17 - 08 - 2024

ماذا يريد الشعب (3)

ماذا يريد الشعب (3)

لاشك أن الوطن يمر فى هذه المرحلة التاريخية بتحديات غير مسبوقة وفى كل المجالات.

يتواكب هذا مع فترة رئاسية ثالثة للرئيس السيسى .. نعم هناك تحديات ومواجهات خارجية تتمثل فى التوترات والحروب التى تسيطر على حدودنا الجنوبية والغربية والشرقية إضافة لمشكلة سد النهضة، كما أن هناك مشاكل وقضايا داخلية لاتقتصر على المشكلة الاقتصادية وحسب ولكن هناك تعقيدات وتداخلات فى مجالات كثيرة انتجت حالة من حالات الفوضى فى الشارع المصرى أهم وأخطر ما ظهر منها هو اسقاط القانون، وهنا يتساءل الجميع هل هناك تغيير حقيقى وعلى ارضية علمية وسياسية يجعلنا أن نضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح على اعتبار أنها الخطوة الأولى فى رحلة الالف ميل؟ 

بداية أن أنظمة الحكم وبعد ظهور (العلوم السياسية) تقول والواقع يؤكد أنه لايوجد نظريات سياسية أو اقتصادية بعينها يتم تطبيقها واستنساخها حرفيا مثل ما تم تطبيقها فى مكان آخر. فلكل نظام ظروفه ومعطياته وإمكاناته وقدراته الخاصة المرتبطة ليس بالزمان فقط ولا المكان بل مرتبطة بهوية وتاريخ وثقافة الشعب إضافة لحتمية الجغرافيا وتأثير التاريخ. 

ولذا نجد أن الأنظمة تحاول التوافق مع المتغيرات الحتمية التى تحل على الأوطان سواء تأثرا بالعالم المحيط بنا أو نتيجة لسياسات داخلية لم تتوافق مع الواقع ولا تتصالح مع الاحتياجات. وقد ظهر هذا جليا بعد نكسة ١٩٦٧ حيث تم تغيير السياسات ومنهج الحكم تغييرا يتوافق مع ما يواجهه الوطن. 

هنا دعونا أن لا نتناقش فى تفصيلات وتفريعات لها آلياتها وأساليب إدارتها خاصة على المستوى الجماهيرى، ولكن دعونا أن نناقش منهج سياسى يتحتم علينا أن نبدأ به حتى لاتتعدد الطرق وتتباين المواقف. 

فلا يوجد نظام سياسى يعتمد على الرأى الواحد بل الأوحد، فهذا كان يتوافق مع حكام وحكم فى أزمنة لاعلاقة لها بسياسة أو علم ولكن لها علاقة بالتوريث أو بالسيف فينتهى الأمر بالتبجيل لا الحوار والاستبداد بالراى الأوحد لا بالديمقراطية. 

نعم لقد مررنا بمرحلة من الإرهاب والترهيب طالت الوطن والمواطن فكان طبيعيا أن نؤجل السياسة والممارسة السياسية فى اى اطار يسمى بالديمقراطى (الديمقراطية المتوافقة مع التركيبة المصرية). وكان التوافق المصرى الذى تصدى لهذا الإرهاب، أما التحديات الحالية المحيطة بنا جميعا تتطلب التوافق الوطنى المرتكز والمتعمد على دولة مؤسسات حقيقية، تقوم فيها كل مؤسسة بدورها على أرضية سياسية وعلمية، تعى المشكلة وتوجد الحلول فى إطار المتاح وبعيدا عن شعار (بناء على تكليف السيد الرئيس) ذلك الشعار الذى يتم استعماله واستغلاله للتقاعس عن أداء الأدوار المطلوبة وتغطية وتمرير الفساد والانحراف الذى يجب أن نواجهه بكل صراحة وشفافية وصرامة. 

كما أنه من الطبيعى أن تقوم كل وزارة وكل مؤسسة بدورها المحدد دستوريا والمقنن قانونيا فى الرصد والبحث ووضع الحلول، وذلك مساعدة لصاحب القرار لكى يتخذ القرار السليم بناء على التخصص والخبرة، فيكون القرار مشمولا بالرؤية السياسية التى هى مهمة أى رئيس. 

وعلى تلك الأرضية يكون تطبيق ما يسمى بالأولويات، فالأولويات تعنى الدراسة والبحث واختيار ما يجب تنفيذه حسب الاحتياجات الحتمية المرتبطة بالجانب الحياتى المواطن مع عدم إسقاط أو إغفال  المشروعات الاستراتيجية التى تعطى عائدا تتوافق مدته الزمنية مع مجمل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية. 

نعم لاننكر أن تكون هناك رؤية شخصية لصاحب القرار، وهذا طبيعى ولكن بعد الاستماع والاطلاع على الرؤى المتخصصة فى تلك القضية أو غيرها، كما أن رؤية ودور المؤسسات والوزارات لايجب أن يفصل البته عن تلك الرؤية السياسية المعتمدة فى المقام الأول على الاستماع والنقاش والحوار الجماهيرى مع كل طبقات وفئات الشعب، فقضايا ومشاكل وتحقيق امال الشعب هو الهدف الاول لأى نظام حكم، فالشعب هو المعلم فلا دولة ولانظام ولا حكم بدون الشعب وبدون شرعيته الجماهيرية التى تدعم وتعزز شرعيته الدستورية والقانونية، بالجماهير التى لاتفرط فى الوطن والتى تحافظ على سلامته تنتظر تغييرا حقيقيا وملموسا على أرض الواقع يبدأ بوزارة جديدة تعى الظروف وتملك المنهج العلمى والسياسى وتجيد تحديد الأولويات مسقطين تراثنا الفرعونى فى الأغداق بالمجاملة لحد الإغراق الذى لايهدف إلى صالح الوطن بل لصالح هذا المؤيد غير الموضوعى الذى لا يهدف لغير مصلحته الذاتية التى لا ولن تفيد صاحب القرار. بل لايفيد صاحب القرار غير الرأى والرأى الاخر حتى يكون هناك ارشاد واسترشاد فى اتخاذ القرار . 

حمى الله مصر وشعبها العظيم.
-------------------------
بقلم: جمال أسعد

مقالات اخرى للكاتب

أسلمة دكتور مجدى يعقوب