26 - 06 - 2024

الصندوق السيادي المصري بين انعدام الفوائض وضعف الرقابة مع عدم إصدار تقرير عن ميزانيته السنوية

الصندوق السيادي المصري بين انعدام الفوائض وضعف الرقابة مع عدم إصدار تقرير عن ميزانيته السنوية

أصدر رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي منتصف شهر يناير الماضي قرارًا بإلغاء صفة المنفعة العامة ونقل ملكية 13 مبنى حكومياً إلى الصندوق السيادي المصري، جاء ذلك في أعقاب فوز تحالف إماراتي بتطوير أرض الحزب الوطني التي نُقلت ملكيتها إلى الصندوق منذ أكثر من 3 سنوات، وتثير هذه الأنباء التساؤل حول دور الصندوق المصري ومدى اتفاقه مع الغرض الأساسي لإنشاء مثل هذه الصناديق.

المفهوم الكلاسيكي للصناديق السيادية

وقال تقرير تحليلي أصدره (مركز حلول للسياسات البديلة - عدسة) بالجامعة الأمريكية بالقاهرة: ارتبط ظهور هذه الصناديق في منتصف القرن الماضي بتحقيق فوائض سواء من بيع المواد البترولية أو من التبادل التجاري، ونظرًا لضخامة هذه الفوائض تقوم الحكومات بتأسيس صناديق لاستثمارها لمنع التضخم الناتج عن زيادة الطلب لوجود تلك الوفورات، ولتنويع مصادر الدخل وتجميع المدخرات لتستفيد منها عند نفاد مصدر الفوائض ويكون الاستثمار في أصول بالداخل والخارج.

وأضاف: بالنظر إلى الصندوق السيادي المصري نجد أن التعريف السابق لا ينطبق عليه مطلقًا، إذ إن ثروته ليست نتاج فوائض يحققها الاقتصاد، بل هي من الأساس أصول عقارية نُقلت إليه بموجب قرارات رئاسية متعاقبة كما أنه لا يستثمر في أصول أجنبية.

صناديق سيادية بلا ثروة

وأشار تقرير (عدسة) إلى أن الصندوق المصري يُعد ضمن سلالة جديدة من الصناديق السيادية بدأت تظهر في العشر سنوات الأخيرة في بلاد بلا ثروة أو فوائض، بل يعاني أغلبها من عجز في الميزان التجاري مثل الهند أو مديونيات ضخمة وعجز في ميزان المدفوعات كما هو الحال في دول مثل: تركيا والهند.

إشكالات الصندوق السيادي

لم يصدر الصندوق أي تقرير متكامل عن ميزانيته السنوية منذ إنشائه، واكتفى رئيسه التنفيذي، باستعراض ما تم إنجازه حتى الآن أمام البرلمان بداية العام الجاري.  

ووضع صندوق النقد الدولي ضوابط لعمل هذه الصناديق، أهمها: ضرورة الإفصاح عن ميزانيتها المستقلة سنوياً.

وبالنظر إلى النظام الأساسي الشارح لقانون الصندوق المصري، نجد أنه فقط يلتزم بالإفصاح عن البيانات والمعلومات الجوهرية.

كما منح النظام مجلس إدارة الصندوق الحق في إصدار الضوابط الخاصة بالإفصاح، وهنا يتجلى مبدأ تضارب المصالح، فكيف تُمنح جهة تدير أصول الدولة الحق في تحديد ما يمكنها الإفصاح عنه أو التكتم عليه؟.

تكوين محفظة تعتمد  على قرارات رئاسية

ويعتمد الصندوق في تكوين محفظته على قرارات رئاسية بإزالة صفة النفع العام عن أصول الدولة وتحويل ملكيتها إلى الصندوق بما يخالف الدستور الذي ينص على ضرورة حماية الممتلكات ذات النفع العام وعدم المساس بها.

ولقد منح القانون رئيس الجمهورية سلطات واسعة فيما يخص اختيار الأصول العامة التي يمكن نقلها إلى الصندوق حيث لا تقتصر على الأصول غير المستغلة ولكن المستغلة أيضًا.

وتكرر الحديث عن دور الصندوق السيادي في بيع حصص من الشركات المملوكة للدولة ضمن برنامج الطروحات وهو المفترض أن يكون مُدارًا أساسًا من خلال مجلس الوزراء.

وفي بعض الأحيان نجد الرئيس التنفيذي للصندوق يعلن عن تفاصيل دقيقة تخص طرح شركات لا تقع ضمن محفظة الصندوق الاستثمارية. يمكن النظر إلى الصندوق السيادي باعتباره امتدادًا لسياسة خلق كيانات بيروقراطية موازية، انتهجتها الحكومات المصرية منذ التسعينيات بهدف تجاوز الروتين، وقد أثبتت التجربة أن هذا التداخل لا يؤدي بالضرورة إلى التعاون بين الكيانات المختلفة بل في كثير من الأحيان يؤدي إلى التضارب بينها، الأمر الذي من شأنه أن يحول دون بناء القدرات المؤسسية لهذه الكيانات.






اعلان