16 - 08 - 2024

مياه خطرة: لماذا لايظهر في الأفق أي تخفيف للتصعيد في البحر الأحمر؟

مياه خطرة: لماذا لايظهر في الأفق أي تخفيف للتصعيد في البحر الأحمر؟

في نشرته الأسبوعية عن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا استعرض فريق المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، آراءه حول التوترات في البحر الأحمر، في خضم حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة.

يناقش خبراء المعهد الدولي الهجمات المستمرة منذ شهرين، والتي بدأتها جماعة الحوثيين على السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر، إذ تظل هذه الجماعة اليمنية تشكل تهديدًا كبيرًا للأمان البحري والتجارة العالمية بحسب قولهم. 

منذ 12 يناير، يقود تحالف بحري بقيادة الولايات المتحدة عمليات عسكرية نشطة بالضربات الجوية والصواريخ على مواقعها في اليمن، بهدف حماية الملاحة والأهم من ذلك، تعطيل تهديد الحوثي لسفنهم، ومع ذلك، من غير المرجح أن تحقق هذه التدخلات العسكرية هدفها. 

على العكس من ذلك، قد تؤدي تلك الهجمات إلى تعزيز شعبية الجماعة في المنطقة، فحتى الآن، أدى التصعيد الواضح من جانب الحوثيين إلى تباطؤ ثابت في عبور الملاحة البحرية في البحر الأحمر. وحتى الآن، البدائل القابلة للتنفيذ محدودة ومكلفة، كما سيكون لذلك تأثير حتمي على أسعار العديد من السلع. 

في الوقت نفسه، قد يسهم ما يحدث في مياه باب المندب في إعادة رسم بعض التوازنات الإقليمية وزرع تساؤلات حول الدور الذي ترغب المملكة العربية السعودية في لعبه، بين مطالب الولايات المتحدة بالانضمام إلى التحالف وضرورة التفاوض مع الحوثيين للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في اليمن، تجد الرياض نفسها في موقف صعب.

الضربات الجوية قد تزيد من التصاعد

يرى أندرياس كريج، كبير الأساتذة في جامعة كينجز كوليدج لندن أن الضربات على أهداف الحوثيين في اليمن هي محاولة من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة للحفاظ على حرية الملاحة وهو مبدأ أساسي في المياه العالمية. 

ولكنهم في الوقت نفسه سوف يجدون أنفسهم في موقف مستحيل لإيصال رسالة قوية إلى الحوثيين تكون كافية لردعهم عن مواصلة استهداف السفن، في حين أنهم يضمنون أن الضربات لا تزيد من تصاعد الوضع. 

فشلت سياسة الترهيب والردع على مدى العقد الماضي في التأثير على إرادة وقدرة الحوثيين، لذلك، فإن الحملة الحالية بقيادة الولايات المتحدة/المملكة المتحدة من المحتمل أن تحول تركيز الحوثيين من عملية عقوبات في سياق حرب غزة إلى عملية أوسع تستهدف السفن التابعة للولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وبالتالي، فإن هذه الاستراتيجية لن تحقق أهدافها في الحفاظ على حرية الملاحة ولكن من المرجح أن تزيد من التصاعد."

دوافع التحالف في البحر الأحمر

اليونورا أرديماني، الباحثة الكبيرة في المعهد قالت أن "من المرجح أن يستمر موقف الحوثيين في البحر الأحمر رغم الضربات الأمريكية، فطوال تاريخهم، استفاد الحوثيون دائمًا من العوامل السياقية لبناء خطابهم السياسي بفعالية.

على سبيل المثال في أواخر 2001-2002 ضد التحالف الأمني مع الولايات المتحدة لمواجهة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية؛ ومنذ 2015 ضد التدخل العسكري السعودي بقيادة السعودية.

كذلك منذ 2023 استغلالًا لحرب غزة لتحقيق أهدافهم الخاصة على الصعيدين الداخلي والإقليمي. الحوثيون يصطفون أيضًا لأنهم يقفون بالفعل في سياق حرب، حكموا بمفردهم على دولة فعلية بدون قيود تمثيلية أو تقاسم السلطة.

 الآن يشعرون بأنهم يستطيعون تجميع جمهور واسع حول علم معادٍ لإسرائيل والولايات المتحدة في اليمن والشرق الأوسط، مع تعزيز سلطتهم."

نحو تدخل أمريكي فعال وزيادة دور الاتحاد الأوروبي

"ليس من الضروري أن تكون العمليات الحالية لتقليل مخاطر الملاحة في البحر الأحمر غير فعالة من ناحية التكلفة المباشرة" هكذا تعتقد أليسيو باتالانو، أستاذ الحرب في شرق آسيا، جامعة كينجز كوليدج لندن.

وأضافت: "يجب أن تُحسب التكلفة على أساس ارتفاع معدلات التأمين، وتأخير أوقات السفر للشحن، وتقليل قدرة التجارة على تلبية الطلب". 

من هذا المنظور، ستستمر الولايات المتحدة في تطبيق نهج متنوع يعتمد على اعتراض الصوايخ  المستهدفة للسفن عند الضرورة وإضعاف قدرات الحوثيين. 

ومع ذلك، نظرًا لأن الشحن مهم لازدهار أوروبا، فإنه من المرجح أيضًا أن تنتظر الولايات المتحدة تطورا في المشاركة الأوروبية سواء من خلال التحالف الحالي أو مبادرات إضافية. 

النهج السعودي الحذر تجاه تصاعد الأوضاع

دانيا ذافر، المدير التنفيذي، لمنتدى الخليج الدولي تقول: "يتمحور إحباط المملكة العربية السعودية تجاه الولايات المتحدة حول اعتبارها التصرفات الحالية تجاه متمردي الحوثي في اليمن غير كافية.

 اشتد هذا الإحباط عندما قامت إدارة بايدن بإزالة الحوثيين من "قائمة الهيئات الإرهابية الأجنبية"، وهو إجراء اعتبره المسؤولون السعوديون غير موفق من حيث التوقيت نظرًا للتهديد الذي يشكله الحوثيون على السعودية.

 ردًا على ذلك، سعت المملكة العربية السعودية لتخفيف التوترات وتهدئة النزاع المستمر في اليمن، بعد ما يقرب من تسع سنوات من العدائيات المستمرة، كما سعت الرياض إلى تحقيق وقف لإطلاق النار مع متمردي الحوثي واعتمدت استراتيجية المشاركة لمواجهة التأثير الإقليمي لإيران. 

وبسبب مشاعر الهجر والإحباط في الماضي، تقترب المملكة العربية السعودية الآن من مبادرات الولايات المتحدة في المنطقة بحذر.

كما أبرزت التطورات الأخيرة في منطقة الخليج إمكانية التوسط لحل النزاعات، ومع ذلك، يتطلب التوسط الناجح بين الولايات المتحدة ومتمردي الحوثي إشراك طرف ثالث لديه علاقات مستقرة مع الطرفين. 

في الوقت الحالي، وحتى مع توقف اطلاق النار، تظل العلاقة بين السعودية والحوثيين متوترة، مع استمرار التهديدات من الحوثيين الموجهة نحو المملكة العربية السعودية بعد الضربات الجوية الأمريكية، ويعقد هذا التوتر المستمر الأمور في المستقبل المنظور للتوسط الفعّال في الوقت المنظور."

 السعودية لن تضع علاقاتها مع الحوثيين على المحك لمساعدة الولايات المتحدة

كورتني فرير، الأستاذ المساعد الزائر في جامعة إيموري يقول: "قد تستفيد المملكة العربية السعودية بشكل محتمل من حقيقة أن لديها خطوط اتصال مع كل من الحوثيين والولايات المتحدة لمحاولة جلب الأطراف إلى طاولة المفاوضات.

 ومع أن المملكة العربية السعودية في عملية تفاوض مع كل طرف على حدة لتحقيق وقف إطلاق النار مع الحوثيين، إلا أنها من غير المرجح أن تقوم بأي شيء يمكن أن يعرض قدرتها على إنهاء هذا الاتفاق.

 ونتيجة لذلك، ستتم المضي قدمًا بالعمليات بشكل منفصل، إلى حد ما إذا كان ذلك ممكنًا، وسيتعين على جميع الأطراف الاتفاق على خطوات أولية نحو تخفيف التصاعد في المنطقة قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات."
----------------------------
ترجمة أسماء زيدان
لقراءة المقال باللغة الإنجليزية يرجى الضغط هنا