27 - 07 - 2024

مؤشرات | الانتخابات الرئاسية وتحدي المشاركة

مؤشرات | الانتخابات الرئاسية وتحدي المشاركة

ساعات وتنطلق الإنتخابات الرئاسية في البلاد، ابتداء من تصويت المصريين في الخارج لمدة ثلاثة أيام 1 و2 و  3 ديسمبر، تليها ثلاثة أيام أخرى للتصويت بالداخل أيام 10 و11 و12 ديسمبر.

ولا شك أن أحداث العدوان الصهيوني طغت على زخم الانتخابات المعتادة، وحديث الناس عن الإنتخابات أصبح روتينيا، وبحسبة بسيطة، سنجد أن أكثر من 90 % من الأخبار والتحليلات تتجه نحو ما يجري في غزة والضفة وضد أهلنا في فلسطين، ليس بين العامة فقط، بل بين الخاصة، بخلاف حصة من ذلك عن الأسعار والقضايا المعيشية، والدولار والذهب، وقبل ذلك ندرة السكر، وأسعار الأرز، وغير ذلك.

ولم تنل الإنتخابات الرئاسية إلا النذر القليل، رغم محالات بعض البرامج فتح ملفات الإنتخابات، ومحاولات حزب مستقبل وطن إثارة الانتخابات بتكليفات لكل قواعد الحزب، ورغم ذلك يظل الحديث والإهتمام محدودًا.

حتى أن حملات المرشحين الأربعة "عبد الفتاح السيسي، وفريد زهران، وعبد السند يمامه، و حازم عمر"، جميعها تسعى بكل ما استطاعت من قوة لجذب انتباه الناس في الشارع، بأن هناك انتخابات، إلا أن كل ذلك لم يفلح في تحريك إهتمام الناس بالشكل المأمول.

وحتما ستعلب سياسة الحشد من مؤسسات الدولة في دفع الناس للإنتخابات دفعًا، وهذه سياسة معروفة على مدى تاريخ مصر، فيما عدا بعض التجارب، للإنتخاب الطوعي أملا في التغيير، والذي مازال يقتصر على الانتخابات النقابية، وربما بعضها وليس كلها.

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية، مازلنا نعيش وسط دعوات للناخبين المصريين للمشاركة في تجربة إنتخابية جديدة ينظر إليها الداخل في مصر والخارج بأنها طريق مهم يكشف عن مدى رغبة شعب قوامه 107 ملايين نسمة، بينهم على الأقل 60 مليون شخص لهم حق التصويت في دعم تجربة ديمقراطية.

القضية التي تشغل بال الساسة في هذه المرحلة مدى قدرة المرشحين على حشد الناخبين للمشاركة، وتقديم رؤى لتحفيزهم على النزول إلى صناديق الإقتراع، وهذا ما دفع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والمرشح لدورة جديدة تمتد من 2024 إلى 2030، إلى دعوة جموع المصريين إلى المشاركة في الانتخابات القادمة بضمير وطني.

وهذا ما دعاه في وقت سابق إلى القول "أدعو كل المصريين إلى المشاركة في هذا المشهد الديمقراطي ليختاوا بضميرهم الوطني المتجرد من يصلح، والله يولي من يصلح، تلك دعوتي الصادقة وهذه إرادة المصريين التي أحترمها وأعمل بها".

وخاطب الرئيس السيسي الناخبين بقوله "أدعو المصريين بدعوة صادقة، أن يجعلوا هذه الانتخابات بداية حقيقية لحياة سياسية مفعمة بالحيوية تشهد تعددية وتنوعًا واختلافًا، دون تجاوز أو تجريح، وكمواطن مصري، قبل أن أكون رئيسًا كانت سعادتي بالغة، بهذا التنوع في المرشحين الذين بادروا لتولي المسئولية لهم جميعًا مني كل التقدير والاحترام".

وبنفس الرغبة تحدث المرشحون "فريد زهران، وعبد السند يمامه،وحازم عمر، في دعوات لمناشدة الناخبين للمشاركة في هذه التجربة.

ولا شك أن التحدي في الإنتخابات الرئاسية المصرية، سيكون هو تحقيق نسبة معقولة في الإقتراع، وخروج الملايين للتصويت، وذلك لاختيار مرشح من بين من تصدروا المشهد في هذا الحراك الإنتخابي، وتقديم تجربة للعالم في بلد  من أهم بلدان الشرق الأوسط والعالم.

ويتوقع المصريون أن تكون الإنتخابات الرئاسية معركة جديرة بالدراسة في ضوء ما أعلنه المرشحون بالعمل على أن تكون هذه الإنتخابات تجربة مصرية للعالم.

وفي تأكيد على أهمية المشاركة في الإنتخابات جاءت تلك الكلمات "سيشرفي ويسعدني جدًا أن كل المصريين الذين لهم حق الإنتخاب أن يشاركوا في هذا الحدث، حتى لو لم يختاروني، ويجب أن نظهر للعالم أن في مصر دولة وناس، وهنا توجد إرادة .. إرادة الناس، وليس إرادة حاكم، لأن إرادة الناس هي التي ستأتي بالحاكم". 

"إنزلوا وإختاروا ما شئتم وعندما يرى العالم أن كل المصريين شاركوا في الإنتخابات ومهما كانت النتيجة، فسوف تسعدنا جميعا، وتشرف بلدنا".

هذا هو التحدي الفعلي الذين يواجه انتخابات مصر الرئاسية الجديدة، متمثلًا في حجم المشاركة لإختيار من يراه لمرحلة جديدة من مراحل التحديات التي تواجهها البلاد للاستمرار في تطوير وتنمية الحياة السياسية والحزبية والإقتصادية لتتحقق للدولة مسارات وبدائل ورؤى متعددة ودائمة، وتوسيع دائرة الحريات العامة، وتوفير حالة الطمأنينة بين الناس.

ودخلت القضية الفلسطينية في القلب من برامج الناخبين، إتساقا مع موقف شعبي مصري، هو الأعلى عربيا في مساندة الفلسطينيين في أزمتهم، ضد مخطط صهيوني بدعم أمريكي غربي، يرغب في محو تلك القضية من تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، بالرغم من التغييرات الضيئلة التي جرت في الأيام الأخيرة.

ويبقى السؤال المهم .. كم ستكون نسبة المشاركة الحقيقية في الإنتخابات؟، والإجابة صعبة، وإن كانت تميل أكثر نحو كفة عدم التفاؤل.
-------------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | هل نسينا أن الفلاح بداية الأمن الغذائي؟!