06 - 05 - 2024

جدل حول اثر الذكاء الاصطناعي علي الفن القبطي و الكنيسة

جدل حول اثر الذكاء الاصطناعي علي الفن القبطي و الكنيسة

يُعد الفن القبطي كنزًا ثقافيًا غنيًا، يعكس تاريخًا عريقًا وإيمانًا عميقًا. تميز هذا الفن بألوانه الزاهية، ورموزه المميزة، وأسلوبه الفريد الذي يمزج بين التأثيرات المصرية القديمة والبيزنطية، حيث يُقدم الفن القبطي رحلة عبر الزمن، حاملاً رسائل روحية وإنسانية عميقة.

و يُعدّ الذكاء الاصطناعي تقنية حديثة تُحدث ثورة في مختلف مجالات الحياة، بما في ذلك الفن والدين. ونظرًا لارتباط الفن القبطي والكنيسة ارتباطًا وثيقًا، فإن تأثير الذكاء الاصطناعي على هذين المجالين مثير للاهتمام.

و تنقسم الآراء حول إستخدام الذكاء الاصطناعي كأداة قوية للحفاظ على هذا الفن وتطويره، او لفتح أبوابه أمام أجيال جديدة، حيث انتشرت تصميمات للسيد المسيح والقديسين بالذكاء الاصطناعي، مما أحدث جدلا حول تأثير ذلك علي الفن القبطي. و تداول عدد من مستخدمي التواصل الاجتماعي «فيس بوك» عددا من الصور لشخصيات بالكتاب المقدس في كل مناسبة كنسية تغير من معالم الأيقونات المعتادة ،فمن خلال تقنيات، يمكن تحليل اللوحات القبطية القديمة وفهم رموزها بشكل أفضل. كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء لوحات جديدة مستوحاة من الفن القبطي، وإعادة ترميم اللوحات القديمة، وترجمة الرموز الدينية إلى لغات مختلفة، و لذلك يختلف الفنانون الاقباط في تقييم أثر ذلك علي مستقبل الفن القبطي سلبا وإيجابا.

صور السيد المسيح والقديسين:

تعكس اللوحة الشهيرة "المسيح البانتوكراتور" من دير سانت كاترين، جمال لوحة السيد المسيح جالسًا على عرشه، مرتديًا ثوبًا ذهبيًا، ويحمل في يده اليمنى إنجيلًا، وفي يده اليسرى صليبًا. تميزت اللوحة بألوانها الزاهية، وتعبيرات وجه المسيح الهادئة والمهيبة، كما أظهرت أيقونة "السيد المسيح الطفل" من الكنيسة المعلقة المسيح طفلًا صغيرًا، محمولًا على يدي مريم العذراء، حيث تميزت الأيقونة بألوانها الدافئة، وتعبيرات وجه المسيح البريئة، اما أيقونة "القديسة مريم العذراء" من دير أبو مقار فتُظهر مريم العذراء جالسة على عرش، مرتدية ثوبًا أزرق ، وتميزت بألوانها الهادئة، وتعبيرات وجه مريم العذراء الحنونة.

و في هذا الصدد ، يقول الفنان التشكيلي بيشوي شولح الحاصل على لقب فنان العرب مرتين، أن من مميزات الذكاء الاصطناعي انه يقوم على إتخاذ القرار والتصميم من خلال جمع البيانات لسجلات سابقه وفي وقت قصير جدا على عكس البشر.

بالنسبه للفن القبطي ، فهو فن شعبي كما لقب في بعض الاحيان عبر من خلاله الفنان عن معتقد الديني من خلال الرموز والسمات إذ حرص الفنانون على تسجيل احداث ومعجزات مروا بها او سير القديسين في اتجاه الى الزهد والبعد عن التطرف وكذلك الابتعاد عن رسم الاشياء المتنافيه مع الدين.

و يقول الكاتب ميلان هوبل في كتابه الضحك والنسيان إن أردت أن تلغي شعبا أبدا أولا عليك بشل ذاكرته ثم تلغي كتبه وثقافته وتاريخه ثم يكتب طرف آخر كتبا أخرى ويعطيه ثقافات اخرى ويخترع له تاريخا آخر، عندها ينسى هذا الشعب من كان؟ وماذا كان؟ والعالم ينساه أيضا.

ويقول عالم القبطيات بيير برجيه ، أن الفن القبطي هو فن له خصوصيه واضحه وبدون منازع يحتل مكانه أولى كفن أصيل وشاهد حضاري يمثل الشخصية المصرية القديمة

و يضيف بيشوي شولح ، أن الفن القبطي له ملامح خاصة بعيدة عن الزخرفة لأنه نشأ في الأديرة خلال القرن الثالث فكان فنا شعبيا بيد رهبان لا يميلون الى الزخارف في حياتهم العامة بل كانت الألوان زاهيه والخطوط حادة علامة على جديه الحياة والعيون واسعة علامه الاستناره والتطلع، وكانت الوجوه مشرقة وفرحة دائما علامة على السلام الداخلي. وفي عصر النهضه في أوروبا بدأت نهضة فنية ثم تلاه عصر الباروك الذي أهتم بالزخارف والتفاصيل واضاف على اللوحات عامل الحركة ثم تلته عصور أخرى فنية، وكان لهذا أثر على الشرق أيضا وعلى الأيقونة خاصة في القدس فقد بدأت مدارس فنية للرسم تمزج بين الفن البيزنطي والأوروبي و اهتمت بالزخارف وانتقلت الى مصر، ولجأ فنانون في النصف الثاني من القرن العشرين إلى احياء الفن القبطي القديم وخاصه الفنان ايزاك فانوس.

واختتم شولح ، أن الأيقونه هي تفسير وشرح الكتاب المقدس وسير القديسين لذلك هي روح وإحساس وإلهام ،فكيف يكون الذكاء الاصطناعي به هذه الميزات ، أما خطوره الذكاء الاصطناعي مع زياده الاعتماد على (الآلات) ، فنحن نتجه الى وقت سوف يكون القدرات العقلية والتفكير عند البعض معتمدا علىها ونتيجه لذلك سوف تنخفض القدرات العقليه والتفكير مع مرور الوقت.

تأثير الذكاء الاصطناعي على الفن القبطي والكنيسة

إيجابيا:

حفظ وترميم الفن القبطي: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل اللوحات الجدارية والرموز الدينية القديمة، وتحديد الأضرار التي لحقت بها، واقتراح طرق لترميمها بدقة وإنشاء فن قبطي جديد و يمكن استخدام برامج الذكاء الاصطناعي لإنشاء لوحات جدارية ورموز دينية جديدة مستوحاة من الفن القبطي التقليدي ،كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء تطبيقات تفاعلية ومواقع إلكترونية تُتيح للمستخدمين التعرف على تاريخ الفن القبطي وأهم رواده و يمكن استخدام برامج الترجمة الآلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي لترجمة النصوص الدينية القبطية إلى لغات مختلفة، مما يجعلها في متناول جمهور أوسع ، و يمكن استخدام منصات التواصل الاجتماعي المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتعزيز التواصل بين الكنيسة والمجتمع، ونشر الوعي حول القيم الدينية والأخلاقية.

و يقول الفنان القبطي وائل اسحق ، أن الصورة المطبوعة لا تدشن ، لان لها طقس معين لكن مع الذكاء الاصطناعي ، هناك محاولات جمالية بكل حيادية، و كفنان كنت ضد الصور التي تصنع عن طريق "ديجتال ارت" فهي تنتج صورا أشبه بالبلاستيك بدون روح لكن بالذكاء الاصطناعي أجد تكوينا فنيا وتناسج باللون و تعبير في الوجه ، فالاختلاف علي حسب مستخدم البرنامج قد يكون فنانا يستطيع ضبط الوصف المدخل للبرنامج حتي إخراج الصور بها ضبط ، و نجد ايضا صورا سيئة ترجع لفرق الجودة و المستخدم ، وهذا يخضعنا للمستحدثات .

و استطرد اسحق قائلا ، في البدايه تعوّد عصر النهضة على الصورة بشكل يدوي أما مع اختراع الكاميرا فأدخلت متغيرات أثرت علي طريقه رسم جسم الإنسان و لجأوا للأفكار الحديثة بعيدا عن الشعبي ، فعندما نجد برنامجا يختصر ذلك لا أجد مبررا أن يصد الفنان و يرفض لأنه مع الوقت أجد أن الذكاء الاصطناعي فرض نفسه مع مساهمات أقل لتدخل الانسان أحدثت اختصارات للوحات التي كانت تأخذ عدة شهور.

و أوضح المُعلم مينا ملاك ، أحد خدامي الكنيسه و مصمم الصور بالذكاء الاصطناعي ، أن ما يقوم بتصميمه بشكل واقعي بمعني أنها ليست صورا فوتوغرافية ، بل أشبه بأيقونات موجودة في الكنيسة.

و أضاف ملاك ، إن تجربتي بدأت من حوالي اسبوع ، لاني أحب أن أري القديس كأنه شخص يبدو بشكل واقعي وحي نوعا من الفضول، و أرجح أن الايقونات داخل الكنيسه تظل كذلك و لا أحبذ اي نوع اخر كالرسم الايطالي و لا الصور الفوتوغرافيه ، لذلك الذكاء الاصطناعي مرفوض داخل الكنيسه ، لكن قد نصل لتجسيد أيقونة كاملة حقيقة بالذكاء الاصطناعي ، لكن الاختلاف يأتي من أستخدام الطريقة و هي الفاصل ، فمثلا نجد البعض يحب صور السيد المسيح من الافلام رغم انها صور فوتوغرافيه لكن ليس لها تواجد كنسي، ونجد بعض التخوفات من إستخدام الذكاء الاصطناعي تؤثر علي الرسم ، و قد نجعلها نهجا مختلفا كمثل الصور المرسومه باليد.

التأثيرات السلبية:

قد يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء نسخ تجارية من الفن القبطي، مما قد يُفقد هذا الفن قيمته الروحية والرمزية مع إمكانية انتشار المعلومات المضللة حول الفن القبطي، مما قد يُسبب ضررًا كبيرًا و إضعاف دور الإنسان في الفن والدين ، مما قد يُفقدها طابعها الإنساني.

و يقول الباحث القبطي عصام نسيم ، انها موضه ظهرت بعد تصميم مواقع و انتشرت علي كل المستويات، و فكرة انتشاره لأنها مصاحبه للذكاء الصناعي ، وأعتقد أنها مسأله وقت ستنتهي قريبا لانه الفن القبطي له مواصفات و شروط ،و الأيقونه القبطية ليس مجرد صورة عادية بل يلقب من يرسمها بكاتب الايقونه، لأن كل تفصيلة لها رمز و معني حتي في الألوان و الأشكال و الملامح و الملابس بشكل روحي و لا يوجد وجه مقارنة بالذكاء الاصطناعي. 

و اضاف نسيم ، أن الأمر يقتصر علي كونه صورة بهيجة قد تحمل احيانا شرحا في العهد القديم ،أما خطورتها في الانتشار علي المجموعات و البعض ليس لديه الوعي الكافي ،فقد نجد صورا للسيدة العذراء كمثال باللون الاخضر تغير من الرمز ، ولا تمثل الأيقونة القبطية أو تنتشر صورة مبتسمه تظهر أسنان القديسين ،لكن نحتاج لوعي لمصمم هذة الصور ، و قد نستغل الذكاء الاصطناعي في تجسيد حدث ليس له اي أيقونة متوفرة مثل عبور شعب إسرائيل من البحر ، عدا ذلك فكرة مرفوضه.

الضوابط:

و يجب وضع ضوابط أخلاقية لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في الفن القبطي والكنيسة ،و يجب أن تتعاون الكنيسة مع المجتمع لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل إيجابي، مع نشر الوعي حول مخاطر الذكاء الاصطناعي، وكيفية استخدامه بشكل مسؤول.

و يقول الفنان جورج نعوم ،أن صور الذكاء الاصطناعي تعتبر حاجة جمالية وهي بعيدة كل البعد عن المشاعر والأحاسيس الروحية التي نتعامل بها مع الأيقونات المرسومة ولا يمكن أن تتواجد داخل الكنائس ولكن يمكن أن تتجمل بها الأسر في منازلها كمثل مكمل للديكور، و لذلك ليس لها تاثير علي الأيقونة

و أكد نعوم، من جهتي كفنان أيقونة قبطية ، يتوافق فيه معي جميع فناني الأيقونة القبطية إن هذه الاعمال سينبذها كل من لديه ثقافة الأيقونة من حيث طقوسها و لاهوتها غير مريحة نفسيا بأن أتعامل معها فهي مرفوضة.






اعلان