19 - 06 - 2024

ماذا يريد الشعب؟ (٦)

ماذا يريد الشعب؟ (٦)

لاشك أن الوطن يمر الآن بظروف قاسية وتحديات مصيرية على المستوى الخارجى وأيضا على المستوى الداخلي. فالتحديات الخارجية تراكمت وتعددت وأحاطت بنا من كل الاتجاهات سواء كانت من الجنوب أو الشمال أو الشرق أو الغرب، وأحدثها مايجري الآن فى غزة وفى رفح مع التهديدات الإسرائيلية بتهجير الشعب الفلسطينى قسرا أو كرها مما يهدد سلامة الأمن القومى المصرى الذى يفرض علينا الدفاع عن أمننا وأرضنا أيا كانت الظروف بالرغم من التحديات التى تحيط بنا. 

أما على المستوى الداخلى فالتحديات كثيرة ولكنها تختصر الآن فى المشكلة الاقتصادية التى تعلن عن نفسها على المستوى المالى والمصرفي (الدولار وسوقه السوداء وأعباء الديون وأقساطها مع زيادة الاستيراد وقلة التصدير ...الخ) وهذا مستوى منوط به المتخصصون، ولكن الإعلان الأهم لهذه المشكلة يتمثل ويظهر جليا فارضا نفسه على الجميع، خاصة على ماتبقى من الطبقة الوسطى وعلى الفقراء فى هذا الشعب وعلى كل المستويات، وهو الارتفاع الجنوني والفوضوي للأسعار بلا ضابط أو رابط لهذه الفوضى التسعيرية. 

هنا هل هناك علاقة مباشرة بين التحديات الخارجية والتحديات الداخلية؟ بالطبع هناك علاقة مباشرة وحتمية بين هذه وتلك، فحل المشكلة الاقتصادية بل قل التخفيف منها بل قل تثبيت العربة منعا من مزيد من الانحدار والانهيار حتى نبدأ الخطوة الأولى فى طريق الألف ميل. فهذا هو الطريق المتاح الآن لخلق حالة وطنية حقيقية وتوحد مصري وطنى يشكل سياجا ودرعا جماهيريا لمواجهة تلك التحديات الخارجية التى يمكن أن تفرض علينا مالا يحين وقته وما ينتج عنه تحديات مضافة إلى مانعيشه من تحديات. مع العلم أن هذا التوافق الوطنى لا يكون سندا للجبهة الخارجية فقط، ولكن لمواجهة تلك الهجمة التتارية من هم لايريدون خيرا للوطن تحت رفع شعارات وطرح مزاعم تندثر بالوطنية . وهذا يعنى أن المواجهة العسكرية التى يريدون فرضها علينا لابد لها من جبهة داخلية ذات روح معنوية مستعدة لتقديم الغالى والرخيص فداء للوطن. 

وأعتقد أن محاولة السيطرة على الدولار والأسعار هى الخطوة الأولى للتخفيف عن المواطن حتى لاتستغل تلك الحالة النفسية التى يعيشها الجميع كذلك، يجب أن تكون هى الشاغل الرئيسى للحكومة القادمة التى لا يجب البته انتظار تغييرها لحين حلف اليمين الدستورية لرئبس الجمهورية لأنها فاقدة لكل صلاحية ولأى صلاحية. فمنذ متى يعلن رئيس الوزراء شخصيا  عن أسعار سلع تموينية بأسعار تم تحديدها مع مايسمى شعبة البضائع؟ ولم يحدث ذلك شيئا بل تزيد الاسعار لهذه السلع أكثر واكثر!! كم من مرة يعلن عن وضع الأسعار على كل سلعة ولانرى لذلك أثرا !! فهل هذا غياب للوعى أم فقدان للصلاحية؟  

لايمكن الإلزام بوضع السعر على السلعة بغير الاتى: بالالتزام بعدم التسعير الجبرى (فرضا علينا من نظام عولمى رأسمالي) فهذه حجة بليدة لمنظمة التجارة العالمية تجيز التدخل الحكومى عندما يكون هناك خطر على الوطن، ومع ذلك لماذا لا يتم تحديد السعر مع هامش الربح للمنتج ثم تاجر الجملة وبعده تاجر التجزئة وحينها يتم الالتزام الجبرى بالسعر المثبت على السلعة مع المتابعة والرقابة الحقيقية، خاصة بعد منح الضبطية القضائية لبعض ضباط القوات المسلحة وتحويل القضايا إلى المحاكم العسكرية. ثم لماذا لا يتم تجريم المتاجرة بالدولار تجريما يلغى عمليا تلك السوق السوداء؟ الأسئلة كثيرة والمطلوب أكثر والأهم هو الوعى بالمشاكل ومدى تأثيرها على الروح المعنوية للشعب وأهم الأهم هو الإسراع فى الرصد والحركة إسقاطا للمقولة الخاطئة التى تقول (يأتى أخيرا خير من ألا ياتى أبدا).

ولكن يأتى سريعا فى الوقت المناسب والمطلوب خير من المتأخر المتكاسل وفاقد الصلاحية. 

حفظ الله مصر وشعبها العظيم وجيشها الرابض الحامى للوطن الذى يحتاج إلينا جميعا.
-----------------------------
بقلم: جمال أسعد


مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب؟ (١٣)





اعلان