18 - 07 - 2024

مصر والقضية الفلسطينية

مصر والقضية الفلسطينية

من المعروف بل ومن تكرار القول إن نقول إن مصر هى البلد الوحيد فى العالم إلعربى التى دفعت ومازالت تدفع الثمن وعلى كل المستويات فى سبيل القضية الفلسطينية. وذلك ليس إيمانا بحق الشعب الفلسطينى فى استرداد أرضه وحريته فقط ولكن لأن الأمن القومى المصرى مرتبط جغرافيا وتاريخيا بالأمن القومى الفلسطينى، ذلك لأن المخطط الصهيونى لايقتصر على الاستيلاء على أرض فلسطين فقط ولكنه يريد السيطرة على كل المحيط الجغرافى كلما أمكن ذلك ولايحده هنا لامعاهدات ولا اتفاقات.

والآن وفى ظل تلك الحرب الصهيونية على غزة التى تجاوزت كل الحدود وتعدت كل المعقول وكشفت كل المستور لسياسات الغرب وامريكا عن رفع شعارات نظرية بهدف تبرير استغلالها لمقدرات الدول لتحقيق مصالحها الذاتية، نجد أن تلك المخططات تستهدف مصر فى المقام الأول، عبر تطبيق مؤامرة تهجير أهل غزة إلى أرض سيناء تصورا منها على أن هذا إنهاء للقضية برمتها وعلى حساب دول الجوار. ناهيك عن تلك الاستفزازات الاسرائيلية لمصر من خلال ضرب معبر رفح بهدف جرها إلى حرب مباشرة ليس مع إسرائيل فقط ولكن مع امريكا والغرب، فى الوقت الذى تقوم به مصر بكل ما تملك من إمكانات سواء فى إدخال المعونات الحياتية لأهل غزة أو فى القيام بدور فى وقف القتال وإنهاء القضية بقيام الدولة الفلسطينية. مع العلم أن هذا التحدى الوجودى ليس هو كل ما تواجهه مصر . فهناك الأخطار القائمة على الحدود الجنوبية والغربية وفى شرق المتوسط ومشكلة سد النهضة ناهيك عن مشكلة المشاكل المتمثلة فى المشكلة الاقتصادية. هذا يعنى أن الوطن يواجه مشاكل غير مسبوقة فى شراستها وعلى كل المستويات الشئ الذى يهدد سلامة الوطن التى هى سلامة كل المصريين .

وهذا يعنى اولا واخرا توافقا مصريا عاجلا وليس آجلا حيث أن مثل تلك التحديات هى مسؤولية تاريخية لن يغفر التاريخ لمن يتقاعس أو يتخاذل عنها . وهذا يعنى التوافق الوطنى فى ظل الاختلاف السياسى الطبيعى بين الفصائل السياسية بين مؤيد ومعارض . ولذا نقول إن هذا التوافق الوطنى المطلوب لايسقط حق الاختلاف والمعارضة للحكومة فى السياسة الداخلية ليس فى المشكلة الاقتصادية فقط ولكن فى كثير من القضايا مثل الأولويات الاقتصادية حتى لاتكون على حساب الفقراء، والممارسة السياسية التى يجب ان تعطى الفرصة للرأى الآخر بعيدا عن أسلوب التطبيل الذى يجعل المعارض يتردد فى اتخاذ موقف مؤيد حتى لايكون من جوقة المطبلاتية وغير ذلك كثير. 

على ذلك لابد من توحد وطنى، وهذا يتطلب مناقشة بعض الطروحات التى اختلطت بين المعارضة الوطنية التى تسعى لصالح الوطن وبين من يتخذون المعارضة سبيلا لإسقاط الوطن الذى لايمثل لهم غير حفنة من التراب!! يقولون إن الموقف يتلخص فى فتح المعابر ووقف القتال ، جميل. فتح المعابر . مصر لم تغلق المعابر من الجانب المصرى . ولكن الغلق والسماح بدخول المساعدات من الجانب الفلسطينى الذى تسيطر عليه اسرائيل بناء على مايسمى اتفاقية فلادلفيا التى تعطى اسرائيل هذا الحق!! وطبعا هذا القول يعنى الدخول من مصر الى الجانب الآخر عنوة بما يعنى ليس إسقاط اتفاقية السلام لأنها قد أسقطت عمليا وشعبيا منذ البداية، ولكن هذا يعنى اعلان حالة الحرب بين مصر وإسرائيل ومن هم وراءها. فهل فى استطاعتنا الان وفى ظل المشكلة الاقتصادية وغيرها من مشاكل أن ندخل حربا؟ وهذا ليس تخاذلا ولكن هذا يكون عندما تفرض علينا هذه الحرب عندها فلا مناص. أما وقف القتال، فالجميع طالب ويطالب ثم يطالب بوقف القتال فلا مجيب ليس لأن ذلك قرار أمريكى اسرائيلى فقط، ولكن هذا نتيجة لذلك الخذلان العربى الذى جعل البعض يخضع لاسرائيل بناء على مصالح اقتصادية موقوته وعلى حساب مصالح وجودية وكرامة إنسانية!! . فما هو الحل ؟ هل هو الاستسلام ؟ بالقطع لا والف لا . فالشعب الفلسطينى لا ولن يسلم فالنضال دائم وسيظل لانه مرتبط ببقاء حياة واستمرار وجود. ولكن على الجانب الآخر . اين الأنظمة العربية ؟ اين من يتمثل بجنوب افريقيا غير العربية وغير المسلمة !!! اين تهديد المصالح الأمريكية كطريق وحيد الآن لإجبار أمريكا عن موقفها المتعنت؟ نعم لن يدخلون حربا ضد أمريكا بقواعد عسكرية أمريكية تقبع على أراضيهم. ولكن هل كثير عليكم طرد السفراء الصهاينة ؟ وتهديد المصالح الاقتصادية وقطع العلاقات ..الخ ام أن الأمر قد تجاوز كل الحدود؟. 

إذا كانت الأنظمة لها حساباتها فالشعوب لها حساباتها أيضا حتى ولو طال الزمان . حمى الله مصر وشعبها الصابر والعظيم والذى دائما يدفع كل الحساب .

مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب؟ (١٦)