25 - 06 - 2024

القرآنيون" بإنكارهم السُّنَّة النًبوية يهدمون القرآن”

القرآنيون

إنكار السُّنة ليس بجديد.. فمنذ سنوات وفي البِدء حسبْتُه عن جهل؛ حتى أصبتُ بذهولٍ؛ بعد أن أيقنتُ أنّ وسائل الإعلام عن عمدٌ وإصرار تفسحُ المجال لمن يريد أن يتلاعب بالمعتقدات ويهين المقدسات في كافّة القنوات الفضائية؛ فروّجتْ لمن يطلقون على أنفسهم "القرآنيون"؛ وهم فئة من النّاس تعتبر "القرآن" المصدر الوحيد للتشريع الإسلاميّ؛ وتنكر حُجية السٌّنة المطهرة؛ فلا يعتدون بها ولا بأقوال السّلف ولا إجماع العلماء ولا القياس كمصادر للتشريع، وهؤلاء يسمون أنفسهم أيضًا "أهل القرآن" أو "مسلمون حُنفاء" !!

إنكار السُّنّة -كما قلتُ- ليس بجديد؛ فقد ظهر على يد "الخوارج" الذين رفضوا إقامة حد "رجم الزّاني".. وغيرها من التّشريعات المنقولة عبر الرّواية عن الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- ثم ظهروا ثانيةً في العصر الحديث في "الهند" إبَّان الاحتلال البريطانيّ، بعدها انتقل الأمر لباكستان ثم بعض الدّول العربيّة؛ بِدءّا بالمغرب العربيّ ثم أمريكا.

مذ سنوات استقبلنا بكثير من الدهشة والمرارة التّلفاز المصريّ؛ حين أفرد أحد أهم برامجه الدّينيّة لمذيع مشهور لاستقبال مهندس مغربيً على مدى حلقات طوال يصول ويجول ويدعو لهذا العبث.

ثمّ عاد الضلال والتّضليل يطلُّ برأسه ثانيةً؛ بعد أن أصبح السّفهاء والجهلاء يستبيحون أمور العقيدة، ويتجرؤون على الفُتيا، ويروجون لأن يكون القرآن المصدر الوحيد للتشريع، بل ويدْعون لأن يفسره كل منا حسب هواه وكيفما يفهم؛ ولا ضرورة للرجوع لأهل الاختصاص والعقيدة والحديث والفقه والتّفسير؛ بحجّة أنه لا كهنوتيّة في الإسلام ولا رِجال دين؛ يخلطون الأوراق بعضها ببعض، ناسين عامدين أنّ علماء الدّين الإسلاميّ ليسوا كرجال الدّيانة المسيحيّة في عصور أوروبا المظلمة وكنيستها المتسلطة؛ وأنّ ديننا هو "التّنوير" بعينه.

تسألهم: وكيف تُصلُّون وتحجون وتعطون زكاتكم؛ وكلها عبادات لم تأت تفاصيلها في القرآن الكريم بل شرحتها السّنة النّبوية المطهرة متواترة ؟! فلا تجدهم يحرون جوابًا !!

تُردّدُ على مسامعهم قوله تعالىٰ: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر وذكر الله كثيرًا" ولوا على أدبارهم نفورًا.

تنبههم لقوله سبحانه: "وما أتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا".. يتبجحون بقولهم "لا عِصمة لنبيّ"، تندهش حين يدّعون أنّهم "قرآنيون" وفي ذات الوقت يكذبون ويرفضون بعض آياته؛ وعلى الفور تدرك أنّهم في الحقيقة ما أرادوا هدم السُّنّة؛ بل يبتغون هدم القرآن ذاته.

إذا ما تعطلت السُّنّة صارت كثير من أوامر القرآن غير واضحة، فكيف يرون دعوته سبحانه لرد الاختلاف إلى الله ورسوله ؟! كيف يردّونه وقد نبذوا السُّنّة جانبًا !؟ فيصبح الأمر وكأنّ القرآن يأمرنا باتباع ما هو غير موجود !!

والأمر ذاته في قوله تعالىٰ: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيءٍ فردّوه إلى الله والرّسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلًا".

إذن الإيمان بالله يقتضي رد الأمر لله ورسوله، فكيف يردّون الأمر لمن اعتبروا سُنّته غير موثوق بها؛ وإذا كانت السُّنّة غير ذي بال فبالتالي يعني أن بالقرآن خللًا؛ حين يدعونا لاتباع ما هو غير موجود، ومن ثَمّ يسفر هؤلاء عن قبيح نواياهم ودعوتهم الحقيقيّة لهدم القرآن ذاته.

أعلمُ أنِّي لستُ من أهل الاختصاص في أمور العقيدة؛ وغيري أجدر منّي على مقارعة هؤلاء، لكني أعجب والله حين أجد أكثر من مائة آية بيّنة واضحة لا تحتاج لكثير جهد لفهمها، وكلها تُقيم عليهم الحُجة الدّامغة وتفضح ضلالاتهم؛ كقوله تعالىٰ: "من يطع الرّسول فقد أطاع الله ومن تولىٰ فما أرسلناك عليهم حفيظًا".

وقوله: "وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرّسول رأيتَ المنافقين يصدّون عنك صدودًا".

و "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجَرَ بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممّا قضيتَ ويسلموا تسليمًا".

وهذا يعني أن من يطعن في السُّنّة النّبويّة المطهّرة وحجّيتها إنّما يطعن في دين الله وفي أمانة النّبي ويتبع هواه بغير علم.

حتىٰ لو وافقنا من يدّعي أن السُّنّة النّبويّة قد دُسّ فيها أحاديث مكذوبة على رسول الله؛ فهل يعني ذلك إنكارها برمتها أم تمحيصها وتنقيتها ؟! مع اعتبار أنّ تلك مهمة علماء الأمّة المشهود لهم وللأزهر الشّريف وأهل العلم وليست موكلة لكل عابر سبيل ليدلي بدلوه دون علم واقتدار.

والعجب كل العجب حين نرى بذات الوقت أعداء الأمّة وهم يعترفون بأنفسهم بأنّه ليست هناك أمّة عنيت بالسّند وتنقيح الأخبار المرويّة عن نبيها كالأمة الإسلاميّة !!

علماء الأمّة الأجلّاء المختصون هم الأجدر -دون شك- بتقديم برهانهم على كيفية جمع الحديث النّبوي الشّريف، وكيف كان الحرص على حفظه وصيانته من التّحريف، وكيف تم التّنقيب عن الرّجالات الثّقات ومن يصلح للأخذ عنه ومن لا يصلح، ومن يُحتج به ومن لا يُحتج.. لكن مَن أسموا أنفسهم بالقرآنيين اهتموا فقط بما وقع من بعض النّاس من أوهام وأغلاط، وروجوا للإسرا.. ئيليات والكذّابين والوضّاعين وجعلوهم حجة لإنكار السُّنّة.

الخلاصة.. أنّ أعداء الأمّة الذين يعلنون عداءهم في وضوح وجلاء أهون؛ أما المنّافقون من أبناء جلدتنا الذين يتدثّرون بعباءة الإسلام؛ ويتسربلون بالحرص عليه وعلى القرآن العظيم هم الأشد خطرًا ومكرًا وكيدًا.. قاتلهم الله وفضح إفكهم.. وصلوات ربي وسلامه عليك يا حبيبي ونبيي وشفيعي.
-----------------------------
بقلم: حورية عبيدة

مقالات اخرى للكاتب

ترنيمة عشق | حتىٰ أنت يا بروتس ؟!





اعلان