16 - 08 - 2024

مفكرون: هذه خيارات إسرائيل بعد قرار مجلس الأمن

مفكرون: هذه خيارات إسرائيل بعد قرار مجلس الأمن

السعيد:  توقيت القرار متعلق بنوايا نتنياهو شن حملة ستكون كارثية على رفح
عبدالعاطي: القرار أداة ضغط جديدة لمنع اجتياح رفح ومواصلة المفاوضات
العربي: المزاعم الأمريكية بعدم إلزامية القرار يخالف القانون الدولي

بعد 171 يوما من الإبادة الجماعية بحق 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة المحاصر، تحرك مجلس الأمن الدولي، ونجح لأول مرة مرة في تبني مشروع قرار يطالب بـ"وقف فوري لإطلاق النار" في غزة.

تقدم بمشروع القرار مندوب دولة موزمبيق لدى الأمم المتحدة، بالنيابة عن جميع الأعضاء المنتخبين في مجلس الأمن، مؤكدا أن مشروع القرار يهدف إلى إنهاء الأوضاع الكارثية في قطاع غزة.  

ولم يكن تبني القرار ممكنا إلا بامتناع الولايات المتحدة (دائمة العضوية) عن التصويت على مشروع القرار، وهي التي سبق وأفشلت 4 مشروعات سابقة لإصدار قرار وقف إطلاق النار، عبر استخدامها حق النقض (الفيتو).

حظي القرار بتأييد 14 عضوا مقابل امتناع عضو واحد، ويطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان، الذي بدأ قبل أسبوعين، على أن "يؤدي الى وقف دائم لإطلاق النار"، و"يطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن".

قرار مجلس الأمن

ونص قرار مجلس الأمن على ما يلي: - المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار بغزة في رمضان، تحترمه الأطراف ويؤدي لوقف ثابت ومستدام.

- الإفراج الفوري و"غير المشروط" عن جميع المحتجزين وضمان وصول المساعدات الإنسانية.

- مطالبة الطرفين بالامتثال لالتزاماتهما بموجب القانون الدولي بشأن جميع الأشخاص المحتجزين

ويمثل القرار المحاولة الخامسة لتبني وقف إطلاق النار في غزة، بعد فشل 4 مشروعات سابقة، كان آخرها يوم الجمعة الماضي، عندما استخدمت الصين وروسيا حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار أمريكي. 

وعللت روسيا والصين رفض المشروع برفضهما الإصرار الأمريكي على ربط الدعوة لوقف إطلاق النار بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين وإدانة حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

أسباب تغير الموقف الأمريكي

ورأى الكاتب والمحلل السياسي الدكتور مصطفى السعيد، أن الولايات المتحدة أدركت أن إسرائيل لا يمكن أن تنتصر في غزة إلا إذا استخدمت أدوات الإبادة الجماعية بقسوة أشد مما كانت، وهو ما لا يمكن أن تحتمل الولايات المتحدة الأمريكية تداعياته. 

وأوضح "السعيد" في تصريحات لـ"المشهد" أن الولايات المتحدة بصدد التورط في حرب إقليمية لا تريدها وتلحق بها ضررا كبيرا، لهذا كانت تمارس الضغوط على حكومة نتنياهو بعد أن منحته الفرصة تلو الأخرى دون تحقيق الأهداف التي وضعها. 

وأشار إلى أن كل ذلك أدى إلى تغير الموقف الأمريكي خاصة مع ضغط الرأي العام العالمي والمحلي، وتراجع حظوظ بايدن نتيجة دعم العدوان الإسرائيلي. 

وعن توقيت القرار، قال "السعيد" إنه متعلق بنوايا نتنياهو شن حملة على رفح، ستكون مروعة في نتائجها وتداعياتها. 

وتوقع أن يفتح القرار أبواب مفاوضات أكثر جدية لوقف دائم للحرب.

تتويج لتحول الرأي العام العالمي

وقال الكاتب الصحفي قطب العربي، إن القرار جاء بعد سلسلة من المحاولات التي تم إفشالها بالفيتو الأمريكي في مجلس الأمن وعديد التوصيات التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بوقف العدوان والسماح بدخول المساعدات وعودة المهجرين لكن الكيان الصهيوني رفض الالتزام بها.

وأوضح، في تصريحات لـ"المشهد"، أن هذا القرار جاء كتتويج لتحول كبير في الرأي العام العالمي بدأ على المستوى الشعبي في شكل مظاهرات واحتجاجات مختلفة، ثم وصل إلى المستوى الرسمي عبر هذا الإجماع الدولي لوقف الحرب خلال شهر رمضان كخطوة على طريق وقف دائم للحرب.

وأضاف "العربي" أنه بالنسبة لإسرائيل فهي لم تلتزم بأي قرارات دولية سابقة لارتكانها إلى الدعم الأمريكي والتواطؤ الغربي عموما، وبالنسبة لهذا القرار فقد بادر مسؤولوها لإعلان رفضهم له كما كان متوقعا. 

ولفت إلى أن الاحتلال يستند مجددا إلى دعم أمريكي قدم تفسيرا مختلفا لقرار مجلس الأمن بحسبانه غير ملزم، رغم أن قرارات مجلس الأمن ملزمة عكس قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي هي مجرد توصيات غير ملزمة وإن كانت تمثل موقفا سياسيا داعما للحق الفلسطيني ومحاصرا للعدوان الإسرائيلي.

وأشار "العربي" إلى أن الولايات المتحدة، التي امتنعت عن التصويت على قرار مجلس الأمن بما سمح بتمريره لأول مرة منذ اندلاع الحرب، عادت لتدعي عبر المتحدث باسم الخارجية أن القرار غير ملزم، وهو ما يخالف أبجديات القانون الدولي وطريقة عمل مجلس الامن الذي يصدر قرارات ملزمة على خلاف الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تصدر توصيات غير ملزمة.

وطالب الحكومات التي وافقت على القرار بالتحرك لتنفيذه فورا دون انتظار موافقة إسرائيل، وفي المقدمة الدول العربية خاصة دول الطوق من خلال المسارعة بإدخال المساعدات إلى غزة وفك الحصار عنها.

قرار يمهد طريقا

بدوره، رحب الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، بقرار مجلس الأمن القاضي بوقف إطلاق النار في غزة خلال رمضان، منوها أن هذا القرار يأتي بعد تأكد الولايات المتحدة الأمريكية من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ماضٍ في مشروع الحرب وغير مكترث بالمفاوضات وهو يسعى إلى عرقلتها باستمرار.

وأضاف "عبدالعاطي"، في تصريحات لـ"المشهد"، أن القرار يأتي أيضا بعد تأكد الولايات المتحدة من أن العزلة لإسرائيل والولايات المتحدة نفسها وسياساتها الداعمة لإسرائيل باتت تاخذ أكثر مدى.

ولفت إلى أن الانتخابات الأمريكية في اقتراب، وهناك احتجاجات كبيرة في داخل الولايات المتحدة الأمريكية لتغيير سياسة الرئيس جو بايدن تجاه دعم إسرائيل غير المشروط.

وأشار "عبدالعاطي" إلى أن كل ما سبق، بالإضافة إلى إحراج بايدن من قبل نتنياهو، يفسر امتناع الولايات المتحدة عن استخدام حق النقض "الفيتو" هذه المرة.

وحول التزام اسرائيل، قال رئيس مؤسسة "حشد" أنها أعلنت بالفعل عدم التزامها بالقرار،  ولكن قرار مجلس الأمن ملزم، وسيشكل أداة ضغط جديدة لمنع اجتياح رفح.

كما نوّه "عبدالعاطي" إلى أن القرار سيولد ضغطا على إسرائيل في صفقة تبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية، إضافة إلى ضمان مزيد من الضغوط الدولية تجاه دولة الاحتلال.

وشدد على أن إسرائيل أمام إما عزلة جديدة وعقوبات جديدة من قبل دول العالم، أو أن تستجيب بشكل أو بآخر إلى جهود الوساطة وتنهي عدوانها على المدنيين الذين باتوا يعيشون فصول كارثة إنسانية وإبادة جماعية متواصلة.  

وأوضح "عبدالعاطي" أن القرار يعتبر بادرة أمل يمكن أن تفتح الطريق أمام جهود دولية أكثر إلحاحا من أجل ضمان وقف دائم لإطلاق النار، ووقف حرب الإبادة الجماعية، وضمان أفق سياسي يقوم على حماية المدنيين.

وأعرب عن أمله أن يقود القرار إلى بلورة حلول تقوم على إعادة إعمار قطاع غزة وعودة السكان المدنيين من الجنوب إلى الشمال، وفي ذات الوقت فتح أفق سياسي لإقرار مسار سياسي يقوم على دعم حقوق الفلسطينيين.