17 - 07 - 2024

"طرق تقديم المحبة".. عظة البابا تواضروس في اجتماع الأربعاء

ألقى البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم، من كنيسة القديس الأنبا أنطونيوس بالمقر البابوي بالقاهرة، دون حضور شعبي، وبُثت العظة عبر القنوات الفضائية المسيحية وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة على شبكة الإنترنت. 

واختتم البابا سلسلة "طرق تقديم المحبة"، وتناول جزءًا من الأصحاح الثالث في إنجيل معلمنا يوحنا، والأعداد (١ - ١٣)، وتأمل في "كيف تُقدم المحبة من خلال تقديم الوقت الجيد"، وذلك من خلال مقابلة السيد المسيح للمولود أعمى وشفائه في إنجيل يوحنا والأصحاح التاسع، ومقابلة نيقوديموس (عضو في مجلس السنهدريم اليهودي في ذلك الوقت) والحديث معه في إنجيل يوحنا والأصحاح الثالث، كالتالي: 

- كلاهما كانا شاهديْن للحق، "«إِنْسَانٌ يُقَالُ لَهُ يَسُوعُ صَنَعَ طِينًا وَطَلَى عَيْنَيَّ، وَقَالَ لِي: اذْهَبْ إِلَى بِرْكَةِ سِلْوَامَ وَاغْتَسِلْ. فَمَضَيْتُ وَاغْتَسَلْتُ فَأَبْصَرْتُ»" (يو ٩: ١١)، وفي المقابل نيقوديموس (الذي قابل المسيح ليلًا) وبرغم أنه يهودي قال: "«يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللهِ مُعَلِّمًا، لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللهُ مَعَهُ»" (يو ٣: ٢)، بينما نرى أصحاب العقول المغلقة والتي لا تر النور من خلال المحاكمات الخمس التي تمت مع المولود الأعمى بعد شفائه، وكذلك عندما تحاور السيد المسيح بطول أناة مع نيقوديموس، وذلك حتى يبني الثقة فيصير المولود أعمى مبصرًا وشاهدًا للحق، وأيضًا يصير نيقوديموس شاهدًا للإيمان. 

- المسيحية بدأت من السماء، فعندما تقابل السيد المسيح مع المولود أعمى بعد أن أبصر "«أَتُؤْمِنُ بِابْنِ اللهِ؟»... فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «قَدْ رَأَيْتَهُ، وَالَّذِي يَتَكَلَّمُ مَعَكَ هُوَ هُوَ!»" (يو ٩: ٣٥ - ٣٧)، وفي المقابل مع نيقوديموس "لَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ" (يو ٣: ١٣)، أوضح أن المسيحية هي ديانة سماوية، لأن ابن الله أتى إلى الأرض لكي يساعد الخاطئ أن يعود للسماء ويصير له مكانًا بها، "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يو ٣: ١٦). 

- معجزة المولود أعمى هي معجزة شفاء ونور، "يَنْبَغِي أَنْ أَعْمَلَ أَعْمَالَ الَّذِي أَرْسَلَنِي مَا دَامَ نَهَارٌ. يَأْتِي لَيْلٌ حِينَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ. مَا دُمْتُ فِي الْعَالَمِ فَأَنَا نُورُ الْعَالَمِ" (يو ٩: ٤، ٥)، وفي المقابل مع نيقوديموس هي معجزة إيمان ونور، "إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ" (يو ٣: ٣)، ففي المقابلتيْن يظهر النور لمعرفة السماء للإنسان الذي يتبع المسيح. 

- صار لدى المولود أعمى عينًا جديدة مغسولة، وفي المقابل نيقوديموس صار لديه عينًا جديدة مولودة من فوق، والسبب في ذلك هو الوقت الذي قدمه السيد المسيح معهما.  

ووضع قداسة البابا ثلاث علامات لكيفية تقديم الوقت الجيد للتعبير عن هدية المحبة، وهي: 

١- الصبر وطول الأناة: بالاهتمام أن يقطع الإنسان من وقته لكي يقدمه للآخر، "الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ" (١ كو ١٣: ٤)، وخاصة داخل الأسرة، مثلما أحبنا الله ويعطينا الفرصة في كل نهار جديد، "يَا سَيِّدُ، اتْرُكْهَا هذِهِ السَّنَةَ أَيْضًا" (لو ١٣: ٨). 

٢- الهدوء والخصوصية: فالوقت الجيد يُمثل إناءً لتقديم المحبة للآخر وفهمه واستيعاب موضوعه، وكذلك الشعور به، وحتى يشعر هو أن الوقت المُقدّم له خاص به، مثلما يحدث ذلك في وقت الخلوة وخاصة في الرهبنة، وهذا من الأمور المهمة داخل الأسرة أيضًا. 

٣- صفاء الذهن والتركيز: فالوقت الصافي من الأمور المهمة جدًّا داخل الأسرة، مثلما فعل نيقوديموس عندما ذهب إلى السيد المسيح ليلًا، وكذلك الوقت الصافي مهم جدًّا مع الخدام وكل الرعاة في الخدمة، "«مَرْثَا، مَرْثَا، أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ، وَلكِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ. فَاخْتَارَتْ مَرْيَمُ النَّصِيبَ الصَّالِحَ الَّذِي لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا»" (لو ١٠: ٤١، ٤٢).