21 - 05 - 2024

برسوم يبحث عن وظيفة.. فيلم عمره مائة عام!

برسوم يبحث عن وظيفة.. فيلم عمره مائة عام!

كل عام ومصر بخير بمسلميها وأقباطها، بمناسبة عيد القيامة المجيد؛ وبهذه المناسبة، تتكرر في كل عام مواد فيلمية نطالعها في مثل هذه المناسبات؛ تتناول أشهر الأفلام في السينما المصرية التي ظهرت فيها شخصيات قبطية / مصرية، من "عيسى العوام" وهي الشخصية التي أضافها المخرج يوسف شاهين لتزين قصة (الناصر صلاح الدين)، إلى "مرقص" أفندي الصديق المخلص الذي أنقذ البطل "عماد حمدي" من الاختلاس ووقف إلى جواره في العمل وفي زواج ابنته في فيلم عاطف سالم (مخرجا)، وعبد الحميد جودة السحار (القصة)، وعبد الحي أديب (السيناريو) ونعني به فيلم أم العروسة، وحتى شخصية "عاطف" الشاب المسيحي طيب القلب في (فيلم هندي) الذي يضحي بشقة لقطة وعروسة جميلة ولكنها طماعة "رشا مهدي" في سبيل احتفاظه بصديق العمر "الحلاق سيد الذي يهوى الغناء والأفلام الهندية وكاد يحقق الشهرة بعد لقاء المصادفة مع مذيع التليفزيون طارق علام ويكون موقف سيد من خطيبته هو نفس موقف عاطف؛ فهو لم يرضخ لتهديدات خطيبته "منة شلبي" ويقرر التنازل عن الشقة الحائرة بينه وبين صديقه تمسكا بصداقتهما، مرورا بفيلم (الراهبة) 1965، والذي تم تصويره في لبنان وهو الفيلم المصنوع على طريقة مخرجه حسن الإمام التي تضم التركيبة الميلودرامية التي يتقنها، والبطولة للفنانة هند رستم " هدى ـ سونيا" إنتاج الفترة الكلاسيكية الذهبية للسينما المصرية من ستينيات القرن العشرين.

نقول أننا بعد كثرة الاعتماد على باقة محدودة من الأفلام، أصبحنا نراهن على إسم الفيلم الذي سيعرض في هذه المناسبة أو تلك، التي يتشارك في الاحتفاء والاحتفال بها أبناء الوطن الواحد حتى أصبحنا نحفظها عن ظهر قلب، وهو أمر مفروغ منه، لم يعد يحتاج إلى مزيد من الضوء؛ نعلم بوحدة التاريخ والمصير أن المصريين لا يفرقهم أحد لا في السينما ولا في غيرها، ولكن نادرا ما يتناول أحدنا، تجذر الشخصية القبطية المبدعة في السينما المصرية والفن المصري كعنصر مبدع فاعل، فالأقباط لم يبتعدوا عن الإبداع، ومنهم نجوم أثروا الفن المصري، من هالة صدقي إلى جورج سيدهم، ومن يوسف داود إلى المبدع لطفي لبيب وهاني رمزي وغيرهم من نجوم مصر، فعلى مستوى السينما، تدهشنا مصر بجمالها وتفردها ووحدتها، فقط نطالب ببعض الاجتهاد في الاحتفال الشعبي بمناسباتنا الدينية والقومية، فلو بحثنا قليلا لوجدنا أول فيلم صامت حقيقي للسينما المصرية، أبطاله صديقان: أحدهما قبطي والآخر مسلم، بل إن عنوان الفيلم نفسه، يحمل إسم البطل المسيحي، الفيلم هو "برسوم يبحث عن وظيفة" إنتاج عام 1923، أي منذ 101 عاما وياله من اكتشاف!

الفيلم كوميدي اجتماعي قصير ـ مدته نحو 16 دقيقة ـ ولحسن الحظ فهو متوافر لكل من يريد مشاهدته، تدور أحداثه حيث الترابط بين المسلمين والمسيحيين من خلال قصة صديقين: أحدهما مسلم ويدعى الشيخ متولي بشارة واكيم ـ والآخر مسيحي ويدعى برسوم الممثل عادل حميد ـ والاثنان متعطلان عن العمل، ويبحثان عن مصدر رزق حلال،ـ لا فرق بين مسلم ومسيحي ـ في أعقاب الحرب العالمية الأولى،ويتشاركان في المنافسة في الحصول على وظيفة في أحد البنوك، الذي دعاهما مديره بسبب سوء تفاهم إلى غذاء فاخر بمنزله، ظنا منه أنهم من رجال الأعمال الأغنياء، ولكن بعدما علم بحقيقة وضعهما قام بطردهما من منزله، وفي ختام الفيلم نطالع الصديقين وهما مستغرقين في الراحة على رصيف الشارع؛ ليهضما وجبتهما الدسمة تلك التي لن تتكرر، وإذا بشرطي يقبض عليهما للاشتباه.. ابحثوا عن هذا الفيلم النادر واعرضوه في مناسباتنا لتقوي أواصر المحبة والوحدة الوطنية..
------------------------------
حكايات يكتبها: طاهـر البهـي







اعلان