17 - 07 - 2024

"غزة ما بعد الحرب" .. ندوة في حزب المحافظين تتساءل ما إن كانت مصر خذلت غزة

عَقد النادي السياسي بحرب المحافظين برئاسة المهندس أكمل قرطام ، مساء امس السبت، ندوة سياسية بعنوان " غزة ما بعد الحرب" أجرت استشرافا لما بعد انتهاء المعركة الحالية وطريقة تعامل النظام الرسمي في مصر معها وإن كان خذل القضية الفلسطينية، رغم امتلاكه الكثير من أدوات الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب.

وكان قرطام على رأس الحاضرين ومعه الدكتور عمرو الشوبكي أستاذ العلوم السياسية والدكتور جمال عبدالجواد مدير برنامج السياسات العامة بالمركز المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية والدكتور هاني شاش سفير مصر في دولة ماليزيا سابقاً والقنصل العام بالسفارة المصرية في دولة الاحتلال الإسرائيلي والكاتب السياسي اشرف راضي ودكتور حمدي درويش المتخصص في العلاقات الدولية.

بدأت الندوة بكلمة الدكتور  جمال عبدالجواد حيث قال : لا يمكن لأحد أن يأمن أو يستريح طالما أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دائر ، و قد ثبت أن الموضوع قد ينفجر بما لا طاقة لنا به، وما ترتب على ما حدث يوم ٧ اكتوبر الماضي في الاراضي المحتلة - ما يعرف بطوفان الاقصى -  أثبت أنه لابد من وجود حل للقضية الفلسطينية، خاصة أن الثمن ما تم دفعه كان كبيرا جدا، ورد الفعل العالمي هذا كله بسبب رد الفعل الإسرائيلي الغاشم الذي أدى إلى استشهاد ما يقرب من ٢٠ الف شهيد حتى الآن .

و أشار  أن ورقة الضغط الوحيدة التي يملكها العرب هي دماء الضحايا، وعرض مشاهد للجثث و الاشلاء للضغط على الضمير العالمي، لكن الغرب لم يعد غربا واحدا بل انشق لعدة مسارات، لذا نرى مظاهرات مؤيدة ومعارضة لما يحدث، مضيفا أن الغرب مازال يفقد بوصلته الاخلاقية وهو خبر قد يبدو جيدا، لكن الحقيقة هو خبر سئ لأنه لا يوجد بديل أخلاقي لمثل تلك الأفكار.

وأضاف عبدالجواد في كلمته أننا نذهب في اتجاه ليس به أي توافق، فالنظام الدولي ليس عبارة عن موازين قوى فقط ، لكن هناك جزء من الادعاءات الاخلاقية و الكذب ، لذا قدرة اي طرف على الهيمنة متوقفة على قدرته على اقناع العالم بادعاءاته الكاذبة و ليس بقوة السلاح.

وأوضح عبدالجواد أن الاقوى يستطيع أن يحمي مصالحه بغض النظر عن أسلوبه أو مراعاته القوانين الدولية، بينما الأضعف لا يستطيع ذلك، لذا تصفية القضية الفلسطينية لن تحدث، حتى لو هجر الفلسطينيون إلى دول الجوار ، وقد حدث من قبل تهجير و بقيت القضية، وخلقت قضايا أخرى مثل لبنان.

و كشف عبدالجواد أن دولة إسرائيل لن تزول خلال العشر سنوات القادمة، و لن تكون هناك دولة فلسطينية خلال العشر سنوات القادمة أيضا، بسبب كمية القتل و العنف و الكراهية المتواجدة.

وأشار عبدالجواد أن كمية الكراهية لدى الاسرائيليين زادت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، و المجتمع الإسرائيلي ينحط، لذا كثير من الأفراد هناك يحملون السلاح و يتصرفون بشكل فردي بعيدا عن الدولة و القانون، لذا أصبح الرفض بين الطرفين ليس سياسيا و إنما على مستوى الوجود الإنساني، بالإضافة إلى أن هناك سيناريوهات أخرى منها أن حماس لن تخرج أقوى من هذا الصراع سياسيا و ان كانت ستكسب شعبية كبيرة، بناء على أن هناك حرب دائرة تخسر فيها إسرائيل عسكريا ، بينما تخسر حماس بنية تحتية وقيادات، بالإضافة إلى قبولها على مائدة التفاوض أصبح اقل بكثير، لأنه تم حشد مشاعر سلبية كبيرة ضد حماس في الغرب و إسرائيل، وكذلك فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، وهذا مأزق كبير للفلسطينين، ولا يوجد فصيل واحد يستطيع تمثيل الفلسطينين مع الأطراف الأخرى

وأوضح عبدالجواد أنه على الرغم من التعاطف الكبير الذي تلقاه القضية الفلسطينية و الحديث حول حل الدولتين بشكل لم نره من قبل، إلا أن الانقسام الفلسطيني و الغضب تجاه حماس جعل موقف العرب و الفلسطينين ضعيفا، والقبول بالسلطة وحماس على طاولة المفاوضات أصبح أضعف.

ثم تحدث الدكتور حمدى درويش المتخصص فى العلاقات الدولية فقال إن: أحداث حرب غزة يتم اثارتها بصورة أنها كانت مفاجأة، وهذه الأحداث لم تكن بالصورة المفاجئة وكان هناك تصور أنها سوف تحدث منذ عام مضى. أو على الأقل سوف تحدث حرب أو انتفاضة فلسطينية. بسبب تغييرات فى البيئة الفلسطينية أو الإسرائيلية،  خاصة بعد صعود اليمين المتطرف فى إسرائيل، والانقسامات بين الفصائل الفلسطينية وصعود حماس فى غزة، مما أضعف وجود أى تفاوض .

وأشار درويش إلى أن المجتمع الدولى تغير بعد الغزو الأمريكي للعراق و حتى حرب أوكرانيا ، واصبح سائدا فيه فرض الرأى بالسلاح وليس بالتفاوض.

وأكد أن القضية الان هى قضية فلسطين وليست قضية التهجير. هنا فى مصر نخاف من التهجير بسبب خوفنا على سيناء، ولكن طالما الشعب المصرى رافض، فهذا التهجير لن يتم .

وتوقع صعود التيارات المتشدده بعد حرب غزة على مستوى الدول العربية ايضا، وبروز قوة سياسية رافضه لنتائج الحرب.

وشدد على أن الدور العربى فى بعض الأحيان كان له نفوذ كبير خاصة منظمة "اوبك"، مثلما حدث من دعم للاسلاميين فى افغانستان وقت الاحتلال السوفيتي.

وقال: توجد الان دول لها توافق مع أمريكا، ودول عربية اخرى دعمت مسار تركيا وقطر فى دعم الأخوان المسلمين وحماس، مما يجعل الموقف العربى لبس موقفا واحدا.

اما الدكتور عمرو الشوبكي فقد قال في كلمته : المقاومة الفلسطينية في حاجة إلى جسم سياسي ،ونحن نعرف كافة المشاكل المتعلقة، بالجناح السياسي لحركة حماس، ونعلم إنه كل الدول الغربية بما فيها أصوات الضمير التي تتظاهر كل  يوم في العديد من تلك العواصم ، ومنها الولايات المتحدة دعما للقضية الفلسطينية.

أضاف الشوبكي: هؤلاء ليس بينهم وبين قادة حركة حماس أي تواصل، على عكس تجارب التحرر الوطني التي حصلت في الجزائر، وتجربة المؤتمر الوطني الإفريقي كان دائما هناك جناح عسكري وجناح سياسي، ومن هنا في رأيي إنه مهم البحث عن أجسام سياسية،  ليست معادية  لحماس، ولا يكون من هدفها إنها تجهد مشروع المقاومة، بالعكس تكون تعبيرا عنها ، وايضا نتاج الواقع الفلسطيني والغزاوي. وأنا أعتقد إن هناك عدد من الأسماء أبرزها "مروان البرغوثي"، يمكن أن يلعب دورا، في التوحيد  وفي مواجهة الانقسام الفلسطيني، والذى يضايقنا  ويجعلنا لا نندهش هو تمسك الاحتلال بحبس وإعتقال "مروان البرغوثي" ويبقى في السجون إلى أبد الآبدين. مروان أحد الأسماء، وربما مصطفى البرغوثي، وهناك  أسماء أخرى، لكن علينا ألا نترك الحالة السياسية في حالة فراغ خاصة في ظل المشكلات والتحديات الكبيرة التي تواجهها السلطة الفلسطينية، وإنه يكون مشروع إحياء منظمة التحرير الفلسطينية بكوادرها  المهمة التي كانت موجودة في السنوات الماضية، والتواصل مع أسماء جديدة والضغط من أجل الإفراج عن مروان البرغوثي".

الدكتور أشرف راضي قال في كلمته : يجب علينا جميعاً التوصل إلى حلول وتقديمها لصناع القرار في مصر وفلسطين ، بل وتقديمها إل قادة العالم حتى نصل إلى حل الدولتين ونشر السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط .

السفير هاني شاش قال في كلمته: كنت قنصلاً عاما في إسرائيل واعرف أن الكيان الإسرائيلي لن يقبل بسهولة  بالضغوط الدولية لإيجاد حلول للقضية الفلسطينية ، وأتذكر حينما كنت سفيراً لماليزيا،  قال لي سفير الولايات المتحدة في ماليزيا بعدما لمته كممثل للولايات المتحدة عن إسقاط وإعدام صدام حسين وتسليم العراق لدولة إيران، فما كان منه إلا أن قال بشكل واضح : سيكون هناك صراع كبير في الفترة القادمة بين السنة والشيعة في الشرق الأوسط ، وهذا ما سعت ومازالت تغذية إسرائيل للسيطرة على الشرق الأوسط.

وانتهت الندوة بكلمة المهندس أكمل قرطام التي قال فيها : إن النظام الرسمي في مصر قد خذلنا وخذل القضية الفلسطينية ، حيث يمتلك النظام المصري الكثير من الأدوات للضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب ووقف إطلاق النار وإيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية،  لكن يبدو أن هناك نيه مبيته بالمماطلة في ايحاد حلول صريحة للقضية الفلسطينية برمتها.
---------------------------
تقرير - إبراهيم خالد