29 - 06 - 2024

المشي على الحبل المشدود: ماهي استراتيجية إيران الحالية؟

المشي على الحبل المشدود: ماهي استراتيجية إيران الحالية؟

تناقش نشرة المعهد الإيطالي لدراسات السياسة الدولية هذا الأسبوع رؤىتها حول أهم التطورات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مجمعة آراء فريدة وتوقعات موثوقة حول السيناريوهات المستقبلية. 

تلقي هذه النشرة الضوء على التصعيد الإقليمي وتأثيره على إيران، حيث يناقش الخبراء في المعهد ما بعد 7 أكتوبر وعلى مدار 3 أشهر، إذ حاولت إيران تجنب التورط في التوترات الإقليمية، ونفت باستمرار تورطها في الهجمات التي نفذها وكلاؤها العديدون في جميع أنحاء المنطقة.

 ومع ذلك، فإن مقتل الجنرال رفيع المستوى في الحرس الثوري الإيراني رضي موسوي في سوريا، وكذلك الهجوم الإرهابي الذي شنه تنظيم الدولة الإسلامية في كرمان، أدى إلى إعادة خلط الأوراق، حيث لاحظت إيران انخفاضًا كبيرًا في قدرات الردع لديها.

 وفي الأسبوع الماضي، ضربت طهران أهدافاً لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، وقاعدة مزعومة للموساد في كردستان العراق، وقواعد لجماعة جيش العدل الانفصالية البلوشية في باكستان. 

وردت إسلام آباد بضرب أهداف بلوشية على الأراضي الإيرانية، مما أثار مخاوف بشأن تصعيد محتمل بين الشريكين التاريخيين.

 وعلى الرغم من المخاوف الأولية، اختارت باكستان وإيران التهدئة الفورية واتفقتا على إعادة سفيريهما إلى مناصبهما في 26 ينايرالماضي، وهي خطوة تهدف إلى حماية العلاقات الاقتصادية والسياسية الثنائية. 

على هذه الخلفية، كانت زيارة الرئيس رئيسي إلى أنقرة في 24 يناير الماضي ذات أهمية خاصة، في حين تجنبت تركيا، التي تتمتع بعلاقات جيدة مع البلدين، اتخاذ موقف أثناء التصعيد المستمر وحافظت على علاقاتها مع شريكين تشتد الحاجة إليهما.

الهجمات المتبادلة بين إيران وباكستان: أزمة تم تجنبها

يقول شجاع نواز، الخبير في مركز جنوب آسيا، المجلس الأطلسي: ما كان من الممكن أن يتحول بسهولة إلى أزمة كبرى بين جارتين مترابطتين، إيران وباكستان، تم تجنبه بسرعة من خلال العمل المدروس السريع.

 أدركت القيادة السياسية في كلا الجانبين خطر تصعيد الصراع، ووافقت على إجراء محادثات في نهاية فبراير لحل الخلافات، ويبدو أن الحل الأفضل هو أن يقوم الجانبان بطرد المتمردين من أراضيهم، ولكن يظل السؤال الرئيسي في الوقت الحالي هو ما إذا كانوا سيفعلون ذلك.

 يتمتع كلا البلدين بعلاقات تجارية مهمة، وتعتمد باكستان على البنزين والديزل الإيرانيين بما يصل إلى 40% من استهلاكها المحلي، كما تكثر التجارة غير الرسمية وتتلقى ثلاث مناطق في بلوشستان الباكستانية الكهرباء من إيران. 

وفي العام الماضي، اتفق وزيرا خارجية البلدين على زيادة التجارة الثنائية من حوالي 2 مليار دولار إلى 5 مليارات دولار. 

وتعتمد إيران على التجارة غير المشروعة عبر باكستان للتحايل على العقوبات الأمريكية، وينبغي لهذه العوامل أن تساعدهم على إيجاد حل طويل الأمد.

 الجماعات البلوشية المسلحة قد تتسبب في إثارة تصعيد إقليمي أوسع.

بجمان عبد المحمدي، أستاذ بجامعة ترينتو يرى أن: تصاعد التوترات العسكرية الأخيرة بين إيران وباكستان على المستوى الإقليمي، ويتفاقم هذا الخطر بسبب الوضع غير المستقر في المنطقة، والذي تفاقم بسبب الصراع الدائر في غزة.

 والجدير بالذكر أن باكستان تمتلك قدرات نووية، وتتمتع إيران بنفوذ كبير من خلال وكلائها في الشرق الأوسط. 

إن دراسة الوضع في إقليم بلوشستان الإيراني يكشف عن تهديد مستمر على طول الحدود الشرقية لإيران، حيث تعرض الجماعات المسلحة السيادة الوطنية الإيرانية للخطر. 

وتواجه طهران تحديات مماثلة في كردستان الإيرانية، وعلى عكس ما يفسره العديد من وسائل الإعلام والمحللين، من خلال دفع الخطاب نحو قضية انفصالية، فإن هذه الجماعات كانت موجودة منذ سنوات عديدة، مما أدى إلى تقويض الأمن القومي الإيراني، وهي ديناميكية شائعة بين الدول القومية، كما يحدث مع مختلف الجماعات الانفصالية في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.

الدبلوماسية التركية: نهج متوازن بين طهران وإسلام آباد

فاليريا تالبوت، رئيسة مركز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد تقول: لم تكن التوترات الأخيرة بين إيران وباكستان على جدول الأعمال خلال الاجتماع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الإيراني إبراهيم رئيسي في 24 يناير، وهو ليس بالامر المفاجيء.

فقد امتنعت أنقرة بالفعل عن التعليق على التصعيد بين طهران وباكستان، للحفاظ على موقف متوازن بين الشريكين اللذين تشتد الحاجة إليهما. 

لقد اتسمت العلاقات التركية الإيرانية، التي شهدت صعودًا وهبوطًا لعقود من الزمن، تاريخيًا بمزيج من التنافس الإقليمي والتعاون الاقتصادي. 

وفي حين تختلف مواقف تركيا وإيران بشأن العديد من الملفات الإقليمية، من سوريا إلى ناجورنو كاراباخ، فإن المصالح التجارية والطاقة لا تزال تمثل العمود الفقري للعلاقات الوثيقة.

 ومن غير المستغرب أن تظهر زيارة رئيسي لأنقرة أنها على خلفية التقلبات الإقليمية المتزايدة، إذ يواصل البلدان الرهان على التعاون الاقتصادي لتعزيز علاقتهما المعقدة.

علي هاشم، الصحفي بقناة الجزيرة؛ ومؤسس منصة "جيده إيران" يقول: بينما تعمل "إسرائيل" على تصعيد التوترات استراتيجياً، تسعى إيران إلى عرقلتها على جبهات متعددة

ومن خلال الاستفادة من الصراع في غزة، يعمل الإحتلال على تخفيف التهديدات الإقليمية بشكل استراتيجي، وخاصة من التحالف الذي تقوده إيران. 

وتنظر إسرائيل إلى النهج الحذر الذي يتبعه خصومها على أنه فرصة لفرض هيمنتها في مختلف المجالات. وتتجلى هذه الاستراتيجية من خلال العمليات المستهدفة في سوريا، والقضاء على شخصيات مثل رضي موسوي من الحرس الثوري الإيراني، وصالح العاروري من حماس، ووسام الطويل من حزب الله، ومهاجمة قطاع المخابرات التابع لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في دمشق. 

وقد أدت مثل هذه الإجراءات إلى إضعاف قدرة الردع الإيرانية بشكل كبير، مما أثار مخاوف من أن الانتقام المكثف قد يتصاعد إلى صراع كبير. 

ومن خلال هذه التدابير، تمكنت إسرائيل بشكل غير متوقع من تخفيف تصرفات التحالف الذي تقوده إيران، مما يضمن لها اليد العليا الاستراتيجية. 

ومع ذلك، يبدو أن إيران عازمة على استنزاف إسرائيل من خلال صراع طويل ومستنزف في غزة، وعلى طول الجبهة اللبنانية، والعامل اليمني الذي يؤثر على طرق التجارة في البحر الأحمر.

 ومن وجهة نظر طهران، كلما زاد تورط إسرائيل في الصراعات المستمرة، زاد احتمال زعزعة استقرار نسيجها السياسي والمجتمعي، مما قد يؤدي إلى حدوث أزمة وجودية عميقة داخلها.
---------------------------
ترجمة - أسماء زيدان


إيران والتصعيد في الشرق الأوسط: الاستفزازات إلى أي مدى؟

علي الفونه، زميل معهد دول الخليج العربية في واشنطن يقول:

منذ السابع من أكتوبر، توغلت حماس في "إسرائيل" وما أعقب ذلك من حرب على غزة، وعليه انخرطت الجمهورية الإسلامية في انتشار أفقي محدود وحذر ومحسوب للصراع.

 إن سياسة إيران تخدم غرضين: الأول، تصعيد الأزمة إلى مستوى ج يعقد الحسابات الإسرائيلية والأمريكية مع تجنب إثارة حرب أمريكية مباشرة ضد إيران.

 ثانياً، تحذير الولايات المتحدة من خطر اتساع نطاق الحرب، وتشجيع واشنطن على إقناع "إسرائيل" بوقف الحرب في غزة. 

وحتى الآن، أثبتت هذه السياسة فعاليتها، لكن الحوادث المؤسفة، مثل الوفاة العرضية لأفراد عسكريين أمريكيين، قد تثير ما تأمل إيران في تجنبه.

لقراءة المقال بالإنجليزية يرجى الضغط هنا






اعلان