30 - 06 - 2024

٣ (سكيتشرز) بمائة جنيه !

٣ (سكيتشرز) بمائة جنيه !

لكلّ فترةٍ زمنية خصائصها وبهاؤها، فما كان مقدورا عليه، ومُستطاعا في الشباب والصبا، صار عنتا ومشقة في الكهولة بعدما بدأت تنبتُ في صفحة الرأس السوداء شعيراتٌ بيض، تسللت كما تتسلل خيوط الصبح، فتبدد صفحة الظلام، وإن كان ثمة فارق بين دلالة خيوط الفجر، ودلالة الشعيرات البيض، فالأولي تأذن بميلاد يوم جديد، والثانية تأذن بالمغيب والأفول !

والذي كان مُستطاعا بالأمس هو قدرتي الفائقة علي السير علي الأقدام فتراتٍ طويلة، أقطعُ فيها عشرات الكيلو مترات دون كللٍ ولا نصب، واستعضتُ بذلك المشي عن ممارسة الرياضة، التي لم يعد لي بها طاقة من حيث الوقت والجهد .

كان أنسبُ وقت للمشي أثناء ذهابي للعمل والعودة منه، فلا أفكر مُطلقا في استقلال حافلة داخل المدينة، أو في انتقالي من البيت إلي موقف المواصلات شرق القرية .

والحقيقة أن نهمي للأكل، واكتفائي بمجرد المشي، لم يكفِ لحرق السعرات الحرارية بجسمي، فزاد عن وزنه الطبيعي، وهو ما جعل المشي أيضا رحلة من العذاب جراء ما يخلفه من ألم في المفاصل والركب .

أشار عليّ ذوو الخبرة بشراء ( سكيتشرز ) فيتنامي؛ لأصير بعد ارتدائة، والسير به (ريشة في مهب الريح)، وهو ما سيجعل المشي ( متعة) وليس تكديرا .

أخذتُ أقلب في مواقع التسويق الإلكتروني باحثا عن أفضل ماركة، وأحسن سعر، وفي كل مرة بحث، كانت تبوء محاولاتي بالفشل، وأعودُ بخفي حنين، إذ إن انخفاض سعر الموديل، كانت تلازمه دائما رداءة الخامة، والعكس بالعكس، فالخامات الجيدة أسعارها فلكية .

نصحني صديقي د. محمد علي معروف (وهو شاب عايق) كأبيه تماما بشراء (موديل) غالي الثمن بحجة أن (الغالي ثمنه فيه).

انصعتُ لنصحه مُجبَرا، فلم أكن أنا أبدا (عايق) كأبي - رحمه الله - وشرعتُ في إتمام عملية شراء عبر أحد المواقع علي النت، ووقع اختياري علي حذاء بقيمة  10000 آلاف جنيه؛ ليرحمني من آلام (الرُّكب والمفاصل)، وقبل أن يرد علي رسالتي مسؤول التسويق، دخل علينا (الشاب) الطّرز  عبد الرحمن شبل، وهو شاب يُلاطم الحياة وتلاطمه، ويعتبر في قرارة نفسه أنه (أوعي) من الحصي، ولا أدري من الذي رسّخ في ذهنه هذا الاعتقاد، وقال لي: يا خال  .. جريا علي نداء زوجته لي، حيث إنني خالها بالفعل، إذ إنّ أمَّ زوجته ابنة عمي، فصرتُ خاله بالتبعية أو المجاورة .. أعود لنصيحة عبدالرحمن شبل (الجهنمية) بعد الجملة الاعتراضية الطويلة السابقة، حيث قال سأُحيلك إلي موقع تسويق (لقطة) ، اشتريت منه ٣ أحذية بمائة جنيه .. آه والله كما قرأتَ أنت بالفعل .. ٣ بمائة جنيه، واستطرد، ودفعتُ للمندوب ٣٠ جنيها مصاريف شحن، فكان الإجمالي ٣ أحذية بـ١٣٠ جنيها !

هنالك ضرب د. محمد علي معروف كفا بكف وقال: يعني تشتري بـ 10000 آلاف  300 سكيتشرز من بتوع عبد الرحمن، تلبس كل يوم حذاء، وبقية السنة، سواء كانت (كبيسة) أو بسيطة تلبس أحذيتك الجلد الكلاسيك، واللميع .

عدتُ أدراجي، وعدلتُ عن نصيحة د. محمد علي، وهممتُ بتنفيذ فكرة عبد الرحمن شبل، ولكنني قلتُ في سرّي - قبل أن تقع (الفاس في الراس) - انظر يا (واد) لتلك الأحذية قبل أن (تِشربها)، وتُقعد لبيعها علي (فرشة) في داير الناحية، فإذا بها (كنادير) جمع (كندورة) نعلها بلاستيك ردئ، و(الوش) خيش (مقطرن)، فشكرت أخانا عبد الرحمن (الواعي) علي نصيحته المخلصة، ولم أجد بدا من الاستجابة لمطلب د. محمد علي معروف، وشراء حذائه المُقترح، ولو غالي (شويتين) !
-------------------------------------
بقلم: صبري الموجي
* مدير تحرير الأهرام


مقالات اخرى للكاتب

إبراهيم عطا الله .. الحكمةُ ضالة المؤمن !





اعلان