17 - 05 - 2024

ماذا لو كنت محافظا مدة ست ساعات؟

ماذا لو كنت محافظا مدة ست ساعات؟

قال لى صديقى المسؤول معقبا على عملنا وطريقة نقدنا للمسؤولين، ماذا لو توليتم المسؤولية معشر الصحفيين والإعلاميين وقمنا بتغيير الأدوار، ماذا ستفعلون ومرددا جملة الفشلة الخالده "النقد ما أسهله والإنجاز على الأرض هو الأصعب".

فقررت أن أرتدى ثوب "المحافظ" لمدة 6 ساعات فقط  وأجعل لنفسى أسرع خطة إصلاح إدارى داخل المحافظة التى أعيش بها أو التى أعيش على شمالها أو جنوبها، فماذا أنا فاعل؟

بعد أن توليت المسؤولية قررت أن أذهب إلى مكتبى دون حراسة وأن أحضر كشفا بأسماء جميع المسؤولين التنفيذين الذين يعملون معي "رؤساء مدن – وكلاء وزارة – مديرى عموم" وأن أستدعى إلى مكتبى جميع الأجهزة الرقابية وأطلب منهم أمامي كلمة حق مشفوعة بحالة وظيفية حديثة وتقرير أداء لآخر 5 سنوات عمل لهؤلاء المسؤولين. 

وبعد أن اكتشفت أن هناك رؤساء مدن قالت الأجهزة كلمتها فيهم وبعضهم استطاع تحقيق 35 ألف مخالفة بناء فى مدينته فتم تكريمه ونقله، وآخر قالت المحكمة الإدارية انه خالف نمط الأخلاق العامة وقام بسب جهات مهمة أمام المواطنين وثالث قام بتحويل أصغر مدينة فى محافظته إلى أسوأ مدينة أشباح فى مصر، ورابع فعل كذا وكذا، فقررت التوجه بهم للقضاء لنيل حق الوطن والمواطن، وإبلاغ وزير التنمية المحلية فى خطاب رسمى أننى بحاجة إلى رؤساء مدن وأحياء، ومستنكرا عدم تدخله فى إحدى المحافظات طوال 4 سنوات إلا بتعيين رئيس مدينة واحد.

ثم أقوم بإحضار وكلاء الوزارة وتطبيق نفس الفكرة عليهم وبلاغ الوزراء أن محافظتى التى أديرها غير مسموح فيها أن تصبح ملاذا آمنا لكل من يريد الاختباء والاختفاء والهروب بالقانون إلى مغارة النسيان، وأسأل بوضوح وزير التعليم ووزير التموين ووزير الصحة تحديدا، وهى الوزارات التى تهم المواطن فى الشارع سؤالا حادا سريعا: "ليه معاليك بتعكنن على المواطن وتمسح أحلامه من خارطة منامه بأن ترسل من يعمل 24 ساعة لإغضابه وكسر طموحاته وإذلاله" وكيف تحولت مديريات هذه الوزارات إلى أماكن للضحك الحقيقى من عدم الاكتراث بمشاكل المواطن، وسأرسل لهم جميعا خلو هذه المناصب من محافظتي. 

قررت أن أقوم بمحاسبة القائمين على مشروعات التجميل فى محافظتي بداية من كورنيش أبدا لا يحتاجه المواطن ولا يحتاج تجديده بمبلغ 421 مليون جنيه، ولا مكتبة لا يذهب بها إلا من يقوم بالتصوير فيها لإقناعنا بثقافته، ولا يحتاج إلى تركيب "انترلوك مضىء" وهو يبحث عن مستشفى تعمل بعد أن تم العمل بتجديد أكبر ثلاث مستشفيات بالمحافظة منذ 7 سنوات.

قطعا سأعلن عن حل كل الجميعات الاجتماعية والنسائية التى تحوز على أموال وزارة التضامن الاجتماعى وتعمل مدة 5 أيام فى رمضان تجمع عشر كراتين وتصورهم وتصور من يحصل عليهم ودمتم.

أقوم بحصر المعلمين بمختلف مدارس المحافظة والإدارات وسأحيل للنائب العام المسؤول عن وجود إدارات تعليمية بها فائض معلمين وصل إلى 7 آلاف معلم وإدارات ملاصقة بها عجز 10آلاف معلم والتدقيق فى الخلفية الفكرية لبعض مسؤولي هذه الإدارات، وهل هم بالفعل حضروا لتحقيق أفكارهم الهدامة أم أفكار الدولة.

أقوم بمنع سير التوكتوك فى الشوارع العامة بالمدن وإلزام إدارة المرور بوجود نقاط ثابتة فى المدن التى تقع على الأطراف، ومع دفع غرامة فورية 1000 جنيه حال دخول التوكتوك للمدن، أقوم بإلغاء 19موقف سيارات عشوائى تقوم برفع الأجرة على المواطن كل صباح دون خشية أو خوف من قانون أو مسؤول.

أقوم بإحالة رؤساء الوحدات القروية التى تأتى المتغيرات المكانية بأكثر من 200 حالة بناء على أرض زراعية فى نطاق عملهم دون قيامهم بعمل محاضر تعديات إلا للفقراء والبسطاء وفقط.

أقوم بإلغاء وجود 325 مخبزا سياحيا بعضهم يستولى على الدقيق المدعم وينتج خبزا رديئا يبيعه بجنيهين فى منتصف الشارع ويخرج لسانه لوزارة التموين.

أقوم بإلزام رؤساء المدن الجدد بأن يتواجدوا داخل كل وحدة قروية يوما فى الأسبوع، ولا يكون لهم مكتب ولا سيارة تقوم بتوصيل الخضار والابن والبنت أحيانا حتى للجامعة طبقا لما رصدته النيابة الإدارية فى هذا الشأن، وأسأل لماذا تمت إقالة شرفاء بوشايات فاسدة وأكثر فسادا من الذى وشى بها.

أقوم بإلزام مكاتب البريد في محافظتي أن تحترم المواطن والسيدة العجوز ولا تقابل خدمتها بالشتم والتجاوز وأحيانا الدفع بالقوة للخلف، لمجرد أنها غلبانة ولا تعلم متى تنال حقها.

وآخر اليوم أجمع الصحفيين فى محافظتى وأعلن لهم أنهم عين الحقيقة وأبادلهم الاحترام وأجعل لهم مكانا محترما لائقا بمحافظتي مع منح حق النقد للجميع دون خوف أو تهديد وتكليف متخصص بالتعامل معهم دون تكليف من لا يعلم الفرق بين ورق الكتابة وورق التواليت.

مجرد أفكار قد تحتاج وقتا أكثر ولكنها يمكنها أن تعيد المواطن إلى حضن الدولة وتعيد المسؤول إلى ربه وخالقه وتجعله يعتقد أن هناك حساب فى الآخرة ربما أشد من حساب الشؤن القانونية. 

يا سادة اعلموا قول الله تعالى.. ستكتب شهادتهم ويسألون.
---------------------------------
بقلم: عادل عبدالحفيظ 

مقالات اخرى للكاتب

ماذا لو كنت محافظا مدة ست ساعات؟





اعلان