18 - 06 - 2024

خدمة العملاء و تعذيب المواطن

خدمة العملاء و تعذيب المواطن

يشكو كثير من المواطنين في مصر من سوء معاملة بعض الموظفين لهم سواء في بنك او جهة حكومية او هيئة او شركة خدمية ..

الشعور العام يبدو وكأن المواطن متلقي الخدمة يتسول من الموظف، ويتعامل الموظف بكبر و كأنه يمن على المواطن ...

لماذا هذه الحالة ؟

الكل يعاني ..

مجرد أن تذهب إلى أي جهة خدمية تكتشف أن وقتك مهدر ولا قيمة له ، وتكتشف أنك في وضع المحتاج الذي وقعت رقبته تحت سكين بارد ..

السبب ببساطة في عدم وجود رقابة على الموظف وعدم وجود نظام للمحاسبة ..

هنا في الولايات المتحدة، حيث أعيش، يبدو الأمر مختلفا تماما ..

أولا: تستطيع حجز موعد مع أي مؤسسة حكومية او غير حكومية عبر الإنترنت لتذهب لتلقي الخدمة في وقت يتراوح بين عدة دقائق إلى نصف ساعة على الأكثر.

ثانيا: إذا ذهبت دون حجز موعد تسجل اسمك و تأخذ دورك و تعرف عند تسجيل اسمك كم دقيقة تقريبا أمامك.

ثالثا: سواء كنت على موعد أو لا، ما أن يأتي دورك حتى يبادرك الموظف بإلقاء التحية بابتسامة مبهرة و كأنك أحد أقاربه الغائب الذي أتى إليه في زيارة وهو فرح بلقائه.

في بعض الأماكن كالبنوك يخرج من مكتبه ليستقبلك ويدخل معك المكتب ويعدل لك الكرسي أمام مكتبه لتجلس عليه ، ثم يفتح الكمبيوتر و يبدأ في تقديم الخدمة ، وقد يحتاج الأمر منه أن يخرج ليوقع بعض الأوراق من مديره ثم يعود إليك،  أحيانا يقدم لك زجاجة ماء صغيرة الحجم كنوع من التحية و خاصة في أيام الحر ويمكنك أن تطلب المزيد .. ثم يسألك في نهاية الخدمة ، هل تريد أي شئ آخر،  فلما تقول له لا شكرا ، يقولك ارجوك سوف تتلقى إيميلا للإستبيان عن مستوى الخدمة ، رجاء إعطائي درجة جيدة.

رابعا: نأتي إلى المؤسسات الحكومية الأمنية،  مثل استخراج رقم قومي أو رخصة قيادة أو سجل البصمات .. أيضا إما أن تحدد موعدا مسبقا عبر الإنترنت أو تذهب و تنتظر دورك ، تحصل على رقم عند دخولك و تجلس في مكان نظيف مكيف تتوافر به صنابير مياه مفلترة للشرب ودورات مياه نظيفة.

يتم عرض الأرقام على الشاشات بالترتيب، و كل رقم يظهر إلى جواره الشباك الذي يتوجه إليه، ثم يستقبلك الموظف بالتحية و في بعض الأماكن يكون أمامه كرسيان لتجلس أنت ومن معك إذا كان معك زوج او ابن ..

ثم يقدم لك الخدمة التي ترغب بكل محبة وإذا كانت هناك صعوبات يبحث عن حلول وقد ينادي مديره لكي يساعد في إيجاد حل وإذا كانت مستنداتك ناقصة أي شيء، يقول لك وهو يبدي أسفا: أنا هنا إلى الخامسة،  حاول استكمال المطلوب و تعالى ، أما إذا أتم لك الخدمة فهو يسلم عليك و يعطيك ورقة استبيان لكي تكتب رأيك فيه و تضعها في صندوق زجاجي ..

أو يقول لك سوف يصلك ايميل للتقييم ، رجاء إعطائي درجة جيدة ..

هكذا الأمر مع الأطباء و اطقم التمريض في المستشفيات ...

حكت لي صديقة أنها عندما ذهبت إلى إدارة الهجرة للحصول على الجرين كارد ، فوجئت بالقنصل في الصالة بنفسها تنادي أسمها ،  ثم اصطحبتها إلى مكتبها ، و بعد عدة أسئلة من القنصل و أجوبة من الصديقة ابتسمت و قدمت لها التهنئة و أخبرتها أن تنتظر وصول الجرين كارد بالبريد خلال خمسة أيام عمل ، و لما وجدت ان هذه الصديقة لا تذكر الاتجاه الذي دخلت منه ابتسمت وخرجت معها لتوصلها إلى الخارج ، ثم عادت إلى مكتبها لتكتب تقريرها ...

بالتأكيد نحن بشر و هم بشر ، لكن الفارق بين من تتم مراقبته و تقييمه مع كل معاملة ومن لا تتم مراقبته ولا تقييمه شاسع كالفارق بين السماء و الأرض..

و دون ذكر قصص و حكايات في حياة كل منا عشرات القصص التي نسمعها يوميا وتعبر عن معاناتنا في مصر ، فهل من نظام للرقابة و المحاسبة حتى تنصلح احوالنا!

(سبب كتابة هذا المقال هو شكوى مرة كتبها الزميل الكاتب الصحفي الأستاذ يسري حسان عن سوء معاملة وجدها في بنك من أكبر البنوك في مصر والحق أن ما شعرت به من مرار في كلمات الزميل كان دافعا لي لكتابة هذا المقال عل المسؤولين في مصر يضعون نظاما جيدا يضمن التعامل المحترم مع العملاء في مختلف الجهات.)
--------------------------------
بقلم: إلهام عبدالعال

مقالات اخرى للكاتب

خدمة العملاء و تعذيب المواطن





اعلان