19 - 06 - 2024

اعتراف دول غربية بدولة فلسطين .. نهاية الحلم الصهيوني بالاستيلاء على كل أراضي فلسطين التاريخية

اعتراف دول غربية بدولة فلسطين .. نهاية الحلم الصهيوني بالاستيلاء على كل أراضي فلسطين التاريخية

لكل من اعترض أو يعترض على اعتراف الدول الأوروبية بفلسطين كدولة للشعب الفلسطيني، ولكل من يشكك أو يحاول أن يتحجج بأن الوقت لم يحن لتأسيس هذه الدولة، ولكل من يجد الاعذار لقيام هذه الدولة وأنه لا يمكن الاعتراف بها الآن بل في المستقبل، لكل هؤلاء نقول، "إن انتظرنا، فلن يكون هناك شعب فلسطيني يطالب بدولته!".

إن قرار تقسيم فلسطين الصادر عن أعلى سلطة دولية وبموافقة الدول الاعضاء، والتي تملك حق الرفض، الفيتو، جاء قبل ما يقارب الثمانية قرون. ولم تمض على إصدار القرار إلا بضعة شهور حتى أعلن الإسرائيليون، على لسان رئيس وزراء إسرائيل الأول، بن غوريون، قيام دولة إسرائيل رغم قلة عدد ما يسمى بشعب، وعلى الفور كان لهم علم وحكومة ومؤسسات، إلى آخره مما يعطي الدولة صفتها. أما الفلسطينيون ولعدم وجود حكومة وطنية فلسطينية تمثلهم، باتوا منذ ذلك الحين، وللأسف تحت رحمة حكومات الدول العربية، والتي لم تكن مستقلة يومها، لكن وحتى بعد استقلال جميع هذه الدول في الخمسينات والستينات وسبعينات القرن الماضي، بقي الشعب الفلسطيني بدون دولة. وعلى الرغم من أن هذا الشعب عاش مشردا في أرضه وفي البلدان العربية وباقي بقاع العالم، لم يتوقف عن النضال من أجل حقه المشروع والمقر من قبل المجتمع الدولي. لم يشهد التاريخ الحديث شعبا يناضل من أجل حريته واستقلاله لفترة قاربت الثمانية عقود من الزمن. فما لنا اليوم الا أن ننحني احتراما وتقديرا لصمود هذا الشعب، رغم إخفاقات قياداته، وإخفاقات الداعمين له من الحكومات العربية، ومن حكومات جميع دول العالم، وحتى مما يسمى بالمجتمع الدولي المتمثل في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. إن صمود هذا الشعب هو هويته المتميزة، حيث حفر اسمه في التاريخ كشعب لا يعرف اليأس ولا الاستسلام لغير العدل وحقه في تقرير مصيره على أرضه التاريخية.

أحداث السابع من أكتوبر

لقد فاجأت المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر إسرائيل والعالم وشعوبه بأكبر عملية عسكرية، كسرت فيها أسطورة إسرائيل وجيشها الذي لا يقهر، واخترقت أعتى أجهزة الامن والدفاع في العالم، متحدية الدرع الحصين الذي أقامته سلطة الاحتلال بحجة الدفاع عن أمنها، وخلال ساعات قليلة استطاعت أن تشيع الهلع والتشوش بين صفوف العدو، لتعود إلى غزة ومعها رهائن وأسرى من الإسرائيليين، من الذين كانوا ينعمون، ولثمانية عقود، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيما يدعى بالكوبيتسم، أو المعسكرات "الاشتراكية" التي أقيمت على أراضي احتلها العدو بعد أن قَتل ورحّل السكان الاصليين منها. وفي البدء أثارت هذه العملية حفيظة العالم، وذلك لما صورته الدوائر الإعلامية والعسكرية للاحتلال من وحشية هذا الاقتحام لجلب تعاطف العالم معها. إلا أن الأحداث سرعان ما كشفت زيف هذه الدعاية، ووقف العالم مندهشا يراقب بالمقابل وحشية الاحتلال الذي أخذ يمارس القتل العشوائي والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وليس في غزة فقط حيث انطلقت المقاومة منها وفيها تحتجز الرهائن الإسرائيليين، بل إن ممارساته الوحشية نالت في نفس الوقت من فلسطيني الضفة الغربية مستغلة انشغال العالم بما يحدث في غزة، وهذا يثير التساؤل حول مدى تخطيط إسرائيل المسبق لانتهاز أية فرصة للانقضاض على الشعب الفلسطيني، وكيف استغل الصدمة لكي يحقق سياسته - الحلم بالسيطرة على كافة الأراضي الفلسطينية وجعل حياة الفلسطينيين على أرضهم مستحيلة. ولم تكتف بذلك، حيث تعدى عدوانها ليطول المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل بفرض أبشع القيود عليهم، لما نالهم من مطاردة واستجواب وتهديد، إن تكلموا أو ساندوا ما جرى في السابع من اكتوبر، عندما بدأت سلطة الاحتلال بمراقبة الحسابات الشخصية لكل فلسطيني، أينما كان، لكي تكتم أصواتهم وتمنع اتصالاتهم حتى بأقربائهم في الضفة وغزة. كل ذلك تم على مرأى من حكومات وشعوب العالم، الذي التزم الصمت في البداية لكي "يهضم" ما جرى يوم السابع من أكتوبر.

توالت الأحداث، وأعلنت سلطة الاحتلال على لسان مسؤوليها نيتها الحقيقية التي دأبت العمل عليها منذ قيام دولة إسرائيل في إقامة ما يسمى بإسرائيل العظمى، دولة لليهود من نهر الأردن إلى البحر المتوسط. فأعلن رئيس الدولة أن الحرب على غزة هي حرب على جميع الفلسطينيين، وذلك لأنه "لا يوجد برئ في غزة". ولم يجد رئيس وزراء الاحتلال أفضل من "سفر صاموئيل" في التوراة يستشهد به، والذي ينص على قول الرب في حربهم ضد شعب العماليق "..فالآن أذهب وأضرب العماليق، حرم مالهم ولا تعف عنهم بل أقتل (كل) رجل وامرأة وطفل ورضيع، بقر وغنم وجمال وحمير.". أما وزير الدفاع الإسرائيلي فقد صرح علانية:"سأقطع عنهم الطعام والماء والدواء والوقود، فهؤلاء ليسوا إلا حيوانات بشرية، وسنتعامل معم كذلك". إضافة إلى العديد من المسؤولين الحكوميين في هذه السلطة الذين طالبوا حكومتهم أن ترمي الفلسطينيين في الصحراء أو إبعادهم إلى دول الجوار مثل الأردن ومصر أو مطالبة الدول الأوروبية لمنحهم الجنسية الأوروبية أو حتى رمي قنبلة نووية على غزة والتخلص منها إلى الأبد. كل ذلك كان يجري وإعداد الضحايا الفلسطينيين يزداد يوما بعد يوم، حتى وصل العدد ثلاثة أضعاف من قتلوا في أحداث السابع من أكتوبر، حينها بدأت الأصوات الإعلامية في الغرب تتحدث عن النسبة والتناسب، وكم من الأموات سيسد رمق إسرائيل في الانتقام؟ ولكن إسرائيل لم تعر أهمية لكل ما كان يقال، فهي تعلم أن لها قوة عظمى تدعمها، تلك القوة التي تزودها بالسلاح والمال وتقف وراءها، تُبيّض صفحتها في المحافل الدولية وتدافع عنها ضد أي قرار دولي يتضمن عقوبة لها. الغرب، وتتصدره أمريكا التي استخدمت حق النقض الفيتو في مجلس الأمن عدة مرات، مانعة بذلك وقف الحرب وإنهاء الحصار الغذائي والإنساني على شعب غزة.

القرارات القضائية ضد إسرائيل

وها قد أقرت محكمة العدل الدولية في 23 مايو حكما يقضي بوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح، وطالبت إسرائيل بالسماح لدخول المساعدات الإنسانية، من غذاء ودواء ووقود، إلى غزة، وبضرورة السماح لدخول هيئات عالمية مستقلة للتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبت منذ ما يقارب الثمانية أشهر. وتزامن هذا القرار مع طلب المدعي العام لقضاة محكمة الجنايات الدولية، كريم خان، يسمح له بموجبه اعتقال نيتنياهو ووزير دفاعه غالانت، إضافة إلى طلب مماثل ضد ثلاثة من قيادي حماس. واليوم تتوالى الأحداث بوتيرة سريعة جدا، وذلك لحجم المأساة التي يعاني منها سكان غزة إثر وحشية العدوان الإسرائيلي. الأمر الذي جعل كافة دول الغرب تؤكد على ضرورة حل ما يسمى بالنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني الذي لا يمكن تحقيقه إلا بحل الدولتين، دولة لإسرائيل ودولة لفلسطين. ولذا سارعت دول مثل النرويج وأيرلندا وأسبانيا، دول غربية أعضاء في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي ومن حلفاء إسرائيل، في الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ولكن علينا أن لا ننسى، أن القضاء العالمي لم يكن ليتحرك إلا بما قامت به جمهورية جنوب أفريقيا، باتخاذها الموقف الإنساني الشجاع، عندما بادرت في رفع قضية ضد إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية في ديسمبر 2023، وفيه اتهمت إسرائيل بجرائم ضد الإنسانية وممارسة التصفية العرقية ضد الشعب الفلسطيني. ورغم امتعاض ومعارضة دول الغرب لها، ورغم إنكار إسرائيل لمثل هذه "التهم"، إلا أن الفريق القضائي الذي قدم لقضية الاتهام كان واضحا ومستندا إلى أقوى الأدلة، مما حدا بالمحكمة أن تصدر حكما بضرورة ما يمكن له أن يؤدي إلى تصفية عرقية. غير أن ذلك لم يكف جنوب إفريقيا، خاصة وأن إسرائيل لم تمتثل لقرار المحكمة، بل صعدت من عدوانها، مدعية ان جيشها هو الجيش الأخلاقي الأعلى في العالم! ولذا عادت جنوب إفريقيا بطلب إلى نفس المحكمة في مارس الماضي لكي تعيد النظر في التهم، مضيفة الدلائل التي مارستها إسرائيل منذ قرار المحكمة الأول. وهنا نجح فريقها القضائي في الحصول على قرار المحكمة المذكور أعلاه.   

إسرائيل وجنوب إفريقيا

إن الروابط التاريخية بين دولة إسرائيل وجنوب إفريقيا تعود إلى عام 1948، عندما أعلن عن إقامة دولة إسرائيل الذي تزامن مع تشريع حكومة جنوب افريقيا قانون الفصل العنصري، التي كانت من أوائل المعترفين بإسرائيل وداعمة لها، وخير تعبير عن هذه العلاقة ما جاء في التقرير الحكومي السنوي عام 1976 لجنوب إفريقيا "لدى إسرائيل وجنوب أفريقيا شيء واحد قبل كل شيء مشترك: كلاهما موجودان في عالم يطغى عليه العداء ويسكنه أناس من الملونين"، والمعنيون بالملونين هنا هم السكان الأصليين من الأفارقة السود والعرب. وسرعان ما سمح نظام "بريتوريا العنصري" بفتح قنصلية لإسرائيل ثم ترقت إلى مفوضية عام 1950. ورغم تحفظ إسرائيل عن الإفصاح علانية عن علاقتها مع بريتوريا، إلا أن التعاون الاقتصادي والعسكري بين هاتين الحكومتين كان يزداد يوما بعد يوم حتى وصل إلى التعاون النووي، حيث سمحت حكومة جنوب أفريقيا لإسرائيل في استخدام مياهها الممتدة إلى القطب الجنوبي لإجراء التجارب النووية مقابل دعم إسرائيل لها في برنامجها النووي الذي كان يهدف تصفية السكان الأفارقة الأصليين هناك. وقد استمرت إسرائيل في هذا التعاون رغم العديد من قرارات الأمم المتحدة التي تفرض الحظر على بيع الأسلحة لحكومة جنوب أفريقيا وقطع العلاقات التجارية معها، بل وقفت إسرائيل داعمة لنظام جنوب أفريقيا في الأمم المتحدة في العديد من عمليات التصويت ضد هذا النظام، الذي كان يرد الجميل في الوقوف إلى جانب إسرائيل ضد جميع القرارات الدولية التي تصدر عن الهيئات الدولية.

وبعد الحملة العالمية التي أجبرت الغرب على قطع العلاقات مع جنوب أفريقيا وفرض الحصار الاقتصادي عليها، كانت إسرائيل الدولة الأخيرة في العالم التي استجابت لهذه الحملة. ولم تكن استجابتها طواعية أو لإيمانها بالحقوق الإنسانية، بل كانت استجابتها رضوخا لتهديد الولايات المتحدة بقطع معوناتها المالية لإسرائيل، فاضطرت إلى إعلان قطع التعاون الاقتصادي على شرط ألا يشمل الاتفاقيات السابقة لعام 1987، أي فقط بعامين قبل انهيار الحكم العنصري في جنوب أفريقيا عام 1989. ولم تتحسن علاقة جمهورية جنوب أفريقيا الجديدة بعد انتخاب نيلسون مانديلا رئيسا عام 1994، عندما رفض زيارة إسرائيل، وأثار تصريحه الشهير "إن تحرير جنوب أفريقيا لن يكون تاما ما لم يتم تحرير فلسطين" غضبا واسعا في إسرائيل. كذلك استمرت جنوب أفريقيا باستخدام صوتها في كل المنابر الدولية داعمة للقضية الفلسطينية ولضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية. ولم تتردد جمهورية جنوب أفريقيا الجديدة في نعت إسرائيل بالأبارتهايد ومقارنتها مع الحكم البائد في جنوب أفريقيا، حتى بعد زيارة مانديلا، بعد انتهاء فترة رئاسته، إلى إسرائيل والضفة الغربية عام 1999 ضمن جولته في دول الهلال الخصيب، فأكد على موقفه التاريخي لضرورة إنهاء الاحتلال و"حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة كما هو الحق للشعب الإسرائيلي". ووقفت جنوب أفريقيا داعمة لحملة المقاطعة وفرض العقوبات على إسرائيل منذ بدايتها عام 2002، وفي عام 2008، وفي زيارة لعدد من أعضاء المؤتمر الوطني الأفريقي المتقاعدين من جنوب أفريقيا، أكدوا في بيان لهم أن ما شاهدوه هناك من نضال للشعب الفلسطيني يذكرهم بنضالهم ضد الممارسات التعسفية التي كان يمارسها نظام البيض العنصري، وأن ما تمارسه إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني يفوق بقسوته نظام الأبارتهايد ضد المواطنين السود. وفي عام 2010، قررت حكومة جنوب أفريقيا تقليص العلاقات مع إسرائيل بعد تصويتها ضد العدوان الإسرائيلي على أسطول المساعدات الدولية لغزة في البحر المتوسط، وأعقب ذلك سحب المبعوث الدبلوماسي لإسرائيل عام 2013، مما جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي نيتنياهو يضطر لإلغاء زيارته المقررة في نفس العام لجمهورية جنوب أفريقيا. بعد العدوان الإسرائيلي على المتظاهرين السلميين في غزة عام 2018، سحبت جنوب أفريقيا سفيرها لدى إسرائيل وضاعفت من جهودها الدولية في تعرية سياسة إسرائيل ضد الفلسطينيين في المحافل الدولية، مؤكدة على ضرورة الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في التحرر من الإحتلال وحقه في تقرير المصير.

بعد أحداث السابع من أكتوبر، قادت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا، ناليدي باندور، حملة عالمية لفضح جرائم إسرائيل ضد الإنسانية، وطالبت محكمة الجنايات الدولية في ملاحقة واعتقال نتنياهو كمجرم حرب. وفي ديسمبر رفعت جنوب أفريقيا قضية ضد إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية لما ترتكبه إسرائيل من حملة تصفية عرقية وجرائم ضد الإنسانية في غزة. كما وأن رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوسا، صرح خلال الأحداث أن سياسة إسرائيل هي سياسة فصل عنصري.

ماذا يعني قرار المحكمة وماذا يعني الاعتراف بدولة فلسطين؟

هناك اعتقاد سائد في العالم، يثبته التاريخ الحديث أيضا، أن إسرائيل لم تمتثل يوما لقرارات المجتمع الدولي التي تدينها، والتي تطالبها بإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية واضطهاد الشعب الفلسطيني. ولكن قرار محكمة العدل الدولية هو سابقة تاريخية ضد إسرائيل، حيث لم يسبق لهذه المحكمة أن توجه قرارا مباشرا لإيقاف العدوان، رغم أنه قد جاء متعلقا بمدينة رفح فقط، لكنه يبقى ذو أهمية عالية ويعني الكثير بالنسبة للعالم بشكل عام ولإسرائيل بشكل خاص، وذلك لأن الدول الموقعة على ميثاق هذه المحكمة، بما فيها إسرائيل، لن تجد حجة في عدم الامتثال لقرار المحكمة. أي أن في حالة عدم امتثال إسرائيل لقرار المحكمة، ستجد هذه الدول نفسها في مأزق أمام ناخبيها والعالم لعدم احترامها للنظام الدولي. وما سيترتب عليه من مقاطعة أو عقوبات، ستكون ملزمة بتنفيذها، لأن قرار هذه المحكمة ملزم. وقد شهدنا أن معظم الدول الأوروبية أعلنت مباشرة عن التزامها الكامل بهذا القرار، وأكدت على احترامها لهذه الهيئات الدولية.

وما يتعلق بموقف الولايات المتحدة، كقوة منفردة في التأثير على إسرائيل، فإن هذا الأمر له صحته، ولكن شهد التاريخ الحديث، كيف استخدمت أمريكا هذا النفوذ على إسرائيل. مرة عندما أجبرتها على قطع علاقاتها مع النظام العنصري في جنوب أفريقيا، كما ذكرنا سابقا، ومرة عندما أجبر الرئيس الامريكي رونالد ريغان إسرائيل على إيقاف عدوانها على لبنان، والخروج من بيروت في ثمانينات القرن السابق. كما وأن الرئيس بوش أجبر إسرائيل على الرضوخ لتلبية حضور اجتماع مدريد لمناقشة خطط السلام مع الفلسطينيين. أي أن هناك أكثر من سابقة عندما مارست الولايات المتحدة نفوذها، أما إن كان لبايدن هذه الجرأة، فهذا ما لم نشاهده لحد الآن، وإن كان ذلك يؤكد على شيء، فهو يؤكد مدى تورط الرئيس الحالي في الولايات المتحدة وضلوعه في المخطط الصهيوني الهادف لتهجير الفلسطينيين وسيطرة إسرائيل على كل الأراضي الفلسطينية.

أما ما يتعلق بإعلان النرويج وأيرلندا وإسبانيا الاعتراف بدولة فلسطين، فهذا سابقة تاريخية أيضا، وله تبعاته. أهم ما فيها هو، أولا سيشجع دولا أخرى في العالم للحذو حذوهم. وثانيا سيتعين على هذه الدول الاعتراف بأن هناك من الأراضي التي ستقوم عليها دولة فلسطين. وثالثا، وهذا أهم ما يتضمنه هذا الاعتراف، هو أن هذه الدول تنكرت لإسرائيل حقها في الدفاع عن نفسها، كما تزعم إسرائيل، وأنها دولة احتلال، وعليها أيضا الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة. وكذلك ستضع الدول العربية المطبعة مع إسرائيل، وتلك التي في طريقها للتطبيع، في مواجهة حقيقية مع إسرائيل، وتتيح لها فرصة الضغط على إسرائيل في تنفيذ هذا القرار. والأهم من كل ذلك، فإن هذه القرارات وضعت حدا للحلم الصهيوني، بما في ذلك الإدارة الأمريكية الحالية، في الاستيلاء على كل أراضي فلسطين التاريخية. وستثبت لنا الأحداث المتسارعة تبعات العدوان الإسرائيلي الذي دام لعقود ثمان، وستثبت للجميع أن "لا حق يضيع ومن ورائه مطالب". 
---------------------------
بقلم: د. سليم العبدلي *
* شاعر ومترجم وعالم فيزيائي دنماركي

      

مقالات اخرى للكاتب

الأمل واللا أمل يتصارعان عند عتبة تضامن الشعوب الغربية مع غزة!





اعلان