17 - 08 - 2024

خطابي: مفهوم التنمية المستدامة الذي يعني الاستجابة لاحتياجات الحاضر دون التأثير على متطلبات المستقبل

خطابي: مفهوم التنمية المستدامة الذي يعني الاستجابة لاحتياجات الحاضر دون التأثير على متطلبات المستقبل

قال السفير أحمد رشيد خطابي، الأمين العام المساعد - رئيس قطاع الإعلام والاتصال، بجامعة الدول العربية، إن مفهوم التنمية المستدامة الذي يعني الاستجابة لاحتياجات الحاضر دون التأثير على متطلبات أجيال المستقبل ظهر كمفهوم سوسيو - اقتصادي لأول مرة، خارج دوائر الفكر، في تقرير لجنة بروتلاند سنة 1987 نسبة لرئيسة وزراء النرويج آنذاك التي أشرفت على إعداده.

جاء على هامش اجتماعات اللجنة الدائمة للإعلام العربي والمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام اتشرف بالمشاركة في هذا المنتدى الرفيع في رحاب مدينة طرابلس لتقاسم معكم جملة من الأفكار حول موضوع "الإعلام  العربي ورهانات التنمية المستدامة".

وشكلت قمة الأرض في 1992 لحظة رمزية قوية لاستشعار المجتمع الدولي بخلاصات وإرهاصات تقرير "نادي روما" حول حدود النمو والمستقبل البشري، ومن ثم بروز إشكالية ذات بعد كوني في إطار العمل الدبلوماسي المتعدد الأطراف وديناميكية حركات اللاعبين الدوليين من مؤسسات برلمانية وأحزاب "الخضر" وجماعات ترابية وخاصة مكونات  المجتمع  المدني عبر العالم التي سعت للضغط على الحكومات لاتخاذ إجراءات جريئة لمواجهة المخاطر المحدقة بالمحيط البيئي والاحتباس الحراري والمحافظة على التنوع البيولوجي.

وتعد سنة 2000 محطة هامة في هذا المسار مع اصدار الأمم المتحدة وثيقة أهداف الالفية التي استهدفت، بالأساس البلدان النامية ومهدت لاعتماد أجندة 2030 في 2015 والتي اتخذت طابعا أكثر زخما وشمولية وتنوعا  بتحديد 17 هدفا و169 غاية في صدارتها معالجة الأسباب الجذرية للفقر والإقصاء.

وتأمين العلاج وتوفير السكن اللائق لتحقيق تنمية مستدامة تشمل بالإضافة للبعد الاقتصادي الجوانب البيئية والاجتماعية، تلكم الأهداف التي يضطلع الإعلام بكافة روافده بدور أساسي ومؤثر في مواكبة تنفيذ وتنوير الرأي العام بالمعلومات والحقائق التي تهم المخططات التنموية المستدامة.

في هذا الصدد، اعتمدت قمة شرم الشيخ 2015 الاجندة الأممية وتم مباشرة استحداث إدارة متخصصة بالتنمية المستدامة بجامعة الدول العربية.

كما اقرت القمة العربية بالظهران في 2018 الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة التي حددت الترابط العضوي القائم على المستوى الإعلامي مع كل هدف من أهداف أجندة 2030 في اطار رؤية تشاركية ترتكز على جعل الإنسان غاية وجوهر العملية التنموية .

فالإعلام العربي مطالب بأن يكون رافعة أساسية في متابعة الأجندة الأممية من خلال نهج اعلامي للقرب وتواصل مؤسساتي يسهم في احتواء وتقويم سلوكيات الهدر واستنزاف المقدرات وحماية النظم الايكولوجية، وتقديم برامج إعلامية لتشجيع المشاريع الزراعية الداعمة للاستدامة في ظل ندرة الموارد المائية علما أن المنطقة العربية تعد من أفقر المناطق في المياه ولا تتجاوز 7 في المائة من المخزون المائي في العالم.

ووفق هذا المنظور، أكد أهمية ادماج الإعلام البيئي والتربية على التنمية المستدامة في المناهج التعليمية العربية من اجل بناء مواطن مسؤول ازاء محيطه البيئي والتأسيس لإعلام  يتفاعل مع قضايا التنمية المستدامة في اطار المخططات الهادفة إلى الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر وتجاوز الإكراهات البنيوية الضاغطة بما فيها تطوير أنماط الإنتاج لضمان الأمن الغذائي والتحكم في اختلالات الزحف العمراني والنمو الديموغرافي، حيث من المتوقع بحسب تقديرات الأمم المتحدة أن يصل سكان العالم العربي في سنة 2050 إلى حوالي 686 مليون نسمة .

وتابع: فلا تنمية مستدامة دون ضمان الحق في الإعلام والتواصل، ولا تنمية مستدامة دون  إشاعة ثقافة المواطنة بما يفسح المجال امام المواطن عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي ليكون فاعلا حقيقيا في التعامل مع الأهداف التنموية وترسيخ مقومات حكامة للاستدامة  .

كما أن الأزمات والكوارث الطبيعية التي عشنا  مآسيها المؤلمة في المدة الأخيرة إثر الزلزال العنيف بجهة الحوز بالمغرب، والسيول الجارفة التي ضربت مدينة درنة أظهرت الدور الحيوي لوسائل الإعلام المختلفة بما فيها الإعلام العمومي في التعاطي مع الانعكاسات الوخيمة لمثل هذه الكوارث على الظروف المعيشية والصحية والنفسية للساكنة المتضررة.

وأشار إلى أن بلوغ اهداف التنمية المستدامة في افق 2030 قد يبدو صعب المنال في سياق عربي معقد لكن الأهم هو التسلح بالإرادة السياسية ووضع السياسات العامة الكفيلة بتسريع الجهود لكسب الرهانات التنموية مع الاخذ بالاعتبار الحاجة إلى الاستفادة من تجارب برهنت على نجاحها وضرورة الانفتاح على شراكات منتجة ولا سيما فيما يتعلق ببناء القدرات الاندماجية مع الهيئات والوكالات المتخصصة كبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية.

وتشارك الجامعة العربية في مؤتمرات الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول التغير المناخي مراكش 2016 وشرم الشيخ 2022، ودبي 2023.

ووفق هذا المنظور، أطلقت مؤخرا جامعة الدول العربية ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الإسكوا"، مبادرة الرؤية العربية 2045، دعما لتحقيق الأهداف التنموية بما يعزز ثقة المواطن العربي بمستقبل آمن ومزدهر بشراكة مع المجتمع المدني ومراكز البحوث تروم التأسيس لتعاقد اجتماعي عربي خلاق ومتجدد قوامه الفرد والدولة والبيئة في أفق بناء مستقبل جماعي أفضل يمر حتما عبر تثمين الرأس المال البشري، والارتقاء بالبحث العلمي وتعبئة القدرات المشتركة وفق مقاربة إقليمية تكاملية ومنسجمة.

وأيد دور الإعلام في تنزيل اهداف التنمية المستدامة من بين الأولويات على جدول أعمال مجلس وزراء الإعلام العرب وهياكله تمشيا مع نبل رسالة الإعلام العربي في صناعة محتوى هادف وذي مصداقية يسهم في الدفع بمسارات التنمية المستدامة علما أن جائزة التميز الاعلامي لسنة 2022 خصصت لهذا الموضوع تشجيعا للكفاءات الإعلامية العربية.