18 - 07 - 2024

من هنأ بوتين بفوزه الانتخابي وماذا يقول ذلك عن التحالفات العالمية؟

من هنأ بوتين بفوزه الانتخابي وماذا يقول ذلك عن التحالفات العالمية؟

نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرًا عن مؤشرات توازن القوى العالمية الجديد في ظل فوز بوتين في الانتخابات، حيث بدأت خريطة التحالفات السياسية في التشكل من جديد في اتجاه توازن القوى وانحسار هيمنة الولايات المتحدة، فيما يلي نعرض نص التقرير.

في حين تم إدانة نتائج الانتخابات الروسية في الغرب، فإن ردود الفعل في جميع أنحاء آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية تظهر ديناميكية عالمية جديدة آخذة في الظهور.

فبعد الفوز الساحق الذي حققه فلاديمير بوتين في الانتخابات الرئاسية يوم الأحد، اصطفت الحكومات الغربية لوصف الفوز بأنه غير عادل وغير ديمقراطي.

وفقًا لوزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون،سلطت الانتخابات الضوء على "عمق القمع" في روسيا،في حين قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن سجن المعارضين وتجريدهم من أهليتهم يعني أن العملية "غير ديمقراطية بشكل لا يصدق".

لكن تعليقات الزعماء في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة تتناقض بشكل حاد مع رسائل التهنئة التي تدفقت من دول عبر آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وتسلط ردود الفعل المتناقضة هذه الضوء على خطوط الصدع الجيوسياسية التي انقسمت على نطاق أوسع منذ شنت روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا قبل عامين، الأمر الذي أدى إلى أزمة في العلاقات مع الغرب.

"اليقين" بالنسبة للصين

سارع الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى تهنئة بوتين على فوزه، قائلا إن بكين ستواصل تعزيز الشراكة "بلا حدود" التي أقامتها مع موسكو قبل غزو روسيا لأوكرانيا.

إن الأسئلة المتعلقة بالعملية الديمقراطية غائبة تماماً عن تغطية الانتخابات في وسائل الإعلام الحكومية الصينية، والتي يوصف فيها فوز بوتين بأنه جلب "اليقين إلى عالم مضطرب".

وفي مواجهة العلاقات المتوترة على نحو متزايد مع الولايات المتحدة، سعت الصين إلى توسيع نفوذها على المستوى الدولي. وبدافع الاعتقاد بأن عصر الهيمنة الأمريكية قد وصل إلى نهايته، حاولت بكين تأمين مجال نفوذها الخاص الذي يتناقض مع الغرب - وقد أثبتت روسيا في عهد بوتين أنها شريك راغب في هذا الجهد.

وبعد إعلان النصر يوم الاثنين، استخدم بوتين خطابًا أمام أنصاره ليعلن مرة أخرى أن "تايوان جزء لا يتجزأ من جمهورية الصين الشعبية"، في تعليقات من المرجح أنها كانت موجهة إلى الحكومة في بكين التي تدعي أن تايوان مقاطعة تابعة للصين. والتي جعلت من "إعادة التوحيد" سياسة حاسمة. واتهم بوتين أيضًا دولًا أخرى بخلق "استفزازات" حول تايوان، وقال إنها - والعقوبات التي فرضتها على الصين - "محكوم عليها بالفشل".

والصين وروسيا عضوان أيضًا في مجموعة البريكس للاقتصادات الناشئة، والتي تهدف إلى تحدي الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي من خلال توحيد الاقتصادات الناشئة بما في ذلك البرازيل وجنوب إفريقيا والهند.

"علاقة خاصة" مع الهند

وبعد أن بدأت روسيا حربها ضد أوكرانيا، صوتت 141 دولة لصالح قرار للأمم المتحدة يدين الغزو. ومع ذلك، وفقا لوحدة الاستخبارات الاقتصادية (EIU)، فإن هذا الرقم الرئيسي يخفي حقيقة مفادها أن ثلثي سكان العالم يعيشون في بلدان محايدة أوتميل إلى روسيا.

ووجد تحليل وحدة الاستخبارات الاقتصادية أن دولًا، بما فيها البرازيل والمملكة العربية السعودية وجنوب إفريقيا - والأهم من ذلك الهند - بذلت قصارى جهدها لتجنب الانحياز إلى أحد الجانبين في الصراع.

ردد رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، يوم الإثنين، كلمات الرئيس الصيني، قائلا إنه يتطلع إلى تعزيز "الشراكة الاستراتيجية الخاصة والمتميزة والمختبرة من قِبَل الزمن" بين نيودلهي وموسكو.

منذ أن بدأت حرب روسيا ضد أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، كان مودي في وضع دبلوماسي حرِجحيث رفض اتخاذ موقف قوي ضد الغزو.

في السنوات الأخيرة، سعت الهند إلى وضع نفسها كقوة عالمية. تم تصنيف الهند حديثا باعتبارها الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم - فضلا عن أنها خامس أكبر اقتصاد وأسرعها نموا –مما جعل الزعماء الغربيونيبسطون السجادة الحمراء لمودي، على الرغم من إشراف حكومته على فترة من التراجع الديمقراطي والاستبداد المتزايد.

وفي الوقت نفسه، وضع مودي نفسه كزعيم للجنوب العالمي ــ مجموعة فضفاضة من البلدان النامية والدول المستعمَرة سابقا ــ والتي يواصل العديد منها دعم روسيا.

وبرزت الهند أيضًا باعتبارها أكبر مشتري منفرد للنفط الروسي. وقد استفادت مصافي التكرير الهندية من الانخفاض الكبير في الأسعار، بعد أن حظرت أوروبا واردات النفط الروسية. ومن خلال تدخلها لملء الفراغ الذي تركه المشترون في الغرب، ساعدت الهند في تخفيف وطأة العقوبات الغربية على موسكو.

لقد انتصر "أخونا الأكبر"

وقد احتفل زعماء أمريكا اللاتينية،الذين كانوا على خلاف تاريخي مع الولايات المتحدة، بفوز بوتين. ويقول الخبراء إن عزلة روسيا عن الغرب لم تؤدي إلا إلى جعلها أقرب إلى دول مثل كوبا وفنزويلا، اللتين وصف وزير خارجيتهما موسكو مؤخرًا بأنها "ضحية على المسرح الدولي".

ورد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو على نتائج تصويت يوم الأحد بالقول: "لقد انتصر شقيقنا الأكبر فلاديمير بوتين، وهو ما يبشر بالخير للعالم".

ووصف الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل النتيجة بأنها “ إشارة ذات مصداقية إلى أن الشعب الروسي يدعم إدارة [بوتين] للبلاد".

كما استقبلت العديد من دول غرب ووسط إفريقيا، التي تحكمها المجالس العسكرية بعد عدد من الانقلابات منذ عام 2020 – بما في ذلك مالي والنيجر،فوز بوتين بحرارة.

وسعت روسيا إلى مغازلة العديد من هذه الدول في منطقة الساحل بعد أن قطعت علاقاتها مع حلفائها التقليديين الفرنسيين والأمريكيين في أعقاب الانتفاضات العسكرية.

كما استخدم بوتين انهيار الاتفاق الذي ضمن استمرار تصدير المواد الغذائية من أوكرانيا إلى الأسواق العالمية ــ والعديد منها في أفريقيا ــ كوسيلة لتعزيز دعمه في المنطقة. فقد وعد بتسليم الحبوب المجانية إلى بوركينا فاسو وزيمبابوي ومالي والصومال وجمهورية أفريقيا الوسطى وإريتريافي يوليو/تموز 2023. وتم شحن الدفعات الأولى الشهر الماضي، وفقًا للحكومة الروسية.

وفي بوركينا فاسو، لخصت صحيفة يومية الديناميكيات العالمية المتغيرة في افتتاحية يوم الاثنين، فكتبت أن الانتخابات في أفريقيا "قد تبدو وكأنها ليست حدثا"، لكنها تأخذ معنىً خاصًا لأن "بوتين يجسد التوازن الجديدللقوى الجيوسياسية في القارة مع وجود ونفوذ [روسي] متزايد".
------------------------------
ترجمة - فدوى مجدي
مترجم عن الجارديان – 
رابط الموضوع الأصلي