26 - 06 - 2024

الكيانات "القبلية" ووحدة مصر

الكيانات

عبر عصور التاريخ كانت تنشب خلافات بين العرب تصل الى حد المشاحنات ومنها إلى الحروب الدامية بينهم - صنفها و وصفها المؤرخون بالعصبية القبلية - وكانت غالبا ما كانت أسبابها محصورة في الذود إما عن المراعي ومنابع الماء او الحماية من غارات اللصوص وقطاع الطرق..

فسر الباحثون هذا الذود على أنه نوع من "العصبية"، فانتشر هذا المفهوم. حيث ظل الذود عن المكان ديدن قبائل العرب ، فخاصية الانتماء متجذرة فيهم، الانتماء للنسب ثم الانتماء للمكان الذي احيانا يحوي بعض "المستجيرين والوافدين" ليصبحوا بمرور الوقت من لحمة المكان والقبيلة عبر المصاهرة وما إلى ذلك،

فالتفرعات القبلية ليست تقسيمات عائلية جينولوجية، وإنما هي تقسيمات تحدد العلاقات السياسية والقانونية والتعاونية بين مختلف مكونات القبيلة، والعلاقات القبلية المفترضة ما كانت إلا غطاء أيديولوجيا يبرر ويعزز هذا الشكل التنظيمي الذي يندمج من ناحية الوظيفة إلى هيكل التشكيلات والكتائب العسكرية.

فالحميَّة للأرض التي يعتبرها الفرد شرفه وعرضه، والذود عن الحِمَى أصبح نوعاً من الشرف. وعليه لم يكن تعصباً، فالتعصب هو التحوصل داخل خلية تنبذ الغرباء أو التعصب لدين، وهذا غير وارد كما ذكر أحوال هؤلاء الرحالة، بالرغم من أنهم يعتنقون ديناً مغايراً لدينهم.

ولذلك فهناك فرق دقيق بين قوة الانتماء للمكان الذي ذابت فيه الشخصية، وبين نبذ كل غير ذي صلة بأفكارهم ومعتقداتهم وجنسهم. فهم لم يكونوا عدوانيين أو متعصبين ضد أي غريب كما أنهم قوم يركنون إلى المؤانسة والجماعة.

،ومن هنا يتبدى الفرق بين الدفاع، والكراهية ونبذ الآخر الذي لا يحمل سماتهم الفكرية والعقائدية، وهذا الفرق الدقيق يكمن في عمق التفريق بين "العصبة والعصبية" ، فالعصبة هي ترابط الجماعة على الخير والشر وعلى الحب والوئام أو على من انتهك قوانينهم واعرافهم.

وقد وردت كلمة عصبة في القرآن الكريم في سورة يوسف (قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذاً لخاسرون ، أما العصبية فهي نبذ الآخر الذي لا ينتمي إليهم.

وعلى ضوء ذلك فاننى احسب ان الحديث عن تأسيس واطلاق ما يسمى" اتحاد القبائل المصرية"،بعد انحاد قبائل سيناء الذى تاسس عام ٢٠١٦ للمساعدة فى التصدى للإرهاب الأسود فى سيناء، والذى اتخذ رمزا له خاصا، وعين له مؤخرا رئيسا فعليا له هو رجل الأعمال السيناوي " المثير للجدل" إبراهيم العرجاني هو خطوة للوراء تحمل معها وعليها بذور خطيرة لأحياء " النزعات العصبية " التى تعيدنا إلى جاهليتنا الأولى، تلك التى ودعتها مجتمعاتنا منذ قرون..!!

لنتامل وندقق حولنا هناك دول ومجتمعات عربية ذات طابع قبلى "متشابك متصاهر"، وخاصة فى دول الخليج ، ورغم ذلك لم نسمع عن تأسيس كيانات تعبر عن تلك القبائل وتتخذ رمزا  لها، بينما تقبل مصر ذات العمق "الوحدوى" الضارب فى التاريخ على تلك المبادرة والخطوة المحفوفة بالمخاطر ،مهما كان الدوافع وراءها، لا مكان لمثل هذا الكيانات فى بلد مثل مصر تنعم بالوحدة الاجتماعية، منذ صيحة فرعوننا القديم قبل ٤ الاف سنة الملك مينا موحد القطرين ، والتى استمرت لاحقا فى ظل العصور اليونانى  والبطلمى والرومانى،ومن بعده العصر القبطي ثم العصر الإسلامي ثم عصر الأسرة العلوية ومن بعدها عهد الثورة وما تلاها الى اليوم..

باختصار...انطلاق مثل هذا الاتحادات "القبلية" فضلا عن كونها يبعث ثقافة العصبية ويغذيها، فانه يشكل عبئا على الامن القومى المصرى ، وينذر بالتشظى والتفتيت!

١٢٠مليون" لا " لأي كيان قبلى يهدد وحدة مصر..
--------------------------------
بقلم: عبدالرزاق مكادي


مقالات اخرى للكاتب






اعلان