06 - 05 - 2024

مؤشرات | أمريكا وتاريخ سيء مع القضية الفلسطينية

مؤشرات | أمريكا وتاريخ سيء مع القضية الفلسطينية

تثبت كل الأفعال والأيام أن الولايات المتحدة الأمريكية الأكثر عداوة لأمتنا العربية وحجر عثرة في طريق حصول الفلسطينيين على حقوقهم في الأرض واعتراف المجتمع الدولي بدولتهم، بل هي ما تدمر الأراضي الفلسطينية، وتقتل أهل فلسطين في غزة والضفة وفي كل مكان، وهي ما يحمي الصهاينة، ولا نصدق أنها لم تشارك في الضربات التي توجهها القوات الصهيونية على سوريا والعراق ولبنان، وحتى على إيران.

العدو يظهر ويتلون كالحرباء، ويدعي أنه داع للسلام، ويتمسح بالإنسانية، التي تغيب عن كل أفعاله، وتلك هي الحقيقة المرة التي تكشفها أفعال واشنطن يوما بعد يوم، وهذا ما تؤكده الوقائع التي تعيشها قضايانا العربية، والقضية الفلسطينية بوجه خاص، وأي تعويل على أن أمريكا ستنقذ الفلسطينيين وقضيتهم، قول يسبح في سراب لا واقع له.

وعلى مدى نحو نصف قرن وقفت الولايات المتحدة ضد القرارات الأممية الخاصة بحقوق الفلسطينيين، مستخدمة الحق الجائر المسمى بـ"الفيتو"، وآخره مشروع القرار الذي قدّمته الجزائر االخميس الماضي والذي "يوصي الجمعية العامة بقبول دولة فلسطين عضواً في الأمم المتّحدة".

وتزعم الولايات المتحدة أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة يتعين أن يكون من خلال مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وليس من خلال تحرك في الأمم المتحدة، وهو مبرر مضحك وغير أخلاقي، فالصهيونية وأمريكا لا يريدان إقامة دولة فلسطينية بالمعنى الحقيقي للدولة، والتخطيط الاساسي هو تصفية القضية.

وأقل ما يوصف عن الموقف الأمريكي، وهو غير مستغرب، ما قالته الرئاسة الفلسطينية بأن استخدام أميريكا حق الفيتو غير نزيه وغير أخلاقي وغير مبرر، ويتحدى إرادة المجتمع الدولي الذي يؤيد بقوة حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة فى مجلس الأمن، وبالتالي ليس مستغربًا أن يشيد وزير خارجية الاحتلال الصهيوني باستخدام أميركا حق الفيتو في الأمم المتحدة.

ولا اختلاف أن واشنطن تنتهج سياسة عدوانية تجاه فلسطين وشعبها وحقوقها المشروعة في عدوان صارخ على القانون الدولي،- وفقا لوصف الرئاسة الفلسطينية - وتشجّع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة.

 والمؤكد أن سياسة أمريكا المنحازة انحيازا أعمى لإسرائيل تدفع المنطقة إلى شفا الهاوية، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين ومواصلة سياسات العدوان وجرائم الحرب التي تتم برعاية وسلاح أميركي وباستخدام مستمر للفيتو ضد الحقوق الفلسطينية، في تأكيد على حجم التناقضات الأميركية بإدعائها أنها تدعم حل الدولتين، وعلى الجانب الآخر تمنع مجلس الأمن من تنفيذ هذا بالإستخدام المستمر للفيتو ضد أي حق فلسطيني مشروع.

ولنقرأ جيدا ما قاله وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، يوم الجمعة 19 أبريل، بعد اجتماع لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا، لنعرف مدى موقف واشنطن لدعم المخطط الصهيوني، حيث قال "إن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل، مدعيا أن واشنطن لم تشارك في أي عمليات هجومية ردا على سؤال بخصوص الغارات الإسرائيلية على إيران، مدعيا أيضا أن تركيزنا ينصب على وقف التصعيد"، ويظهر التناقض أكثر وأكثر، بقوله "إن الولايات المتحدة تتمسك بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها لكننا نعترض على أي عمل يسهم في زيادة التوتر بالشرق الأوسط"!.

ويبدو من تصريحات الصهيوني "بلينكن" أن ما تقوم به أمريكا بدعم الكيان الصهيوني هو من أجل السلام، بل يعتبر أن ما ترتكبه الصهيونية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين حق، ولا يستحق الإدانة ولا العقوبة، بينما ما قامت به إيران ردا على الجرائم الصهيونية يستحق دعوة مجموعة السبع لفرض حزمة عقوبات إضافية، في وقت تجاهل فيه كل عدوان صيهوني على فلسطين وسوريا والعرق ولبنان، ومحاولات الإنتهاك للحدود المصرية مع غزة، والتهديد المستمر لضرب وغزو رفح.

وعلى إستحياء حث بلينكن إسرائيل على التطبيق السريع لتعهداتها بخصوص المساعدات الإنسانية في غزة، ووقف إطلاق النار، وفي استخفاف بالعقول يقول "إن الولايات المتحدة تعترض على ما تفعله إسرائيل من رفض لوقف إطلاق النار في غزة".

وبعد تاريخ أمريكي سيء ومليء بالأزمات مع القضية الفلسطينية، لا يمكن تحقيق السلام والأمن والاستقرار إلا بتطبيق قرارات الشرعية الدولية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني مع حق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

وستبقى عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة الكاملة حقا أصيلا، لا يمكن التخلي عنه في نضال الشعب الفلسطيني، وكل المؤمنين بهذه القضية بالتوازي مع إقامة دولته المستقلة، مهما فعلت أمريكا والصهاينة، ودون مساومة، من أي قوة، ولايمكن تصفيه القضية الفلسطينية مهما كان من تصهين معهم، فلا سقوط للعدل بالتقادم، بغض النظر عن خريطة الوهم (من النهر إلى البحر) التي رفعها الإرهابي نيتنياهو يوما ما في سبتمبر من عام 2023، أمام الجمعية العامة، ومهما تصدر "الفيتو" الأمريكي في المؤسسات الدولية.
-----------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | تخفيف أحمال الكهرباء والوجه المسكوت عنه





اعلان