20 - 06 - 2024

في مناسبة عيد الإعلاميين (3): أنتَ مدعوّ للاستقالة

في مناسبة عيد الإعلاميين (3): أنتَ مدعوّ للاستقالة

يا سيادة المستشار محمد الحمصاني 

مستشار معالي رئيس مجلس الوزراء 

ربما لأنني فقدت حرصي و التزامي القديم على متابعة الأخبار المتعلقة بمجلس الوزراء المصري لأسباب عديدة ؛ منها إحالتي إلى التقاعد في الهيئة الوطنية للإعلام قبل سنوات قليلة ؛ فقد تفأجات و أنا أتجول بين الأخبار بأن لمجلسنا الموقر متحدثا رسميا هو المستشار الشاب محمد الحمصاني !  

و ليس هذا فحسب ؛ فالمستشار الحمصاني يجري لقاءات لا تنقطع مع الإعلام ! يتحدث و يوضح و يفسر و يرد و يخبر ، و هكذا ! و هذه في حد ذاتها سمة تتعارض مع نهج الكثيرين من أعضاء هذا المجلس المعنيين بالملفات الداخلية - خاصة المقترنة بمطالب الشعب و احتياجاته - الذين دعاهم فخامة الرئيس قبل أيام إلى مخاطبة الناس ، و التحدث معهم ، و توضيح الأمور لهم. 

و الأدهى من هذا أن المستشار الحمصاني يتابع و  يرصد ! 

يقول المستشار نصّا " لدينا متابعة على مدار الساعة لكل ما يدور في الشارع المصري و في وسائل الإعلام و التواصل الاجتماعي ، مجلس الوزراء لديه في إطار مركز المعلومات و دعم اتخاذ القرار جهاز للرصد يتابع ما يدور ، و هذه المتابعة هي جزء أساسي من عملية صنع القرار ، و كيفية التجاوب مع رأي الشارع و رأي وسائل الإعلام "  . و لمن قد يذهب بفكره بعيدا ؛ فإنني لست معنيا على الإطلاق بالقضية أو السياق الذي أدلى فيه المستشار بهذه التصريحات ؛ لكنني أعتبرها - أي التصريحات - خطيرة ، و تمثل بالنسبة إليه سقطة مدوية تستدعي استقالته فورا ؛ مع تقديم اعتذاره لنحو 25 ألف مواطن مصري يمثلون شريحة المتقاعدين في ماسبيرو مع أسرهم !

و ليسمحْ لي سيادة المستشار الذي أتوقع منه أن يستجيب لدعوتي بصفتي واحدا من هؤلاء ؛ بأن أضيف إلى تصريحه من عندياتي ما يلي ؛ بدون أن أضعه على لسانه : و للمجلس أيضا ما يسمى " منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة " ، و هي تتلقى " على مدار الساعة " هي الأخرى شكاوى و استغاثات المواطنين و ترصدها ( و الاستغاثات تنطوي على مطالب ) ، و تتصدى لأسبابها ، و تعمل على حلها بسرعة ، و هذا نقلا عن عن تصريح سابق لمدير هذه المنظومة . 

لماذا أنتقد المستشار الحمصاني على خلفية هذا التصريح الفجّ ، و أطالبه بالاستقالة ؟ ببساطة ؛ لكونه يعكس بوضوح و بشكل مباشر حجم الاختلال و التقصير – و هذا وصف مهذب جدّا لتعامل المستشار مع الحالة التي أتكلم عنها – الذي تعانيه ممارسة سيادته لمهامه . فكيف ذلك ؟ 

لن أطيل على سيادة المستشار شرحا و توضيحا . سأكتفي بإعلامه بأن وسائل الإعلام و التواصل الاجتماعي التي يتابعها عبر المركز الذي يتابعها على مدار اليوم ؛ ليتجاوب صانع القرار مع رأي الشارع ( و يتعامل مع آرائه و مطالبه و استغاثاته ) – هذه الوسائل تمتلئ بعشرات المجموعات و الصفحات الخاصة التي تتبع الشريحة البائسة التي أنتمي إليها ؛ أي شريحة المتقاعدين في ماسبيرو ، و منها مثلا جروب " حقوق معاشات ماسبيرو " و جروب " مطالب معاشات ماسبيرو " و هلم جرا من مجاميع . و ليس هذا فحسب يا سيادة المستشار ؛ فوسائل الإعلام المسموعة و المقروءة و المرئية ضجت على مدار السنوات الماضية بالكثير من المقالات و اللقاءات و الشكاوى و الاستغاثات الصادرة عن المتقاعدين في ماسبيرو الذين لم يحصلوا - منذ ما يزيد على خمس سنوات - على مستحقاتهم الواجبة قانونا بعد إحالتهم إلى التقاعد ، و الذين باتوا في وضع يستحي القلم من وصفه ، و قد يؤذي الإفصاح عنه مشاعر سيادة المستشار الحريص على عملية التجاوب مع رأي الشارع ! 

و لأنك – يا سيادة المستشار – لم ترصد و لم تتابع و لم تطلع على هذه الكارثة ؛ باعتبارها جزءا مما يدور في الشارع ؛ فإنني أحببت أن أسدي إليك صنيعا قبل أن تتقدم باستقالتك ، و تغادر مجلس الوزراء الموقر ؛ يتمثل في تسهيل عملية صناعة القرار ؛ في ما يخص هذه القضية المأساوية ؛ من خلال إعلامك بالمصادر التي يمكن أن تعرف منها فحوى و تفاصيل القضية التي أتحدث عنها ، و أن تحصل منها على المعلومات المتعلقة بها كافة . و أعدك بأنك ستجدها قريبة جدا منك ، و ستتحصل عليها منسقة و واضحة و مرتبة و مختصرة و شاملة ، و منها ما هو موضوع في حافظة فاخرة اشتريتُها من مالي الخاص المحدود ؛ كي تليق بمعالي رئيس الوزراء ! و أنت تفهم الآن بالطبع أن أبنائي كان أولى به !   

يا سيادة مستشار معالي رئيس الوزراء ؛ الحافظة التي خبرتك عنها ستجدها في الغالب محفوظة في مكتب سيادتك ؛ حيث إنني قمت بتسليمها إلى مكتب الدكتور مدبولي قبل عدة أشهر ، و فيها كل تفاصيل القضية و تطوراتها ، و القوانين و الأحكام و الفتاوى التي يتعين - تحت لواء مبدأ سيادة القانون الذي يشدد فخامة الرئيس دائما على المسئولين الالتزام به - أن تنفذ ؛ لإنهاء المشكلة التي يعانيها هؤلاء البؤساء المُهانين ، و التي إذا تركت على حالها مهملة منبوذة لا يبالي بها مجلسنا الموقر و المسئولون المعنيون ؛ فإنها ستعني أن المتقاعدين في ماسبيرو في هذا اليوم الذي نشر فيه هذا المقال الذي تطالعه ؛ سيحصلون على مستحقاتهم بعد نحو 13 سنة ؛ هذا إذا ما استمرت وتيرة الصرف على ما هي عليه الآن ؛ أي إنها ستصلهم و هم رقود في قبورهم ينعمون - متعك الله بموفور الصحة و طول العمر !

و لأن المعلومات الأخرى التي لها أهمية بالغة في جعل سيادتك على بيّنة كاملة و تفصيلية بالقضية ؛ أي متابعا و راصدا دقيقا حاذقا - منتشرة و متاحة على مساحة كبيرة من وسائل الإعلام ، و على مدى زمني طويل ؛ فإنني أوصي لك بمقالين فقط يغنيانك عن الاطلاع على هذا الكمّ الهائل من المواد الإعلامية . و قد كنت كتبت هذين المقالين خلال الأيام الماضية ؛ بمناسبة الاحتفال بعيد الإعلاميين ! و قد استفزتني تصريحات سيادتك و ألهمتني أن أضيف إليهما هذا المقال ؛ لنصبح بصدد ثلاثية متصلة و متماسكة ؛ في محاكاة لأعمال الكتّاب و الأدباء المعنيين بالحكي و الدراما ؛ فقضية المتقاعدين المستضعفين في ماسبيرو - يا سيادة المستشار - لا تخرج عن هذا السياق ... إنها دراما ممتدة سوداء و عبثية في آن !!  

هذان المقالان – و هذا المقال – ستجدهما في مكانين و ربما ثلاثة ! الأول هو الموقع الإلكتروني المصري المسمى " المشهد " ، و ستجدهم ثلاثتهم منشورين باسمي المثبت تحت عنوان هذا المقال الذي يدعوك إلى الاستقالة . أما المكان الثاني فهو جروب " حقوق معاشات ماسبيرو " الذي خبرتك عنه أعلاه ، و يمكنك الوصول إليه من خلال الصحفيين العاملين في المجلس ، أو بمراسلتي - و يكون لي الشرف بالطبع - على العنوان الإلكتروني المذكور أسفل اسمي في ترويسة هذا المقال . و أما المكان الثالث فهو بالتأكيد سطح مكتب سيادتك ؛ إذ إن مساعديك الأكفاء في الرصد و المتابعة في المركز المشار إليه ؛ لم يفتهم بالتأكيد الحرص على إطلاعك على هذا المحتوى الذي يعبر عن رأي و مطلب و استغاثة شريحة من الشعب ، و الذي تداوله مستخدمو وسائل التواصل بكثافة على مدار الأيام الماضية . 

و الحقيقة أني لا أعتقد أنني أذهب بعيدا بالإشارة إلى المكان الثالث الذي اقترحته عليك ؛ كون المقال الثاني في هذه الثلاثية موجه إلى معالي رئيس الوزراء الذي أنت مستشاره ، و المتحدث باسم المجلس الذي يرأسه ، و لو أنك لم تخبر معاليه بهذا المقال تحديدا و تطلعه عليه ؛ فإن هذا يمثل - و أقول هذا بكل أسف ! تقصيرا إضافيا من جانب سيادتك ؛ لا تكفيه دعوتي إياك أنا فقط إلى الاستقالة! 

سيادة المستشار المحترم ؛ في المقال ستجد عبارات موجهة مباشرة إلى معاليه ؛ أتصور أنها ستحرك مشاعره إيجابيا تجاه هؤلاء المواطنين البؤساء الذين منحوه ثقتهم ، و منها ما يلي : 

" و لهذا أسأله : أين هو ؟ لماذا لا يتعامل مع مشكلة المتقاعدين في ماسبيرو و لا يرد على مكاتباتهم ؟ لماذا يتجاهل مشكلات مواطنيه و لا يسمعهم أو يكلمهم ؟ و أطالبه بالتدخل بالطريقة نفسها التي تدخل بها لحل مشكلة الصحفيين ، أو بأية طريقة أخرى ؛ عن طريق الموازنة العامة أو عن طريق إعفاء الهيئة من جزء من ديونها أو تأجيلها أو غيرها من طرق ؛ فلقد بلغت الحلقوم يا معالي رئيس الوزراء !! " .  

" هل سمعت المتقاعدين في ماسبيرو ؟ إنهم ينادونك يا دولة رئيس الوزراء ! لقد وصل التماسهم إلى سيادتك مرتين ؛ ثانيتهما تحديدا أحيل فيها إليك التماسهم مع عدد من المتقاعدين كانوا قد ذهبوا به إلى فخامة الرئيس في المقر الرئاسي ، و تسلمه منهم مستشار سيادتك المسئول عن الشكاوى ( !! ) " . 

" لقد سمع الله السائلين و الطالبين و الشاكين و المجادلين و كلّم اللهُ من رسله يا دولة رئيس الوزراء ؛ فهل يسمعنا رئيس حكومتنا !! " . 

سيادة المستشار الحمصاني ؛ أرجوك ألا تغضب و ألا تنزعج ؛ فنحن بشر ، و كلنا نخطئ ، و في كثير من الأحيان ؛ خاصة عندما يكون المرء في مقام مماثل لمقامك و يتمتع بعلمك و خلقك الكريم - يمكننا أن نصحح أخطاءنا ! و لو كنت في مقام الناصح لمسئول في مقامك الجليل ؛ استنادا إلى سني الكبيرة على الأقل ، و هذا ليس تجاوزا بالطبع ؛ فإنني أنصحك بمتابعة القضية التي حدثتك عنها ، و عبر المصادر التي أعلمت سيادتك بها .    

يا سيادة المستشار ؛ هل تتفضل علينا بإبلاغ معالي رئيس الوزراء بقضيتنا من واقع ما ستقرأ ؛ حتى أسحب دعوتي إليك بالاستقالة التي أتوقع أن تستجيب لها ؛ لأنني تلمست في كلماتك على شاشة التلفاز تهذبا و احتراما و تقديرا للمسئولية . و لو كان لديك سعة صدر ، و شعور طاغٍ بالتعاطف مع الآخرين - و هذا ما أتوقعه -  فإنني سأزيد في مطالبي ، و سأحددها تحديدا على النحو التالي :  

أولا ؛ نحن نريد صرف مكافأة نهاية الخدمة لكل المتقاعدين في ماسبيرو من الفور بتطبيق المقترح القانوني الذي عرضناه على معاليه ، و على الأستاذ الفاضل رئيس الهيئة الوطنية للإعلام ، 

ثانيا ؛ نحن نريد شطب التجاوز غير القانوني الذي تُستقطع بموجبه من قيمة هذه المكافأة نسبة قد تتجاوز الخمسين بالمئة ، 

ثالثا ؛ نحن نريد صرفا فوريا لمستحقاتنا القانونية في رصيد الإجازات الاعتيادية و الوجوبية التي حكم القضاء المصري النزيه بأحقيتنا فيها فردا فردا ، و لمستحقاتنا التي قررها فخامة الرئيس تباعا لنا و لآخرين من علاوات . 

و سأطلب منك أيضا أن تتحدث مع معالي رئيس الوزراء عن ضرورة التصدي العاجل المنصف لمشكلتنا ، و الإسراع بحلها ، و أن تحدثه في إمكانية أن يتكلم معنا بشأن قضيتنا تطبيقا لتوجيهات فخامة الرئيس ، و أن تدلي سيادتك بتصريحات جادة صادقة تتجاوب مع رأي شريحة من الشعب حول قضيتنا بعد العودة إلى معاليه ، و أن تتابع شكاوانا و استغاثاتنا التي لم تنقطع لدى منظومة الشكاوى ؛ لتخبرنا بما جرى بشأنها .      

سيدي المستشار ؛ 

ليتك حددت تصريحاتك و عيّنتها بالموضوع الذي كنت تتحدث فيه ! ليتك ما عمّمت تصريحاتك عن الرصد و المتابعة و التجاوب مع رأي الشارع و استغاثاته ! أو ليتك التزمت الصمت ؛ اتباعا لمنهج معالي رئيس الوزراء و وزرائه المعنيين بقضيتنا التي امتنع جملة الإعلاميين و منهم تلامذة لنا عن تناولها - عندما طلبت إليهم ذلك - في مناسبة عيد الإعلاميين ؛ أينعم ! العيد الذي يحتفل به المتقاعدون في ماسبيرو على الأسرّة مرضى ؛ يعوزهم الدواء يتدثرون البلاء و لا يملكون سوى الدعاء !!  

تحياتي لسيادتك ! و أدعو الله مخلصا ألا تستقيل ! و أن يفرج سبحانه و تعالى بصنعه و تدبيره كرب المنكوبين من المتقاعدين في ماسبيرو !!  
-----------------------------
بقلم : عبد المجيد إبراهيم  
[email protected]  

مقالات اخرى للكاتب

في ميدان عمليات تغيرت مقارباته | كيف سيكون الرد الجوابي لحزب الله على العدوان الصهيوني ضد لبنان؟





اعلان