20 - 06 - 2024

دعوة جديدة للحوار الوطني: ثرثرة فوق النيل!

دعوة جديدة للحوار الوطني: ثرثرة فوق النيل!

أعلن ضياء رشوان المنسق العام للحوار الوطني أن مجلس أمناء الحوار قد قرر إستئناف أعمال وفعاليات الحوار الوطني في مرحلته الثانية .. إعلان يناقض نفسه من حيث الشكل ، قبل أن "يضحك" علينا بالمضمون، ويصادر على نفسه بنفسه!

الشكل: يستهل الإعلان ديباجته بفعل "قرر" ، ما يوحي أن مجلس أمناء الحوار الوطني سيد أمره ، ويتخذ ما يشاء من قرارات وقت ما يشاء وفقا لإرادته وذلك أمر لا يتفق ولا يستقيم مع الواقع الذي نعيشه، ويعيشه معنا مجلس الحوار االوطنى .. واقع االحال يقول أن المجلس (مع كامل الاحترام ) لا يملك من أمره شيئا ، فالأمر، وكل الأمور، بيد السيد رئيس الجمهورية ، هو وحده صاحب القرار في هذا الوطن ، ولأن السيد رئيس مجلس الأمناء، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، الباحث السياسي والكاتب الصحفي المرموق ضياء رشوان، يعرف تلك الحقيقة ، فقد استدرك نفسه في الديباجة على الفور وألحقها بجملة "استجابة لدعوة االسيد الرئيس".. اعتراف واضح وصريح أن مجلس أمناء الحوار الوطنى الموقر استيقظ من مرقده استجابة لدعوة صاحب القرار، وليس استيقاظا تلقائيا من نفسه استجابة لتحديات للأوضاع الراهنة للاقتصاد المصري الذي يئن من الشكوى، منذ سنوات دون استجابة.

الشكل يحيلنا إلى المضمون مباشرة: أثبتت الجولة الأولى من الحوار الوطني ( 3 مايو 2023) أن مخرجاته، في أقصى التقدير، لا تعدو عن كونها أمنيات يقدمها بعض من النخبة، لصاحب القرار، ذهبت أدراج االرياح ، وإلى الآن لم تعرف توصيات المرحلة الأولى طريقها إلى النور، حيث تضمنت مخرجات الحوار الوطني في مرحلته الأولى عدة نقاط، أبرزها إدخال تعديلات على قانون الانتخابات، وتقديم ثلاثة مقترحات بشأن شكل الانتخابات، واستمرار الإشراف القضائي عليها في جميع مراحلها، وتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية، وإنشاء المفوضية العامة للقضاء على التمييز، إلى جانب مجموعة من القرارات المرتبطة بشكل الجمعيات التعاونية والأهلية وأدوارها المجتمعية .. جميعها لم ينفذ منها شيء أو حتى صدر وعد جاد بتنفيذها.

حرية إبداء الرأي، غير المؤذية للآخرين، والسلمية، والتي تحتل هرم الحريات في الدستور، والتي كانت على رأس توصيات المرحلة الأولى من الحوار الوطني، لم يستجب لها أحد، بل وتأتمر في حركتها السياسية، بأمر شخص واحد فقط، فما بالنا بالمشاركة الحقيقية في اتخاذ القرارات المصيرية بحياتنا في العيش بكرامة اجتماعية.. حتى هؤلاء الذين ابدوا غضبهم لما يحدث من إجرام صهيوني في غزة ، وتظاهروا من أجل ابداء الغضب وفقط ، منزوون داخل جدران الحبس الاحتياطي.

الحكومة المصرية سبق وأن أعلنت إن في جعبتها خطة تنفيذية لتوصيات المرحلة الأولى من الحوار الوطني، من دون أن تتحدث عن المزيد من التفاصيل حولها بعد ثلاثة أشهر من وصول التوصيات إليها، إذ جرى الإعلان عنها وتقديمها للجهات التنفيذية المختصة قبل تعليق الحوار إلى حين إجراء انتخابات الرئاسة في ديسمبر الماضي.. ومن المتوقع إن لم يكن مؤكدا ، أن المرحلة الثانية من الحوار الوطني لن تكون أكثر من "كمالة عدد".

لا معنى لأي حوار وطني غير ملزم للحكومة ، وتجاهل توصيات المرحلة الأولى من الحوار الوطني لا يمكن فهمه إلا على أنه ازدراء للنخبة على طريقة "ثرثرة فوق النيل"!
-------------------------------
بقلم: أحمد عادل هاشم

مقالات اخرى للكاتب

الشارع لمين ؟





اعلان