17 - 07 - 2024

التراجع الأمريكي الأوروبي.. تكتيكي أم استرتيجي؟!

التراجع الأمريكي الأوروبي.. تكتيكي أم استرتيجي؟!

منذ بدأ الكيان الصهيوني في شن عدوانه الغاشم على قطاع غزة، اصطفت غالبية الدول الأوروبية وبالأخص غلاة أوروبا (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا وإيطاليا) إلى جانب أمريكا في موقفها المتطرف تجاه المقومة الفلسطينية. حيث أعلنت أمريكا والغرب وقوفهما إلى جانب الكيان الصهيوني ودعمه بكل ما يحتاج من مال وعتاد حربي، بل ومقاتلين للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة واستعادة الأسرى، واعتبروا أن ما تفعله إسرائيل من حرب إبادة داخل الكيان يدخل تحت بند (حق الدفاع عن النفس). 

وجاءت تصريحات بايدن وماكرون وشولتز وسوناك وميلوني، رافضة لوقف إطلاق النار والتأكيد على أن ذلك سيكون في صالح (حماس)، وأنه لابد لإسرائيل أن تحقق أهدافها من هذه الحرب، وأن تفرض كلمتها؛ ليس في قطاع غزة فقط ولكن في المنطقة برمتها وأن ما بعد 7 أكتوبر 2023 سيكون مختلفا عما قبله. 

وبعد مرور أكثر من 50 يوما على أعتى وأبشع عدوان، ورغم تدمير إسرائيل أكثر من 60 بالمائة من مباني غزة وما يقرب من 30 بالمائة من مساحة القطاع، وسقوط نحو 15 ألف قتيل؛ 70 بالمائة منهم من الأطفال والنساء، فشل الكيان الصهيوني في تحقيق أي انجاز عسكري، وأصبح أضحوكة العالم، وأصبح قادته عبئا على قادة أوروبا وأمريكا الذين كانوا يمنون النفس برسم خارطة جديدة للشرق الأوسط وفرض كلمتهم على المنطقة بعد أن ظنوا، وبعض الظن إثم، أن إسرائيل محققة أهدافها لا محالة وأن دخولها غزة وقضاءها على عناصر المقاومة لن يستغرق سوى أيام معدودات .

لم يتوقف الأمر عند الفشل الإسرائيلي في تحقيق الأهداف، بل تجاوزه إلى إنجازات وضربات عسكرية نوعية تحققها المقاومة يوميا ضد جيش الاحتلال فجعلت سمعته أمام العالم في الحضيض، وظهر أبو عبيدة وأصحابه كأعظم قادة عسكريين بعد أن ملكوا زمام الحرب وإدارتها على أفضل ما يكون، وزادت خسائر العدو العسكرية والاقتصادية وباتت الساحة الداخلية في الكيان الصهيوني على شفا انفجار شعبي غير مسبوق

كل هذه التطورات دفعت إدارة بايدن وقادة الغرب إلى التراجع، خاصة في ظل تزايد الرفض الشعبي الأوروبي والأمريكي لهذا العدوان ونزول مظاهرات مليونية لأول مرة في لندن رافضة للحرب ومطالبة بوقفها. 

يحاول بايدن الآن ومعه قادة الغرب التابعون، البحث عن مخرج لوقف الحرب بما يحفظ ماء وجه الصهاينة أمام العالم. وصدرت التصريحات لأول مرة من أمريكا تتحدث عن ربط المساعدات المقدمة لإسرائيل بمراعاتها للقانون الدولي الإنساني. وأصبحت تصريحات القادة الغربيين تؤكد أن إسرائيل لن تنعم بالأمن إلا إذا تمتّع به الفلسطينيون، وقفز حل الدولتين مجددا إلى طاولات أي محادثات تتعلق بالحرب، وأصبحت هناك حالة من التراجع الملحوظ بعد أن سقطت إسرائيل عسكريا وأخلاقيا وإعلاميا وإنسانيا أمام العالم أجمع. 

فهل هذا التراجع تكتيكي لمسايرة الرفض الشعبي العالمي للحرب، أم هو استراتيجي وأن أمريكا والغرب جادون في السعي نحو وقف نهائي للحرب والبحث عن حل سياسي دائم وعادل للقضية الفلسطينية بما يحفظ لهذه المنطقة أمنها واستقرارها. هذا ما ستكشف عنه الأيام والاسابيع المقبلة.
--------------------------------
بقلم: محمود النجار*
* كاتب المقال صحفي متخصص في الشؤون العربية
   

مقالات اخرى للكاتب

لفلسطين طريق واحد