06 - 05 - 2024

حرب غزة والحوار الإيراني الإسرائيلي

حرب غزة والحوار الإيراني الإسرائيلي

بعد مرور اكثر من ستة اشهر على عملية طوفان الأقصى لم تستطع إسرائيل حسم المعركة لصالحها رغم الة التدمير الهائلة للجيش الإسرائيلي ومعاونيه من الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الغربيين الذين أحالوا غزة الي محرقة لم يشهد العالم مثيلا لها منذ الحرب العالمية الثانية، إلا أن المعطيات والنتائج لم تكن أبدا في صالح إسرائيل ومعاونيها فقد استطاعت فصائل المقاومة الفلسطينية على المستوى العسكري أن تصل لحالة من الردع وتوجيه ضربات قاصمة للجيش الإسرائيلي ووحداته المختلفة رغم عدم توازن القوى بين طرفي الصراع.

 وعلى الصعيد السياسي خسرت إسرائيل الدعم الشعبي من الشعوب الأوربية المتعاطفة معها بل تحولت إلى دعم الحق الفلسطيني عبر احتجاجات واسعة اجتاحت الدول الأوربية في ظاهرة لم تحدث من قبل، وفى الداخل واجهت إسرائيل انقسامات سياسية خطرة لم تطل المؤسسة السياسية وحدها بل امتدت لتضرب وحدة المجتمع الإسرائيلي الذى يحاول جاهدا أن يبدو متماسكا إلا أن الشرخ عميق وأكبر من ان تلملمه عملية هنا أو هناك أو المزيد من المجازر والترويع التي تخفي به إسرائيل فشلها السياسي والعسكري.

 تحولت إسرائيل إلى دولة مارقة خارجة عن المجتمع الدولي وقوانينه المتعارف عليها وكذلك سقطت قيم الحضارة الغربية المزعومة وثبت زيفها وعدم مصداقيتها، في حين ظهرت قراءات جديدة كان لابد من الوقوف أمامها بالفهم والتحليل ألا وهي بزوغ نجم إيران كلاعب مهم في أمن واستقرار المنطقة ، وذلك عبر عاملين أساسيين ألا وهما دعم المقاومة الفلسطينية بالسلاح والعتاد وتقديم الدعم العسكري عبر حلفائها في المنطقة حزب الله في لبنان وجماعة الحوثي في اليمن واستخدام الجيوبولتيكال لوضع هذه الجماعة في السيطرة على حركة الملاحة في البحر الأحمر وتنفيذ ضربات مباشرة لسفن تابعة لأمريكا وحلفائها ولم يعبأوا بالتحذير الأمريكي. 

كل ما سبق جعل الولايات المتحدة وربيبتها إسرائيل تشعران بالحرج الشديد نتيجة اهتزاز مظاهر القوة والهيمنة في المنطقة، هنا كان لابد من توجيه رسالة قوية لطهران انك لست بعيدة عن مرمى النيران وكانت إسرائيل هي أداة التنفيذ والسيناريو إعداد وإخراج أمريكي رغم نفيها ذلك وان إسرائيل تصرفت منفردة، وهذا كلام ساذج لا يقبله منطق التحليل السياسي عند اكثر الناس سذاجة، من المهم هنا عدم إغفال دوائر التحالف عند كل طرف من اطراف الصراع، فدوائر التحالف الإيراني محدودة في المنطقة علي خلفية المد الشيعي ومخاطره، مما جعل دوائر التحالف الأمريكي الإسرائيلي تتسع لتشمل دولا عربية حليفة ليس لها مصلحة ولا هدف استراتيجي إلا أن تكون في الخندق الأمريكي خوفا علي عروشها الواهية، ولا أدل على ذلك من أنه حين وجهت إيران ضربتها الانتقامية ضد الكيان الصهيوني رأينا الأنظمة الدفاعية لتلك الدول تتصدى للصواريخ والمسيرات الإيرانية دفاعا عن دولة الاحتلال التي قتلت أهلنا في غزة، كل هذا بزعم خطر المد الإيراني الشيعي، ومن العجب وقمة الغباء السياسي معا ان تمارس لعبة الفرز الديني في معركة سياسية بحتة وان اخذت أحيانا الدين قناعا.

في النهاية وصلت رسالة كل طرف للأخر وكلاهما لايخطئ الحساب، بقى العرب خارج كل هذه الحسابات وللأسف ليس لديهم ما يقولون أو يفعلون سوى السمع والطاعة.
---------------------------------
بقلم: سعيد صابر

مقالات اخرى للكاتب

حوار الرئيس أم تعليماته؟





اعلان