30 - 06 - 2024

ماذا يريد الشعب؟ (٩)

ماذا يريد الشعب؟ (٩)

عندما حلف الرئيس السيسى اليمين الدستورية لولاية ثالثة، صحب هذا خطاب رئاسى يحدد استراتيجية السنوات الست القادمة للرئاسة، مركزا على الحوار الوطنى. 

كما أن خطاب الرئيس فى إفطار رمضان الرئاسي ركز أيضا على هذا الحوار قائلا: أن الشعب عندما يعلم (يعرف الحقائق) يكون التوافق والتوحد المصرى، وهذا جميل ومطلوب بالطبع، فالحوار الوطنى هو من أهم أساسيات الممارسة والمشاركة السياسية للمواطنين.. فالديمقراطية والمشاركة السياسية لاتقتصر على العملية الانتخابية التى تفرز نوابا للتعبير عن الشعب، فى كثير من الأوقات لا يعبرون عن غير مصالحهم الذاتية التى تجعلهم صدى صوت للحكومة ضمانا للعودة مرة أخرى للمقعد النيابي، كما أنها لا تقتصر أيضا على حياة حزبية مصنوعة (امتدادا الحياة الحزبية منذ نشأتها فى أوائل القرن العشرين)، فلا علاقة لها بقضايا الوطن والمواطن السياسية والاقتصادية والحياتية، فهى أقرب لجمعيات دفن الموتى . كما أن المشاركة السياسية لا تقتصر على وسائل إعلام لا تعرف ولا تقترب من الرأى الآخر الذى هو المحتوى والهدف الأساسى من أي حوار وأي مشاركة. فلا حوار يتم بغير رأى ورأى اخر، ولا معرفة بحقائق الأمور بدون حوار حقيقى موضوعى يهدف فى المقام الأول والأخير إلى صالح الوطن والمواطن. 

غير ذلك يجعلنا لا نسمع غير رؤية واحدة ورأيا واحدا فى الغالب يكون مؤيدا ليس من باب التأييد الموضوعى المطلوب، ولكن بهدف الموافقة الدائمة حفاظا على موقع أو طلبا له. ونحن نقول ذلك على أرضية موقفنا المعارض الوطنى الذى لا يطلب شيئا ولا يحتاج شيئا غير مصلحة مصر الغالية وشعبها العظيم. 

وهذا يعنى أن الحوار الوطنى المطلوب ليس هو ذلك الحوار الذى يتم فى قاعات الحوار الذى أعلن عنه الرئيس فى أبريل ٢٠٢٢ فقط . فهذا حوار النخبة وهو مطلوب بلا شك وفى كل الاوقات وعلى كل المستويات. 

ولكن الحوار المطلوب والواجب والذى يحتاجه الوطن الآن وقبل أي وقت آخر وحتى يكون هناك بالفعل توافق وطنى حقيقى لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية التى تحيط بنا من كل جانب، هو الحوار المجتمعى على كل المستويات وبكافة الوسائل التى نستمع فيها ومن خلالها إلى رأى المواطن العادى الذى يعانى والذي يدفع الثمن دائما قبل الجميع (كما يؤكد الرئيس هذا طوال الوقت) .. وهذا دور عظيم لو أدركت هذه الأحزاب أن تقوم به حتى فى مقاراتها (وهذا حق قانونى لها) وحتى تمارس دورا سياسيا يؤهلها أن تكون أحزابا حقيقية.

كما أن المطلوب هذا لا يتوافق مع السياسة الإعلامية التى لازالت تعيش وتتمسك بتقاليد لا تعرف غير الرأى الواحد تصورا منها أن هذا فى صالح النظام والوطن. 

وهنا لايصح منع نشر مقال يحمل الرأى والرأي الآخر وفى إطار القانون وعلى أرضية وطنية، كما أنه ليس من اللائق إعلاميا أن نرى صفحات الرأى تحمل مقالات وكأن كاتبها كاتب واحد!! هذا ليس فى صالح النظام وليس فى صالح الوطن ولا علاقة له بالحوار الوطنى ولا بحق المعرفة الذى تحدث عنه الرئيس فى افطار رمضان!.

هنا لا يجب ولا يصح أن نسمع من الرئيس تصريحات لا تلتزم بها  المؤسسات أو الحكومة، هنا تغيب المصداقية التى نحن فى أمس الحاجة إليها. ياسادة، الوطن وطن للجميع والمسؤولية هى مسؤولية الجميع، فلا تصح المسؤولية بدون معرفة ولا تكون هناك مشاركة حقيقية بدون الرأي والراي الآخر. الفترة الرئاسية الثالثة لاشك فإنها غير ماسبق. فلا بد فيها من إدراك ودراسة الواقع وتوصيفه توصيفا سليما حتى نضع الخطط والرؤى والحلول الصحيحة التى تعيد اللحمة الوطنية التى هى السبيل الأنجع للحفاظ على مصر كل المصريين.

حفظ الله مصر وشعبها العظيم.
---------------------------
بقلم: جمال أسعد 

مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب؟ (١٤)





اعلان