17 - 07 - 2024

مصر تنتظر نائب الرئيس.. قراءة في "معلومات تتردد" وترشيحات وتكهنات تتمدد

مصر تنتظر نائب الرئيس.. قراءة في

عندما يتحدث الإعلامي والبرلماني مصطفى بكري عن "معلومات تتردد"، فالطبيعي والحتمي أن ننتبه لهذه "المعلومات التي تتردد" وربما لم يعلنها سواه.

ما يحتم هذا الانتباه هو المكانة التي يحظى بها الإعلامي مصطفى بكري لدى الدولة المصرية، وطبيعة علاقاته مع المؤسسة العسكرية وقادتها، وعلمه بحساسية أي معلومات قد تمثل بلبلة وإثارة للرأي العام ومن ثم خطرا على الأمن القومي.

من هنا، ما أن قال الرجل جملته القاطعة: "هناك معلومات تتردد"، حتى تلقفها الجميع باهتمام وأنزلوها منزل الأمر الواقع وليس مجرد تحليل سياسي أو تخمين وتنجيم، وباتت المعلومات "التي تتردد" حقيقة مؤكدة.

ما هي معلومات "بكري" التي تتردد؟

كعادته، طل الإعلامي مصطفى بكري على جمهوره ومشاهديه، يوم الخميس، من نافذة برنامج الشهير "حقائق وأسرار"، المذاع على قناة "صدى البلد"، المملوكة لرجل الأعمال محمد أبو العينين، وكيل مجلس النواب.

لكن، وعلى غير العادة، ألقى "بكري" بقنبلته المدوية، عندما أعلن أن " هناك معلومات تتردد عن احتمال تفعيل نص المادة 150 من الدستور"، والتي تنص على ‏إمكانية تعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية خلال الفترة المقبلة‎.

وتابع "بكري": "طبعا دي كلها توقعات، هذه التوقعات بالتأكيد ستكون عرضة للفترة المقبلة، أعتقد أننا أمام تغيير أو تعديل، وإن كانت كل المؤشرات تقول إنه سيكون تعديل وزاري، سيكون هناك وجوه جديدة". 

وأردف: "سيكون هناك وزراء انتهت مهمتهم عند هذا الحد، ستكون هناك كفاءات ربما ترضي الشارع في بعض المجالات والوزارات المعينة. أتصور في الفترة القادمة، سنكون أمام مهام جديدة، رؤية جديدة، تصحيح لبعض المسارات التي يمكن أن تمثل بداية انطلاق لسنوات ست سيقضيها السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي".

ومن المنتظر أن يؤدي الرئيس السيسي اليمين الدستورية، يوم الثلاثاء القادم، 2 أبريل، بمقر مجلس النواب في العاصمة الإدارية الجديدة (البرلمان المصري الجديد) بمشاركة أعضاء مجلسي النواب والشيوخ "الشورى" وعدد من رؤساء الأحزاب السياسية والشخصيات العامة بالدولة.

ما هو نص المادة 150 من الدستور؟

قبل الحديث عن الصدى الذي أحدثته معلومات مصطفى بكري، ينبغي تسليط الضوء على نص المادة التي ذكره في الدستور، ألا وهو المادة 150.

المادة "١٥٠ مكرراً"، تنص على أنه "لرئيس الجمهورية أن يعين نائباً له أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم، وله أن يفوضهم فى بعض اختصاصاته، وأن يعفيهم من مناصبهم، وأن يقبل استقالتهم".

"ويؤدى نواب رئيس الجمهورية قبل تولى مهام مناصبهم اليمين المنصوص عليها فى المادة ١٤٤ من الدستور أمام رئيس الجمهورية" بحسب نص المادة المنشور على موقع رئاسة الجمهورية.

ووفقا للمادة، تسرى فى شأن نواب رئيس الجمهورية الأحكام الواردة بالدستور فى المواد ١٤١، ١٤٥، ١٧٣.

تجدر الإشارة إلى أن هذه المادة أضيفت بموجب الاستفتاء على تعديل الدستور الذى أجرى بالخارج أيام: ١٩، ٢٠، ٢١، وبالداخل أيام: ٢٠، ٢١، ٢٢ من إبريل سنة ٢٠١٩.

منصب نائب رئيس الجمهورية في مصر

نصت أغلب الدساتير في الجمهورية المصرية، بعد الإطاحة بالنظام الملكي في عام 1952، على وجود منصب نائب رئيس الجمهورية. 

شغل هذا المنصب ثمانية عشر شخصية مختلفة، كان منهم أربع سوريين، وذلك منذ ورد أول نص على هذا المنصب بالدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة الصادر في 13 مارس 1958. 

خلال عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كانت تعيينات نواب رئيس الجمهورية تعلن في أغلب الأوقات مع إعلان التشكيلات الوزارية، إلا في بعض الحالات الاستثنائية التي صدرت لها قرارات تعيين منفصلة، وأحياناً كان قرار التشكيل المعلن يذكر منصب «نائب الرئيس» دون أن يحدد ما إذا كان نائباً لرئيس الجمهورية أو نائباً لرئيس الوزراء. 

وخلال عهد الرئيس الراحل أنور السادات صدرت قرارات تعيين نواب رئيس الجمهورية في أغلب الحالات منفصلة عن قرارات التشكيلات الوزارية. 

أما في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك فقد ظل منصب نائب رئيس الجمهورية شاغراً حتى اندلاع أحداث ثورة 25 يناير التي طالبت بإصلاحات سياسية واقتصادية، فصدر القرار بتعيين اللواء عمر سليمان نائباً لرئيس الجمهورية. 

لكن مع تنحي مبارك لم يمارس سليمان سلطاته وظل المنصب شاغرا حتى قام الرئيس الراحل محمد مرسي بتعيين المستشار محمود مكي نائبا له في 12 أغسطس 2012، وظل في منصبه حتى استقالته في 22 ديسمبر 2012 استباقا للدستور الجديد الذي ألغى منصب نائب الرئيس. 

وفي عام 2013 عين الدكتور محمد البرادعي نائبًا للرئيس المؤقت عدلي منصور في 14 يوليو 2013، لكنه استقال في 14 أغسطس 2013 عقب أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة.

تكهنات وترشيحات

ما أن انتهى "بكري" من سرد معلوماته، حتى انطلق سيل من التكهنات والتخمينات والتوقعات والترشيحات حول اسم الشخص الذي سيقع الاختيار عليه ليصبح نائبا للرئيس السيسي.

وتداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، مجموعة متباينة من الأسماء، ومن المهم الإشارة إلى طرح هذه الأسماء مجرد اجتهاد صرف لا يعتمد مطلقا على أي معلومات.

وكان من أبرز الأسماء المرشحة:

الفريق أسامة عسكر، رئيس أركان القوات المسلحة المصرية.

اللواء، عباس كامل، مدير المخابرات المصرية.

الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء.

اللواء كامل الوزير، وزير النقل.

غير ان أغرب الأسماء التي تم طرحها، هي:

رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، رئيس مجلس إدارة "مجموعة شركات أبناء سيناء"، و"شركة مصر سيناء للتنمية الصناعية والاستثمار"، و"شركة أبناء سيناء للتجارة والمقاولات العامة"، ورئيس مجلس أمناء "مؤسسة سيناء للخير والتنمية الاقتصادية".

محمود السيسي، نجل الرئيس السيسي والضابط بجهاز المخابرات العامة.

الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية بحكومة الدكتور مصطفى مدبولي، لتصبح أول "نائبة" رئيس في مصر.

هذا عن بورصة الأسماء المطروحة، التي لا يمكن الجزم بصحتها، ولا يوجد ما يدلل على صدقها أو يبرهن على صوابها.

ماذا عن الأسباب؟

أما عن أسباب اختيار نائب للرئيس في ظل ما تعيشه مصر والمنطقة من ظروف عصيبة، فالتكهنات انطلقت في كل اتجاه.

ربطت بعض التكهنات تزامن الإعلان عن تعيين نائب للرئيس، والخبر الذي أوردته وكالة رويترز، بموافقة صندوق النقد الدولي على زيادة البرنامج الأصلي لمصر بنحو 5 مليارات دولار مما يسمح للقاهرة بسحب ما يعادل 820 مليون دولار فورا.

وزعم البعض أن الاتجاه لتعيين نائب للرئيس يرجع إلى كونه من ضمن اشتراطات التدفقات الإضافية من النقد الأجنبي التي التزمت بها جهات مانحة أخرى اعتبارا من بداية السنة المالية الجديدة في أول يوليو القادم.

وكالعادة، كانت هناك تفسيرات جامحة لحد التطرف كما يحدث دوما في تحليل أي حدث سياسي في مصر، حيث أرجع البعض الخطوة على اقتراب رحيل الرئيس السيسي عن السلطة، وهو التفسير الذي خرج حصرا من المنتمين للتيارات الإسلامية أو ما يعرف بمعارضة الخارج، بينما رد المؤيدون للرئيس بنسف وتكذيب الخطوة من أساسها، مؤكدين أن ما ذكره مصطفى بكري مجرد "فرقعة إعلامية" وهو ما نستبعد كونها "فرقعة".

وبين هذا وذاك، ظهرت بعض الأصوات العاقلة التي تحدثت عن حاجة البلاد إلى نائب للرئيس، لعدة أسباب، منها تطبيق نص الدستور الذي أقسم الرئيس على احترامه وتنفيذه.

والسبب الأهم هو أن هذه الفترة الرئاسية هي الأخيرة للرئيس السيسي بموجب نص الدستور، للك تاتي الخطوة ضمن خطة إعداد كوادر سياسية تسير على نفس خطى الرئيس الحالي، وتلتزم برؤيته للأمن القومي وسياساته التي لا تقبل أي اختلاف عليها.
-----------------------------
تقرير - عبدالرحمن كمال