور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي وغيرهم كثير.

ومع سقوط الخلافة الإسلامية وتشرذم المسلمين وضعفهم وتفرقهم جاء الاستعمار الغربي في أبشع وأحط صورة ليقسم المقسم ويرسم الحدود ويطمس تاريخنا المجيد وحضارتنا التي أخرجت العالم من ظلمات الجهل إلى عصور العلم والمعرفة والتقدم.

وبدا الغرب يقدم نفسه كنموذج حضاري بديل بسياساته واقتصاده وقادته وشخوصه وفنانيه، وبدانا نهيم بهذا النموذج الغربي ونسعى لتقليده فانتشرت صنوف الموضة بين الشباب وقصات الشعر الغربية ووجبات الأكل السريع .

لم يكتف الغرب بذلك بل سعى لتقديم أبطال وهميين ، افتراضيين لأطفالنا يمثلون لهم القدوة والنموذج مثل شخصيات سوبرمان وباتمان وسبايدر مان  الذين استحوذوا على اهتمام الأطفال وشغفهم بهم، وبدأو في اقتناء صور هؤلاء الأبطال الافتراضيين الذين يطيرون في الهواء ويمشون على الحوائط والسقوف ويخرقون الواقع ، وأصبحت ملابس أطفال وألعابهم وكراساتهم وأدواتهم المدرسية تحمل صور الأبطال الوهميين ونسينا أبطالنا الحقيقيين وتاريخنا الإسلامي المشرف ، إلى أن ظهر أبوعبيدة الناطق العسكري باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تخوض حرباَ شعواء ضد العدو الصهيوني منذ 46 يوما .

أصبح أبو عبيدة (الملثم) هو تميمة النصر ورمز البطولة والشجاعة لدى الشباب والأطفال ، وأصبحت إطلالته شبه اليومية على قناة الجزيرة ممتعة لهؤلاء الأطفال الذين وجدوا أنفسهم أمام بطل حقيقي يتحدث مثلهم وله جسد طبيعي مثل بني البشر لكنه يفوق في شجاعته أبطالهم الوهميين من أمثال سوبر مان وسبايدرمان ، خاصة وأن كل إطلالة تحمل جديدا من فيديوهات استهداف دبابات وآليات العدو أو ضباطه وجنوده .

اصبح العديد من الأطفال متيمين بأبي عبيدة ، بلثامه، بسبابته ، بتحذيراته وتهديداته للعدو ، بما يعرضه من بطولات حقيقية ، توارت شخصيات سوبر مان وسبايدرمان التي صنعها الغرب وصدرها لأطفالنا، لم يعد هناك أي اهتمام بها ، لم تعد تستهوي الأطفال .

العدوان الصهيوني الحالي على قطاع غزة ببشاعته ومجازره ووحشيته ضد الأطفال والنساء كان بمثابة عودة الروح وبعث الوعي لدى الجماهير العربية التي أبدت تضامنها مع الاشقاء في غزة ومع المقاومة بل ونظمت حملات المقاطعة لكل المنتجات الغربية وكل الدول التي تدعم الصهاينة ، توحدت مواقف الشعوب ، وبات أبو عبيدة هو الناطق الرسمي الحقيقي باسمها ، والمعبر عن تطلعاتها وآمالها وأصبح بيانه شبه اليومي بمثابة الدواء الذي يحقق السعادة ويرفع المعنويات .

إن هذه الحرب الوحشية ضد أهلنا في غزة سيكون لها ما بعدها، ليس على المستويات السياسية والعسكرية ولكن على مستوى الشعوب، بعد أن اسقطت الحرب أكذوبة التطبيع، وأكذوبة التعايش مع هذا الكيان المجرم وأيقظت الشعوب من سباتها وحركتها من خانة السلبية واللامبالاة إلى حالة التفاعل والتجاوب واتخاذ المواقف .

عاشت المقاومة ، وعاشت شعوبنا الحرة وتحيا فلسطين حرة مستقلة ويسقط الاحتلال.
---------------------------
بقلم: محمود النجار 

 

مقالات اخرى للكاتب

لفلسطين طريق واحد