06 - 05 - 2024

مؤشرات | الموت من أجل وجبة في غزة

مؤشرات | الموت من أجل وجبة في غزة

الموت هو الموت في الأراضي الفلسطينية، والكل يواجه الموت لحظة بلحظة، ولا مفر من الموت تحت القصف الصهيوني الذي لم يتوقف منذ 7 أكتوبر 2023، والذي يقترب من ستة أشهر ونصف الشهر، وفشلت كل محاولات وقف الحرب، بما في ذلك قرار مجلس الأمن والذي لم تلتفت إليه القوات الصهيونية المحتلة، وحكومته المتطرفة القاتلة.

ولكن هناك موت آخر يقع ويواجه الفلسطينيين في غزة وما حولها، والذي يتمثل في الموت من أجل "وجبة"، أو حفنة أرز، أو دقيق (طحين)، أو علبة فول، أو حتى جرامات من المعكرونة، خلال عمليات إنزال المساعدات عبر مظلات على مناطق االنازحين.

الموت بحثا عن طعام خطر يواجه أهل غزة والفلسطينيين، وهذا ما يقع من حين إلى آخر، وهناك حكايات عديدة تروي مآسٍ مختفلة عنوانها "الموت من أجل وجبة"، ومنها ما وقع للطفل " زين عروق"، واالذي نجا قبل ذلك من موت حتمي، عندما دمرت غارة جوية صهيونية منزل عائلته في نوفمبر 2023، وحوصر تحت الأنقاض، بعد إصابته، فيما لقي 17 فردا من أقاربه حتفهم، ليخرج للحياة مرة أخرى، مصابًا  بجرح في رأسه وفي يده ورجله، لينجو بكرم من الله.

القصة، كما نشرتها وسائل الإعلام، أن الطفل زين إبن الـ13 عاما، واجه بعد نجاته في المرة الأولى،  مصيرا قاسيا في غزة مثله باقي أهل وطنه من نقص حاد في الدواء والغذاء والماء.

وكان الاستشهاد مصيره خلال عملية إسقاط جوي للمساعدات حيث أصاب أحد الطرود الفتى، حينما كان أمله إمساك مجرد وجبة، من تلك المساعدات التي تسقطها جوًا دول مختلفة، - ووفقا لما قاله جده علي عروق- "بعدما نجا زين في المرة الأولى، إلا أنه إبن موت، وبدلاً من أن يكون في مدرسته، كان يقف بجوار بركة كبيرة من مياه الصرف، ليحصل على وجبة خلال عملية إنزال المساعدات لتصطدم رأسه بصندوق المساعدات خلال إسقاطه بباراشوت، وتدفق الناس عليه دهسًا دون أن ينتبه إليه الجياع من المحاصرين والنازحين في غزة.

المعلومات الذي ذكرها والد زين "محمود عروق" تؤكد أن رأسه تفسخت إلى نصفين، وأصيب بكسر في الحوض وكسر في الجمجمة وآخر في بطنه، وزادت مأساته مع تدفق الجياع فوقه، ليتوفى متأثرا بجراحه قبل أيام بعد نقله إلى المستشفى.

وسلسلة الموت في غزة، من أجل وجبة شاهد دائمًا، فقد لقي 18 فلسطينياً حتفهم بسبب إنزال جوي لمساعدات، قيل وقتها أنه تم بشكل خاطئ، الأمر الذي دفع جهات فلسطينية إلى المطالبة بوقف عمليات إنزال المساعدات بهذه الطريقة وأن فتح المعابر البرية هو الحل الأمثل.

ووفقاً للمعلومات وقتها أن من بين قتلى إنزال المساعدات 12 طفلا لقوا حتفهم غرقاً داخل البحر قبالة محافظة شمال قطاع غزة، عندما دخل عشرات الجائعين إلى البحر للحصول على مساعدات ألقتها الطائرات داخل البحر مما تسبب بغرق العشرات، ولقي ستة آخرين حتفهم بسبب التدافع في أكثر من مكان، عند محاولة الحصول على مساعدات ألقتها طائرات.

المكتب الإعلامي الحكومي الفلسطيني حذر مرارًا من أن عمليات إنزال المساعدات جواً أضحت تشكل خطراً فعلياً على حياة الجوعى من سكان غزة، وهو ما يتطلب وقف عمليات إنزال المساعدات بطريقة مسيئة وغير لائقة وغير مجدية، والعمل فقط بنظام نقل المساعدات عبر المعابر.

المؤكد أن عمليات الموت من أجل وجبة تكررت أثناء جمع المساعدات التي تم إسقاطها منذ بدأت مطلع فبراير دول عدة، سواء تلك التي نفذتها ومازالت تنفذهاالأردن، ومصر، والإمارات وفرنسا، والولايات المتحدة وألمانيا، من خلال إسقاط شحنات المساعدات بالمظلات.

وليس مقبولا أن يتعرض الفلسطينيون للموت عند البحث عن كسرة خبز، وهو ما دفع المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "جيمس إلدر"، للقول"يجب إرسال مزيد من المساعدات إلى غزة عن طريق البر، وليس الجو أو البحر، لتجنب الموت والمجاعة.

وفي الأماكن التي ينعزل فيها الناس على بعد مئات الكيلومترات، يتم إسقاط المساعدات الغذائية جواً فقط، بينما في حالة غزة لا ينطبق ذلك، فالمساعدات التي يحتاجها الناس موجودة على بعد كيلومترات منهم، وتصبح الحاجة لاستخدام شبكات الطرق البرية، هو الحل الأفضل.

لانريد مزيدٍا من الضحايا الذين بلغ عددهم نتيجة العدوان الصهيوني على غزة 33899 شهيداً و76664 مصابًا، مع المآسي التي تواجه 2.4 مليون نسمة معظمهم نازحون مهددون بالمجاعة.
-----------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | تخفيف أحمال الكهرباء والوجه المسكوت عنه





اعلان