30 - 06 - 2024

تفاصيل ماحدث في الفواخر بالمنيا .. استياء قبطي من حرق المنازل وتساؤل عن عودة التطرف

تفاصيل ماحدث في الفواخر بالمنيا .. استياء قبطي من حرق المنازل وتساؤل عن عودة التطرف

سادت حالة من الاستياء القبطي الشديد بعد أن هاجم مسلمو عزبة عبد الرزاق عبد الجواد بقرية الفواخر بمحافظة المنيا، يوم 24 إبريل الماضي، منازل مسيحيي القرية وأحرقوها، جاء ذلك بعد انتشار شائعة مفادها أنه يتم بناء كنيسة بدون ترخيص داخل منزل أحد الأقباط بالقرية التي لا توجد بها كنيسة.

وبعد يومين تقريبًا من الحادثة، تجمع عدد من المتطرفين بعد صلاة الجمعة في قرية الكوم الأحمر بالمنيا، احتجاجًا على بناء كنيسة إنجيلية حصلت على ترخيص بالبناء.

و تفاعل مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي المسيحيون بكثير من الغضب والاستياء بعد تداول مقاطع فيديو لحرق منازل الأقباط الأرثوذكس في قرية الفواخر، والاعتداء على مباني الكنيسة الإنجيلية في قرية الكوم الأحمر.

ويتساءل البعض لماذا كل الهجمات الطائفية تحدث فقط داخل قرى محافظة المنيا؟

نفتح ملف الاعتداءات الطائفية على المسيحيين بسبب بناء الكنائس في محافظة المنيا، وهل هذه عودة للجامعات الإرهابية؟ وهو من أصعب الملفات وقادر على إشعال الفتنة الطائفية في لحظات، ويعجز الجميع عن إيجاد حلول لها بشكل كامل.

يقول الأنبا مكاريوس أسقف المنيا للأقباط الأرثوذكس: وقعت الأحداث في منتصف الليل بالقرية، وتقع القرية على الخط الغربي لمركز المنيا على بعد ساعة من مدينة المنيا، ويصعب الوصول إليها لأنها تقع في الجبال، وطبيعة المكان وجغرافيته صعبة، القرية لها طابع قبلي وأهلها مختلطون ببعض القبائل الليبية أو بعض أهلها لهم أصول ليبية قديمة وهذا واضح في تعبيرهم وكلامهم وعاداتهم وتقاليدهم، ويوجد في القرية 20 ألفًا من أخواتنا المسلمين ، وحوالي 40 عائلة مسيحية، وينتمي نجع حربي إلى القرية التي يوجد بها أيضًا عدد من الأسر القبطية، ولا يوجد بالقرية كنيسة ولا القرى المحيطة بها.

يضيف الأنبا مكاريوس: وبسبب بعد القرية وطبيعة جغرافيتها وصعوبة انتقال أهلها للصلاة في قرى أخرى، يقوم أحد الآباء الكهنة بخدمة الشعب ويصلي لهم داخل البيوت، لأن هناك خطراً. في حركة الأطفال والشيوخ والنساء والمرضى.

بداية الأحداث

تم استدعاء بعض أهالي القرية من قبل الجهات المختصة للتأكد من وجود كنيسة في القرية أم لا، أو من البدء في بناء كنيسة، وأكد هؤلاء أنه لا توجد كنيسة ولا توجد محاولة لبناء كنيسة، إلا أنه تم وضع خفير نظامي أمام أحد المنازل، مما ألهم المتطرفين أن هذه الشائعة صحيحة وهنا بدأت المؤامرة.

قام مجموعة من الأشخاص بنشر منشورات تحريضية على مواقع التواصل الاجتماعي وقام بعض الأشخاص بإلقاء زجاجات مولوتوف على منازل 3 مواطنين، وتم السيطرة على الحريق، كما انفجرت زجاجات مولوتوف في منازل أخرى دون وقوع أضرار، ما أثار حالة من الذعر لدى المواطنين، وتم إبلاغ الجهات المعنية.

و قام أحد الأقباط بوضع كاميرات مراقبة أمام منزله لحمايته، إلا أنه اضطر من قبل الجهات المختصة إلى رفع الكاميرات رغم تركيب كاميرات لدى آخرين، كما سخر مدير المدرسة الابتدائية من بعض الفتيات الصغيرات، مما شجع طالبات أخريات على الاعتداء عليهن وضربهن، وعندما احتج الأهل، قام مدير المدرسة بطردهم. 

وبعد ذلك قامت مجموعة من الأشخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي بكتابة منشورات تحرض على الاعتداء على منازل الأقباط بحجة بناء كنيسة، وهذا غير صحيح ، ومكتوب داخل المنشورات أنه يجب حماية القرية من إنشاء أي كنائس قبطية. وتم إرسال هذه المنشورات إلى الجهات المعنية تحسباً لوقوع الكارثة، ورد المسؤولون بأنه جارٍ اتخاذ الإجراءات اللازمة.

 الحادث

يتابع الأنبا مكاريوس: على إثر ذلك، تجمع 500 فرد، بينهم نساء ورجال وشباب وأطفال، أمام منازل بعض الأقباط، ونهبت بعض المنازل، وسجن الأقباط داخل منازلهم ومنعوا بقوة السلاح من الخروج منها، وحدث اعتداء من قبل بعض المتطرفين على النساء وضربهن وكان هناك محاولة اختطاف أطفال، إلا أنه تم إنقاذهن. وقام المهاجمون بتصوير الحرائق ونشروا مقاطع فيديو تحمل تعليقات تحريضية وعبارات غير لائقة.

ووصلت الأجهزة الأمنية وسيطرت على الوضع في القرية بعد الاعتداءات على منازل الأقباط، وفرضت القوات الأمنية الهدوء وألقت القبض على بعض الجناة، وتكاتفت كافة أجهزة الدولة وما زالت تتواجد بالقرية بأعداد كبيرة، وتم القبض على عدد كبير من المحرضين والمشاركين.

واختتم الأنبا مكاريوس قائلاً: أنا وأجهزة الدولة نرى أن الحل الأمني وحده لا يكفي ويجب تسليط الضوء على القرى والنجوع، و تغيير الثقافة وإعادة النظر في المناهج التعليمية مهم جداً، وايضا دور الأسرة في التربية وتنمية روح التعايش والإعلام وتنقيته.

وأذكر أيضا تعليقا لفضيلة شيخ الأزهر الذي قال إنه ليس في الإسلام ما يمنع بناء الكنائس، والمضايقات حولها ميراث وتقاليد، ولا يوجد في القران او السنة النبوية ما يحرم بناء الكنائس، والقانون هو الذي ينظم قانون دور العبادة.

وعلق القس رفعت فكري، الأمين العام المساعد لمجلس كنائس الشرق الأوسط قائلا: المتطرفون والمتعصبون موجودون في كل مكان وفي كل زمان، وهم بحاجة إلى علاج فكري. إن الذين يهاجمون الكنائس والذين يرفضون بناء الكنائس هم مختلون فكرياً، لأنهم يظنون أنهم الوحيدون في هذا العالم الذين يمتلكون الحقيقة المطلقة، يملأ التعصب الأعمى قلوبهم وعقولهم، فيرفضون كل من لم يكن مثلهم ومثل معتقداتهم، ويكفرون كل من يخالفهم في الرأي، ويعتبرونه مهرطقًا.

يضيف رفعت فكري: يعتقد المرضى العقليون أن المسيحي مشرك ويؤمن بثلاثة آلهة، ولذلك يجب قتله وإراقة دمه، ولذلك فهم يعتبرون الكنائس أماكن للكفر والفجور، ولذلك وجب مهاجمتها، بل وعدم السماح ببنائها أو ترميمها، بل يجب أن تختفي من الوجود، بينما هؤلاء المختلون لو قرأوا التوراة والإنجيل والقرآن بعناية لعرفوا أن المسيحيين لا يؤمنون إلا بإله واحد ولا يشركون به أحداً.

ولا مخرج لنا من هذه الأزمة إلا بتغيير الفكر ونشر ثقافة التنوير بين المضطربين فكريا، وإذا لم يقم المثقفون والليبراليون والمستنيرون بواجبهم الوطني والحضاري، فقولوا السلام على مصر الحضارة!

من جانبه يقول الشيخ إبراهيم رضا، أحد علماء الأزهر الشريف: ما حدث كان من المتطرفين الذين ليس لديهم أي خطة مستقبلية لقبول الآخر، ولا لديهم أساس للتسامح، ويحتاجون إلى الفرص التي تأتيهم بين الحين والآخر لإزعاج البعض، نحن بحاجة للحفاظ على المصداقية للقضاء على الفتن، وما يحدث فنحن ندفع ثمنه، وهذه الفتنة غير موجودة في المدن الجديدة لأن الدولة وضعت بروتوكولاً يمكن بموجبه إنشاء دور العبادة (الكنيسة والمسجد) في أي مجمع سكني جديد ، وعندما فعلت الدولة ذلك، جفت منابع الإرهاب، ولم تترك فرصة لأي شخص يحاول إعادة شحن النفوس.

إن المناطق والقرى شبه العشوائية أرض خصبة، فبينما نحل المشكلة كحل مؤقت، نحتاج إلى حلول جذرية حتى نقول إننا نعيش في دولة قانون ، فرض قانون عام صارم على الجميع هو الحل.

موقف الإسلام من بناء الكنائس

من قال إن الشقق السكنية تصلح أن تكون مساجد أو كنائس، ولماذا تحتاج دور العبادة إلى حيلة حتى تبنى؟ نحن في القرن الحادي والعشرين وموقف الإسلام من بناء الكنائس واضح أنه لا يمانع، فقال رسول الله ﷺ «اتركوهم وما يدينون» ، تعاليم النبي واضحة لا تقبل الشك، ووثيقة المدينة هي أول وثيقة في العصر الإسلامي أقر فيها بذلك وقال: "لهم ما لنا وعليهم ما علينا"، و هذا يعني أن أي شخص له حقوق مثلي في البلاد، فإذا سمح للمسلم ببناء مسجد، فهو مسموح أيضاً ببناء دور عبادة للمسيحيين واليهود.

وأضاف: أرى أن هذه تراكمات في أماكن معينة في مصر وأنها مفتعلة، إن وقوع هذه الحادثة في محافظة المنيا بشكل خاص يتطلب مراجعة وخطابا دينيا يمتلك آليات واقعية لحل هذه المشكلات على الجانبين المسيحي والمسلم، لماذا لم يجتمع الكهنة مع علماء الأزهر ويبادروا؟ يجب على رجال الدين أن يعرفوا بعضهم البعض، فحالة القلق هذه ناجمة عن العزلة.

وعندما تمت الإطاحة بالإخوان أيضاً، بدأنا تعاقب بحرق الكنائس، لكننا الآن في دولة مدينة حديثة قررت التغلب على سلبيات الماضي، ويعتني الرئيس بنفسه بالمسجد والكنيسة، وفي الأعياد يزور الكنيسة ويهنئ المسيحيين. وأرى أن أول طريق العلاج الصحيح كان برنامج فضيلة مفتي الديار الشيخ علي جمعة. وعندما سئل هل الجنة للمسلمين فقط أجاب وقال: لا، نحتاج لتلك الحوارات. إن اعترافك بوجودي لا يعني اعترافك بإيماني، ولكن يجب أن نتعاون بشكل مشترك.

 اضطهاد الأقباط في مصر

يتابع الشيخ إبراهيم رضا: قول بعض المسيحيين إنهم مضطهدون له أسباب تاريخية، ربما لا نتحمل مسؤوليتها الآن، وبكل أمانة أنا مدرك أنه كان هناك تاريخ سيء ظُلمت فيه المرأة وعانت الكثير لكي تنال جزءا من حقوقها، والأقباط في مصر أيضًا دفعوا الضريبة، وسأكون مذنبًا إذا أنكرت ذلك. الخطاب الديني كان قسريا بعد عام 1967، وكان يقول نحن أمة عصت وبعدت عن ربها فعاقبها الله. وطبعاً كان لدينا أباطرة في الحركة السلفية كانوا يقولون هذا الكلام، وكان ينتشر في القرى.

وأنا أحمل المسؤولية الكاملة للمجموعة المسؤولة عن الفكر الديني في هذه المناطق. لدينا أزمة وعلينا أن نعترف بها، لأن هذا جزء من الحل. و نبحث عن آليات وحلول، لكن حالة الإنكار عبثية ، وأنا لا أبرئ كلا الطرفين، ويجب على الزعماء الدينيين والمجتمع المدني أن يلعبوا دورا في هذه الأماكن. ولا يوجد عالم أزهري نشأ في الأزهر يقبل هذه التصرفات.

وعلق الدكتور رامي عطا صديق، رئيس قسم الصحافة بإعلام الشروق: برأيي فإن حل هذه المشاكل ومنع تكرارها خاصة في المناطق الشعبية والعشوائية التي تعاني من مشاكل اقتصادية وثقافية واجتماعية مختلفة، هي تفعيل مبدأ المواطنة والمشاركة والمساواة في الحقوق والواجبات، وتطبيق القانون على الجميع، وعند بناء الكنيسة يجب اللجوء إلى الطرق الشرعية للحصول على الترخيص، و إذا اعترض أحد على بناء كنيسة، عليه أيضًا أن يلجأ إلى الجهات المسؤولة، لكن فكرة اعتراض المواطن على شيء ما بقوته، أعتقد أنها غير مقبولة ومرفوضة، هناك قانون خاص بدور العبادة يجب على الجميع الخضوع له.

 لماذا يحدث هذا في محافظة المنيا؟

ويتابع عطا: المنيا حالة تحتاج إلى دراسة من قبل أساتذة علم الاجتماع وعلم النفس والاقتصاد والصحافة والإعلام، وأدعو كلية الآداب جامعة المنيا إلى دراسة فكرة التوتر الديني في المحافظة ومعرفة أسبابه وآثاره ونتائجه.

هناك مشاكل كثيرة في المنيا، وهي محافظة تضم أفقر قرى مصر، و من المحافظات الطاردة لسكانها و الكثير منهم يبحثون عن فرص عمل خارج مصر وخارج المدينة، رغم أن المنيا من المحافظات التي يوجد بها الكثير جدا من منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية التي تعمل على تطويرها وتحسينها.

وأضاف: نحتاج إلى رؤية الخطاب الديني في المحافظة بين المسلمين والمسيحيين ومؤسسات التنشئة الاجتماعية وقصور الثقافة والأندية والمؤسسات التعليمية حتى نعرف الخطاب الثقافي والديني والإعلامي على المستوى المحلي داخل المحافظة، وما أسباب هذه الأعمال غير المقبولة والإجرامية وفقا للقانون، وعلينا أن نعرف وضع الإخوان المسلمين في هذه المحافظة، وهل لهم دور أو تأثير أو وجود على الأرض.

واختتم حديثه: كما أنني أطرح أسئلة على المجال العام والمتخصصين للوصول لحل هذه المشكلة، وبنظرة سريعة على السنوات الأخيرة نكتشف أن المنيا هي المحافظة التي شهدت أكثر الأحداث والوقائع التي تشهد توترات على أساس ديني.

و ربنا يحفظ مصر وشعبها كله على مبدأ المواطنة التي تجمع الناس ولا تفرق.

مصدر أمني يروي ماحدث بقوله: إن حادثة قرية الفواخر تعود إلى تجمع نحو 15 شخصاً من أبناء العزبة، وقام بعضهم بإضرام النار في بعض ممتلكات أبناء الطائفة المسيحية، إثر ما تردد بالعزبة عن إن مسيحييها يعتزمون إنشاء منزل يملكه المواطن "صالح حبيب سليمان عطية" 47 سنة سائق ومقيم بعزبة عبد الرزاق عبد الجواد - قرية الفواخر - دائرة المركز، ومساحته (175) متراً مربعاً تقريباً، مقام من البلوك الأبيض والخرسانة المسلحة، وتتكون من دور أرضي ودور أول علوي غير مكتمل كمنشأة كنيسة لإقامة الشعائر الدينية المسيحية للأقباط الأرثوذكس بتلك المنطقة. بدون ترخيص.

وحدثت تلفيات نتيجة تعدي ٩ مسلمين من أبناء العزبة علي منازل أقباط العزبة وكانت التلفيات بمنازل: 

" صالح حبيب سليمان عطية" تم إشعال النيران بمحتويات حجرة بالطابق الأرضي (دولاب + سرير + مجموعة من المقاعد القديمة ) وكمية من المخلفات أعلي سطح المنزل، والمنزل مكون من طابق واحد علي مساحة ۱۲۰ متر تقريباً و يقيم به - حرق المنزل الوراد بشأنه ترديدات أهالي العزبة إتخاذه منشأه كنسية لإقامة الشعائر الدينية المسيحية بدون ترخيص والبالغ مساحته ۱۷٥ متر تقريباً - إشعال النيران بالباب الخشبي الخاص بمنزل "عماد مجدي حبيب سليمان " ٢٨ عاماً ، و مقام المنزل علي مساحة (۱۲۰) متر تقريباً مكون من طابقين و لا يقيم به - إشعال النيران "بكمية من البوص والمخلفات الزراعية " داخل قطعة أرض فضاء خاصة بمساحتها ١٥٠ متر تقريباً ، ملك " عادل زكي إبراهيم قليني " ٥٩ عاماً حاصل علي دبلوم زراعه و تاجر دواجن.

  يشار إلي أن إجمالي تعداد عزبة عبد الرازق عبد الجواد ٥٠٠ نسمة تقريباً ٤٠٠ مسلم + ۱۰۰ مسيحي، ولا توجد كنائس بتلك العزبة .. وأقرب كنيسة للأقباط الأرثوذكس بعزبة زكي عياد التابعة لقرية منشأة الذهب البحرية - دائرة مركز شرطة المنيا ، علي بعد ۲ كيلو متر من العزبة محل الواقعة .

يذكر أن قوات الأمن ألقت القبض علي ٩ أشخاص من المنفذين لعملية الاعتداء علي منازل المسيحيين في قرية الفواخر من بينهم ٤ أشخاص كانوا محرضين علي الواقعة.






اعلان