27 - 09 - 2024

نص كلمة شكري أمام اجتماع مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري للدورة الـ 161

نص كلمة شكري أمام اجتماع مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري للدورة الـ 161

ألقي وزير الخارجية المصري، سامح شكري، اليوم الأربعاء،  كلمة أمام اجتماع مجلس جامعة الدول العربية في دورته الـ161، حيث بدأ بتهنئة محمد سالم ولد مرزوك، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتانيين بالخارج، بمناسبة توليه رئاسة الدورة الحالية. 

وأشاد شكري بجهود ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين  بالمملكة المغربية، على رئاسته للدورة السابقة، 

وقدّم الشكر لأحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، ولطاقم الأمانة العامة على جهودهم في هذه المرحلة الصعبة والدقيقة.

وأوضح شكري، أن  القضية الفلسطينية وتطورات الحرب الإسرائيلية تصدرت جدول الأعمال اليوم، حيث لا يقتصر الاهتمام بها على النواحي السياسية والتاريخية والوجدانية فقط، بل تزداد أهمية بسبب الأزمة الإنسانية الخطيرة التي تتسبب فيها. 

وقال : بلغ  أعداد الضحايا من الشعب الفلسطيني جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية أكثر من 30 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال. وتم نزوح أكثر من 2.3 مليون شخص قسرًا من منازلهم، مما يجعل هذه الأزمة أكثر وضوحًا وخطورة مما كانت عليه في السابق


وتابع شكري قائلا: كأن هذا لم يكن كافياً، ففرض على أبناء الشعب الفلسطيني العقاب الجماعي والتجويع، وتم حرمانهم وأطفالهم من الحليب والغذاء والدواء، وأصبحنا –في القرن الحادي والعشرين– نطالع أخبار وفاة أطفال من الجوع ونقص الدواء، بل وصلنا إلى قتل الأطفال والمدنيين خلال محاولة حصولهم على وجبة غذاء أو جرعة دواء من المساعدات الشحيحة التي تصل إليهم جواً نظراًللتعنت الإسرائيلي المتعمد في إجراءات مرور المساعدات الإنسانية والذي أدى إلى استمرار تضاؤلها.

وقال: لقد أصبح واضحاً أن السياسات الإسرائيلية في قطاع غزة إنما تستهدف جعل القطاع غير قابل للحياة، ومن ثم طرد سكانه وهو ما يتم بالتوازي مع ممارسات في الضفة الغربية من استيطان وهدم منازل واقتحامات عسكرية، وهو ما يعكس سياسة ممنهجة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية من خلال التهجير القسري وبما يخالف القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وهي السياسة التي نرفضها جملة وتفصيلاً، وندعو المجتمع الدولي للتصدي لها عبر اتخاذ مواقف وإجراءات جادة لمواجهتها.

وحذر شكري  كذلك بشدة من النوايا الصهيونية للقيام بأعمال عسكرية واسعة في مدينة رفح الفلسطينية التي أصبحت ملجأ لأكثر من مليون ونصف نازح فلسطيني، وما سيترتب على مثل تلك الخطوة من عواقب إنسانية كارثية.

قال : لا يجب أن يغامر أحد بأسس السلام في المنطقة، تلك الأسس التي سعينا لتكريسها على مدار العقود الطويلة الماضية.

وشدد على أن الجامعة العربية ودولها الأعضاء لم تألو جهداً منذ اللحظة الأولى للأزمة في بذل كل ما لديها من جهد وطاقة وقدرة واتصالات من أجل إيقاف عجلة الحرب، بل دفعنا منذ اللحظة الأولى –ولا زلنا- من أجل التوصل لوقف فوري وشامل لإطلاق النار فيغزة، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ للقطاع، وقد ذهبنا لمجلس الأمن، وصدر عنه القرار 2720 الذي نطالب بسرعة تنفيذه من خلال انشاء آلية داخل قطاع غزة لتسهيل دخول المساعدات تحت رعاية الأمم المتحدة لتجنب أي عراقيل في هذا الخصوص.

وأشار إلي أنه لم تنطلق جهود الجامعة العربية وأعضاؤهافقط بدافع المسئولية العربية، وهي مسئولية حقيقية راسخة، وإنما كذلك بدافع المسئولية الأخلاقية والإنسانية فانضمت إلينا أصوات حرة من مختلف بقاع العالم، إلا أن الجهود المصرية والعربية الحثيثة اصطدمت بعجز مخجل للإرادةالدولية، وغلبة الانحيازات السياسية والمعاييرالمزدوجة، على حساب أبسط مفاهيم العدالة أوقواعد حقوق الإنسان أو تطبيق القانون الدوليوالقانون الدولي الإنساني. بل ووجدنا بعض دول العالم تمعن في عقاب الشعب الفلسطيني الأعزل، وتشارك فيما يواجهه من ظلم عبر الامتناع عن تمويل وكالة الاونروا بما يعمق من معاناة الشعب الفلسطيني، وهي الخطوة التي تدعو مصر الدول التي اتخذتها إلى التراجع عنها، كما تدعو الدول العربية إلى زيادة مساهماتها ودعمها للأونروا. 

وأعرب شكري عن قلقة حال استمرار هذا العجز والانحياز،أن تصبح هذه الأزمة منعطفاً فارقاً في الحكم على جدية مفاهيم العدالة الدولية والضمير الإنساني، وأن نكون أمام عودة مخيفة لمفاهيم القوة والغلبة على حساب قواعد القانون والعدل ونشر السلام.كما أخشى أن التبعات السياسية والأمنيةوالإنسانية شديدة الخطورة التي قد تنجم عن استمرار هذه الحرب الإسرائيلية لن تقتصر علىالقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني الشقيقفقط، وإنما ستستمر في الامتداد إلى المنطقة ككل،وتلقى بظلالها على الأمن والسلم الدوليين، على نحو ما تابعناه في البحر الأحمر وفى العراق وسوريا، ونراقبه بقلق بالغ في لبنان.

وجدد شكري الدعوة من هنا للمجتمع الدولي إلى دعم الجهود المصرية والعربية فيانفاذ وقف فوري وشامل لإطلاق النار في غزة، وإيقاف نزيف الدم والقتل المجاني للعزل والاطفال في فلسطين، واستئناف تمويل الاونروا والضغط على إسرائيل لإدخال المساعدات إلى أبناء القطاع، تمهيداً للانتقال إلى مسار حل سياسي جادللقضية الفلسطينية والبدء في تنفيذ حل الدولتينمن خلال تجسيد دولة فلسطينية قابلة للحياةعاصمتها القدس الشرقية وعلى خطوط الرابع منيونيو 1967، باعتباره المسار الأوحد لتحقيقالسلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم أجمع. 

وقال: تأتي مأساة أشقائنا في فلسطين في ظل أزماتمتفاقمة ومقلقة في السودان وليبيا، وفى سوريا،وفى الصومال الذي تتعرض سيادته ووحدة أراضيه لتهديد حقيقي بتوقيع إثيوبيا على اتفاقبشأن النفاذ إلى البحر الأحمر مع إقليم صوم اليلاند، في اعتداء سافر على سيادة دولة عربية هيدولة الصومال الفيدرالية الشقيقة، واستمراراًلسياسات إثيوبيا التي لا تراعي الحد الأدنىلمبادئ حُسن الجوار ولا تلتفت سوى لمصالحهاالفردية، وهو الأمر الذي بدا بشكل جلي لمصر خلالالمفاوضات الخاصة بسد النهضة، ودفعنا لاتخاذالقرار بإيقاف مشاركتنا في تلك المفاوضات التي لنتفضي لأية نتائج ملموسة، طالما استمرت إثيوبيافي نهجها الجاري.

وقال إن تعدد الأزمات والتحديات، وما تحمله تلك الأمور من مهددات متعددة تطال دولنا وشعوبنا جميعاً دون استثناء يفرض علينا العمل الجاد والمكثف من أجل تعزيز التنسيق والتكامل العربيالمشترك، بهدف تعزيز قدرتنا الجماعية في حفظ أمننا ومقدرات شعوبنا حاضراً ومستقبلاً.

وختم كلمته ، مجددًا جهود الأمانة العامة والدول الأعضاء، وأتمنى لأعمال اجتماعنا كل النجاح والتوفيق..