18 - 06 - 2024

مؤشرات | "الجنائية الدولية" وقرار ضرَبَ تهديدات الصهاينة في مقتل

مؤشرات |

جاء قرار المحكمة الجنائية الدولية، الإثنين 20 مايو في شقه الأول الخاص بالكيان الصهيوني وقادته ملبيَا لطموحات البعض، وإن كان أقل من طموحات الأكثرية، والذين كانوا ينتظرون أن يضم قادة صهاينة أكثر عددًا.

إلا أن الشق الثاني من قرار المحكمة والخاص بقادة حماس، فهو حتمًا سيكون مثار جدل حول تسويته بين الجاني والمجني عليه، وفي نفس الوقت سيكون هناك من يرى أن في القرار إدانة لمن جر الفلسطينيين إلى حرب ليس فيها أدنى نوع من التكافؤ، والضحية في النهاية سكان القطاع.

الترحيب بقرار المحكمة الجنائية الدولية سيبقى مرجعية مهمة لكشف الوجه النازي للصهيونية، وتعرية موقف الكثير من دول العالم، خصوصًا أن القرار خص الجزء الرئيسي منه للعدوان الصهيوني على أهل غزة وما حولها، ووصف ما قامت وتقوم به قوات الإحتلال الصهيوني بأنها حرب إبادة وتجويع، وقتل عن عمد.

أهمية القرار أن المحكمة لم تخش التهديدات الصهيونية والأمريكية، من أن تدين وتطلب اعتقال قادة صهاينة، ولكنها بالفعل قامت بذلك، وأصدرت مذكرة اعتقال بحق عدد من قادة إسرائيل، بتهمة ارتكاب جرائم حرب، ليطارد كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي (الصهيوني)  بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه "يوآف جالانت"، حيث طلبت المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق المجرمين، بتهمة ارتكاب جرائم حرب، رغم تعرضها لضغوط أمريكية وتهديدات بفرض عقوبات عليها إذا أصدرت قرارات ضد إسرائيل.

صحيح أن ذات المحكمة طلبت في نفس الوقت إصدار مذكرات إعتقال بحق زعيم حركة حماس في غزة يحيى السنوار، والقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، ورئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، إلا أن هناك من يرى ذلك ترضية لأطراف أمريكية، في وقت لم تتعرض فيه المحكمة لأي ضغوط فيما يخص قادة حماس، مقابل هذا الضغط الهائل لحماية القادة الصهاينة.

ودعونا نقرأ ما قاله المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، في قائمة الإتهامات لقادة إسرائيل الصهيونية، ومنها، تجويع المدنيين، والقتل العمد، وتعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين، والإبادة، بما في ذلك الموت الناجم عن التجويع باعتباره جريمة ضد الإنسانية، والاضطهاد باعتباره جريمة ضد الإنسانية.

ولم تأت الاتهامات من فراغ، بل ووفقا لما قاله المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، فقد استندت إلى دلائل دامغة من خلال جمع الأدلة التي أثبتت أن إسرائيل تعمدت حرمان السكان المدنيين في كل مناطق غزة بشكل منهجي من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم الإنساني، من خلال فرض حصار كامل على غزة تضمن الإغلاق التام للمعابر الحدودية الثلاثة، وهي رفح وكرم أبو سالم وبيت حانون، اعتبارًا من 8 أكتوبر 2023، ولفترات مطولة، ثم التقييد التعسفي لنقل الإمدادات الأساسية، بما في ذلك الطعام والدواء، من خلال المعابر الحدودية بعد إعادة فتحها.

جرائم إسرائيل وفقا لأدلة المحكمة والمعلومات التي جمعتها، تؤكد الوجه القبيح للكيان الصهيوني، فالجرائم تخطت كل الحدود، ووصلت إلى شمول الحصار قطع أنابيب المياه العابرة للحدود من إسرائيل إلى غزة، في خطوات عملية لقتل الأطفال والكبار على حد سواء، في جريمة ضد الإنسانية، لقطع المصدر الرئيسي للمياه النظيفة التي يحصل عليها سكان قطاع غزة.

 وامتدت هذه الجريمة وغيرها لفترات طويلة، بخلاف قطع إمدادات الكهرباء ومنعها، مع هجمات ضد المدنيين، بما في ذلك هجمات طوابير المدنيين الذين اصطفوا للحصول على الطعام، وإعاقة توصيل الوكالات الإنسانية للمساعدات، وشن هجمات على عمال الإغاثة وقتلهم، مما أجبر الكثير من الوكالات على إيقاف أعمالها في غزة أو تقييدها.

هل تريدون المزيد من جرائم الصهيونية التي رصدتها المحكمة الجنائية الدولية، فقد رصدت بالمعلومات، أن الجرائم (الصهيونية) تم ارتكابها في إطار خطة مشتركة لاستخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب وأعمال عنف أخرى ضد السكان المدنيين في غزة كوسيلة للتخلص من حماس، ولضمان عودة الرهائن الذين اختطفهم حماس، ولإنزال العقاب الجماعي بالسكان المدنيين في غزة الذين رأوا فيهم تهديدًا لإسرائيل.

ومن جرائم الإثبات من خلال مذكرت االإتهام من المحكمة الجنائية الدولية، أن استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، جاء مقرونًا بهجمات أخرى وبالعقاب الجماعي للسكان المدنيين في غزة، مما ترك آثارًا حادة وظاهرة للعيان، تجسدت في المجاعة ببعض مناطق غزة وأوشكت على الظهور في مناطق أخرى، مع مواجهة أكثر من 1.5 مليون فلسطيني كارثة إنسانية بسبب الجوع في منطقة رفح.

هذا جزء من كل، جاء من (الجنائية الدولية) كاشفا عن هذا االوجه االقبيح للكيان الصهيوني، ولاشك أن قرار وطلب المحكمة سيكون نقطة تغير قد تكون للأسوأ في العدوان الصهيوني، وقد تكون نقطة تحوُّل في ملف القضية الفلسطينية، بغض النظر عن محاولة الصهاينة تشويه صورة المحكمة، والتقليل من أهمية الحكم، لكنه رسالة مهمة، أثارت الرعب داخل الكيان المحتل.
------------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | (رغيف العيش) .. أمن اجتماعي وغذائي





اعلان