17 - 07 - 2024

مصر والصين نحو بناء مستقبل مزدهر.. توسيع آفاق التعاون وتعميق الشراكة

مصر والصين نحو بناء مستقبل مزدهر.. توسيع آفاق التعاون وتعميق الشراكة

تستقل صفحات التاريخ فصلاً جديداً في علاقات الصداقة والتعاون بين مصر والصين، وذلك بزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الأراضي الصينية.

 إن هذه الزيارة ليست مجرد لقاء دبلوماسي عابر، بل هي رمز لتعميق العلاقات الثنائية بين البلدين وتعزيز التعاون في مختلف المجالات، من الاقتصاد إلى الثقافة، ومن السياسة إلى التكنولوجيا.

تعتبر الصين ومصر، بلا شك، من الأمم ذات التاريخ العريق والحضارات العظيمة، فضلاً عن دورهما البارز في تشكيل مسار التاريخ.

وفي هذا السياق، تأتي زيارة الرئيس السيسي إلى الصين كخطوة استراتيجية مهمة في بناء جسور التواصل والتفاهم بين الشعبين، وتوطيد العلاقات الثنائية التي تجمعهما.

و تعكس الزيارة إرادة البلدين في توسيع آفاق التعاون وتعميق الشراكة في مختلف المجالات، سواء كانت اقتصادية، حيث يمكن رؤية التبادل التجاري المتزايد والاستثمارات المشتركة تحتفلان بروابط الشراكة الاقتصادية الوطيدة، أو في المجالات الثقافية والتعليمية التي تسهم في تبادل الخبرات ونقل المعرفة بين الشعبين.

بفضل قيادة حكيمة ورؤية استراتيجية، تبنى الرئيسان، عبد الفتاح السيسي و شي جين بينغ، سبل تعزيز التعاون الثنائي وتطويره نحو مستويات جديدة من الشراكة المثمرة والمجدية.

وتعتبر زيارة الرئيس السيسي إلى الصين علامة فارقة في العلاقات الثنائية بين البلدين، وستشكل بالتأكيد بداية جديدة لفصل جديد من التعاون الوثيق والتنمية المشتركة، وستسهم بشكل فعال في بناء عالم أكثر استقرارًا وازدهارًا لجميع شعوب العالم.

وجاءت هذه الزيارة لتؤكد عمق الروابط الاستراتيجية والاقتصادية بين البلدين، حيث بحث الرئيس السيسي مع نظيره الصيني سبل تعزيز التعاون في مختلف المجالات بما في ذلك التجارة والاستثمار والبنية التحتية.

وأعربت الحكومة المصرية عن تطلعها إلى تعزيز الشراكة مع الصين في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، معتبرة أن هذه المبادرة تمثل فرصة هامة لدعم التنمية الاقتصادية في مصر وتوسيع أفاق التعاون الثنائي.

كما تم التأكيد على أهمية التعاون في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والتصنيع، بما يساهم في تحقيق الأهداف التنموية المشتركة، ما يعكس حرص الحكومة المصرية على توثيق العلاقات مع أحد أكبر الشركاء الاقتصاديين لمصر على الساحة الدولية.

وفي ديسمبر 2022، عقدت القمة الصينية-العربية الأولى بنجاح، وطرحت إطارًا عامًا للتعاون الثنائي من خلال "الأعمال الثمانية المشتركة للتعاون العملي الصيني-العربي".

كما أطلق القمر الصناعي "مصر سات 2" في ديسمبر 2023 بالتعاون بين مصر والصين، ليقدم دعمًا تقنيًا لمتابعة المشروعات التنموية المصرية والتغييرات المناخية.

وتضمنت الزيارة عقد مباحثات قمة بين الرئيس السيسي ونظيره الصيني، ولقاءات مع كبار قيادات الدولة الصينية، حيث تمت مناقشة أوجه تعزيز العلاقات الثنائية وفتح آفاق أوسع للتعاون في مختلف المجالات، تزامناً مع الذكرى العاشرة لترفيع العلاقات بين مصر والصين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة .

وعرضت قناة "اكسترا نيوز" المصرية تقريرا تحت عنوان: "مصر والصين.. تحالف راسخ ينظر نحو مستقبل مشرق"، حيث أن العلاقات السياسية بين البلدين تتميز بالنشاط الدبلوماسي على كل المستويات وتبادل الزيارات الرسمية لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وأوضح التقرير أن مصر والصين تشاركان بانتظام فى المحافل الدولية والإقليمية وهناك عمل على التنسيق بين المواقف بالقضايا العالمية المهمة، وأن التعاون الأمني شهد تعزيزا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة فضلا عن تبادل الخبرات فى مجالات محافكة الإرهاب والجرائم المنظمة.

وتعد الصين أكبر شريك تجاري لمصر لمدة 12 عامًا على التوالي، ووفقًا لإحصاءات الجمارك الصينية، حيث بلغ حجم التجارة بين القاهرة وبكين العام الماضي، 15.82 مليار دولار أمريكي، وأصبحت الصين أكبر شريك تجاري لمصر.

 كما تستمر الاستثمارات الصينية في مشاريع مهمة في مصر، مثل محور تنمية قناة السويس ومناطق صناعية في مدن مصرية مختلفة. أبرزها العاصمة الإدراية.

ويري خبراء في الشأن المصري – الصيني، أن الاستثمارات الصينية في مصر تعد نموذجا للمنفعة المتبادلة، حيث إنها تعود بالفائدة على مصر من ناحية فرص العمل ونقل الخبرات للعمالة، فيما تستفيد منها الصين في ضوء موقع مصر الجغرافي المميز وقرب استثماراتها من قناة السويس، وفرص الوصول إلى أسواق ثالثة مع توقيع مصر اتفاقيات تجارة حرة مع كتل إقليمية كبيرة مثل الاتحاد الأوروبي والدول العربية والإفريقية وأمريكا اللاتينية.

هذا وقد، تم عقد 6 قمم مصرية صينية خلال السنوات الخمس الماضية جمعت الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الصيني شي جين بينج.. أولها كانت في 22 ديسمبر عام 2014.

فمصر والصين ترتبطان بعلاقات تاريخية وثيقة منذ زمن بعيد، إذ يعد البلدان من مؤسسي حركة عدم الانحياز، منذ أول لقاء جمع الجانبين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ورئيس مجلس الدولة الصيني "شو إن لاي" خلال الفترة من 18 حتى 24 أبريل عام 1955، على هامش مشاركتهما في المؤتمر الأفروآسيوي في مدينة باندونج بإندونيسيا.

في هذا السياق، قال السفير علي الحفني نائب رئيس "جمعية الصداقة المصرية - الصينية" إن زيارة الرئيس السيسي إلى الصين حملت انطلاقة جديدة للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين في ضوء حالة الزخم غير المسبوق الذي تشهده العلاقات بين القاهرة وبكين بمختلف المجالات.

وأضاف الحفني، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية المصرية، أن توجه السيسي لبكين و مباحثاته مع الرئيس الصيني شي جينبينج وكذلك مع "تشاو له جي" رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني تتزامن مع الذكرى العاشرة لتدشين الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين التي حققت طفرة كبيرة في السنوات الأخيرة.

وشدد على أهمية استثمار تلك الشراكة الاستراتيجية لترفيع والارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية للأمام ودفع التعاون القائم بين البلدين إلى مستويات جديدة بما يلبي طموحات وتطلعات الشعبين الصديقين.

وثمن التوقيع خلال تلك الزيارة على عدد من اتفاقيات التعاون بين البلدين، من بينها خطة التطوير المشترك لمبادرة الحزام والطريق، وتعزيز التعاون في مجال الابتكار التكنولوجي وتكنولوجيا الاتصالات، وعدد من مجالات التعاون الأخرى، مشيرا إلى الزيارات الناجحة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى بكين، حيث كانت من أوائل الدول التي توجه إليها مع توليه قيادة البلاد وذلك إدراكاً لأهمية الصين في الحاضر والمستقبل.

وأشار الحفني إلى العلاقات الثنائية الثابتة الراسخة التي يمكن البناء عليها من أجل تعظيم مستقبل التعاون بين الدولتين، بالشكل الذي يخدم ملف التنمية في مصر، لافتاً إلى أن الرئيس السيسي يهدف دائماً خلال زياراته الخارجية وبصفة خاصة لبكين إلى بحث كل ما يعود بالمنفعة و الفائدة على الاقتصاد المصري و يصب في الجهود المصرية للتنمية المستدامة.

واعتبر أن الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين و بعد مرور عشر أعوام وجدت ترجمة على أرض الواقع، بدليل وصول العلاقات المصرية الصينية اليوم إلى درجة من البلوغ والتنوع والزخم لم تصله من قبل في أي وقت من تاريخ العلاقات بين الدولتين، منذ إقامة العلاقات عام 1956 .

وتابع أن تلك العلاقات تسير في طريق الصعود الذي لا يتوقف و بوتيرة مرضية للغاية للجانبين، المصري و الصيني، وذلك رغم التحديات والأزمات التي نواجهها على المستوى الدولي والإقليمي، مثل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية و الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأزمة الطاقة، والمشاكل الخاصة بتغير المناخ فضلاً عن استمرار الأزمة في ليبيا وتردي الوضع في السودان، وغيرهم.

وتابع أنه رغم كل تلك التحديات والأزمات إلا أن البلدين استطاعا الحفاظ على نمو العلاقات واستمرار تعزيز التعاون المشترك في شتى المجالات، إذ لم تترك مصر والصين مجالا إلا وتعاونتا فيه.

وسلط الضوء على إعلان الرئيسين  السيسي وشي جينبينغ عن تدشين "عام الشراكة المصرية-الصينية" والذي سيشهد العديد من الفعاليات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والسياحية بهدف دفع وتطوير العلاقات الثنائية في كافة المجالات، مرجحاً انه سيكون عاماً استثنائياً أيضاً في مجال السياحة بالنظر إلى الزيادة الملحوظة في أعداد السياح الصينيين القادمين إلى مصر .

وأكد أهمية الاستثمار في القطاع السياحي وجذب المستثمرين الصينين في صناعة السياحة، لاسيما في ضوء وجود رغبة سياسية قوية لدى الجانبين لتعظيم الإنجازات التي تحققت خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأثنى على عدد الشركات والمستثمرين الصينين الذي يزداد عدادهم بشكل ملحوظ في مصر، حيث أن هناك العديد من المشروعات يتم تنفيذها في العاصمة الإدارية الجديدة، ومنطقة "تيدا الصينية" في شمال غرب خليج السويس، علاوة على تطوير الموانئ في إطار "مبادرة الحزام والطريق".

وشدد على أهمية الصين كشريك اقتصادي وتجاري لمصر واهتمامها بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، علاوة على التعاون الذي شهده الجانبان أثناء أزمة وباء كورونا في مجال إنتاج اللقاح والذي خدم أفريقيا أيضاً، ما جعل من القاهرة مركزاً للكثير من الخدمات الطبية و العلاجية.

ونوه بأن الصين تثمن الدور الذي لعبته مصر منذ بداية تلك الحرب وسعيها لإنجاح التفاوض من أجل وقف العدوان وإعادة الهدوء والاستقرار لربوع المنطقة لولا تعنت الجانب الإسرائيلي الذي لا يبدي الرغبة أو الاهتمام أو الإرادة السياسية الكافية لذلك، علاوة على جهود مصر المضنية من أجل إدخال المساعدات الإنسانية لأهل القطاع.

وفيما يتعلق بالمنتدى الوزاري العربي الصيني ..أكد السفير الحفني أهمية تلك الدورة من المؤتمر الوزاري العاشر للمنتدى الذي تأسس عام 2004 في جامعة الدول العربية بالقاهرة، وأسهم في دفع الكثير من التعاون التجاري والاقتصادي والزراعي والصناعي والتعليمي والصحي، و في مجالات أخرى جديدة مثل استخدامات الفضاء وتصنيع الأقمار الصناعية وخطوط السكك الحديدية.

وسلط الضوء على أن هذا المنتدى حقق هدفه بتعميق التعاون وتحقيق مكاسب للجانبين العربي و الصيني، بحيث لا يحقق طرف مصلحة دون الآخر ، واصفاً تلك العلاقة ب"الصحية"، خاصة بعدما نجح الشريكان في تطويرها بما يخدم مصالح كل طرف.

وأكد أن العرب يثمنون موقف الصين في تعاملها مع القضية الفلسطينية، ودعمها لحل الدولتين، كما يعولون على عضويتها الدائمة في مجلس الأمن لدعم قرارات وقف الحرب وإدخال المساعدات للشعب الفلسطيني في القطاع، علاوة على تأييد الصين لعضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدة.

وأوضح أن الجانبين العربي والصيني يتشاركان كذلك في مبادئ السياسة الخارجية، واحترام ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والحفاظ على سيادة الدول وإعلاء مفهوم "الدولة الوطنية".

وتابع الحفني أن هناك تطابقاً في المواقف بين الدول العربية والصين تجاه القضية الفلسطينية، حيث تبنت بكين موقفاً بأن السبيل الوحيد لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يكون عبر تنفيذ حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ومنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، ومنها حقه في تقرير المصير.

واختتم السفير علي الحفني "بأنه انطلاقاً من تلك القناعات والمواقف المتطابقة والمتشابهة، فإن الدول العربية بحاجة إلى دعم الصين بالمحافل الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس الأمن، باعتبارها صاحبة صوت حق قوي ولها مواقف محايدة تؤيد جهود وقف الحرب في قطاع غزة وإعلان إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة لإرساء دعائم الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم".

وفي الختام يمكن القول بأن العلاقات المصرية الصينية تتمتع بآفاق واعدة، حيث تُظهر الدولتان التزامًا متزايدًا بتعزيز التعاون في مختلف المجالات.

 من المتوقع أن يستمر هذا التعاون في النمو والتطور، مستفيدًا من البنية التحتية المتقدمة والتجارب المشتركة التي تم بناؤها عبر السنين.

 إن المشاريع الطموحة مثل مبادرة الحزام والطريق، والاستثمارات الضخمة في القطاعات الحيوية، تؤكد أن الشراكة بين مصر والصين ستظل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار المشترك.

بالإضافة إلى ذلك، يُعزز التعاون في المجالات التكنولوجية والتعليمية والثقافية الروابط بين الشعبين، مما يمهد الطريق لعلاقات أعمق وأكثر شمولاً في المستقبل.

 إن مصر والصين ماضيتان نحو بناء مستقبل مشترك، قائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مما يعزز الاستقرار والتنمية في البلدين وعلى المستوى الإقليمي والدولي.