27 - 06 - 2024

حذاء أم فردتا حذاء؟

حذاء أم فردتا حذاء؟

ربما يتساءل القارئ وما الفرق إذن؟ .. أقول لك يا سيدي أن الحذاء عبارة عن فردتين إحداهما يمين والثانية يسار لكن حينما تكون الفردتان يمين أو شمال، فلا يجوز أبدا أن يكون حذاء بل فردتا حذاء هذا تماما ما ينطبق على العلاقات العربية الأمريكية في مجملها فهم مصرون على أن يظهروا للعالم باعتبارهم حذاء واحدا مع أنهم أبدا لم ولن يكونوا كذلك يوما رغم كذب وادعاء الطرفين.

فالأنظمة العربية جبلت على البطش والطغيان بشعوبها دون مراعاة للحد الأدنى من الأعراف والمواثيق الدولية وهذا يمثل قمة الظلم والإرهاب وهذا ليس خافيا على عابر سبيل، فما بالك بأمريكا وأجهزة استخباراتها العتيدة ورغم هذا تدعي أمريكا أن هناك شراكة مع هذه الأنظمة في الحرب على الإرهاب لقاء أموال ونفط هذه الدويلات التي تكونت بفعل عوامل الرياح كالغرود الرملية وهذه وقاحة كبرى حيث يتم مقايضة المبادئ بالأموال.

فأمريكا التي صدعت رؤوسنا بمبادئ الحرية والعدل والدمقراطية صارت بودى جارد لهذه الأنظمة وهى الحامي والضامن لبقاء عروشها وعليها أن تدفع والا ما بقيت لحظة فوق كراسيها، وفى المقابل أمريكا تغض الطرف عن الممارسات القمعية لهذه الأنظمة من قتل وتعذيب وإخفاء قسري لمعارضيها، وللحقيقة فهذه الأنظمة تبتز أمريكا أيضا بشراء سكوتها وأعتقد أن الابتزاز المعنوي أشد قسوة من الابتزاز المادي، أي أنه ابتزاز مزدوج، لذا يخيل لك أن فردتي الحذاء تقفان بجوار بعضهما البعض إلا ان كل منهما في اتجاه.

 كنت فيما سبق من المؤمنين بمبادئ الحرية والعدل والدمقراطية والحلم الأمريكي إلا انني رأيت فظاعة الكابوس الأمريكي فكفرت به، وهنا اتساءل لماذا لا يحاكم الأمريكيون رؤساءهم السابقين على قتل أطفال العراق في ملجأ العامرية وغيرها بمزاعم كاذبة ؟؟ لماذا تصمت أمريكا علي جرائم بورما وما تفعله إسرائيل وجرائم جوانتانامو؟؟؟ ولتسأل أمريكا نفسها عن علاقتها بتنظيم القاعدة وكيف أوجدته وكيف قضت عليه؟ وما قصة ظهور داعش؟ ومن يمسك بخيوط اللعبة ومتى تتوقف؟ كلها أسئلة تفضح إجابتها حقيقة السياسة الأمريكية الخارجية المتخبطة والغبية، نفس السيناريوهات ونفس الأخطاء نفس النهايات الحزينة وركاكة الإخراج، ومن المضحك أنه بعد كل هذا يخرج علينا أحد كبار موظفي الخارجية الامريكية وهو تحديدا من قام بأعداد خطاب كولن بأول عن العراق في 2003 ليعترف أنهم كذبوا علي العالم وعلى أنفسهم حول مسألة أسلحة الدمار الشامل، وأنهم أحالوا المنطقة الى واد من الخراب والفوضى والحروب طيلة سبعة عشر عاما، وها هم يعودون كسيرتهم الأولى لتكرار نفس الأخطاء، ولكن هذه المرة مع أيران بحجة سعيها لامتلاك أسلحة نووية، وتحاول ان تحشد ناتو عربي لهذه المواجهة !! 

غبي يستعين بأغبياء فبالتالي تصبح النتائج كارثية وهنا أمريكا تذكرني بالفلاح الغبي الذي أحرق كل حقول القمح من أجل جرذ صغير.. إن لكم يا سادة أن تكفوا عن هذا العبث بمصائر الشعوب، احترموا أن في المنطقة العربية هناك عقول تعي وتفكر، احترموا مواطنيكم لا تكذبوا عليهم، قولوا لهم انكم خذلتم أمريكا ومبادئها ودمرتم سمعتها ومصداقيتها، وأخيرا ناموا مطمئنين سيصلكم نفطنا وأموالنا مهما كان نظامكم جمهوريا كان ام ديمقراطيا، مادامت إحدى الفردتين تدفع والأخرى تقبل المقايضة، ولنقف جميعا ننتعل مبادئنا ونبيع رؤوسنا لتلك الأحذية .
-----------------------------------
بقلم: سعيد صابر

مقالات اخرى للكاتب

الحرب القذرة





اعلان