26 - 06 - 2024

ماذا يريد الشعب ؟ (١١)

ماذا يريد الشعب ؟ (١١)

بداية، شعب مصر العظيم ، وبالرغم من كل الظروف ، يقدر تلك التحديات السياسية والأزمات الاقتصادية والخلل الاجتماعى الذى يواجه وطننا العزيز، مع العلم أن هذا وغيره كثير يعود إلى غياب الرؤية السياسية التى تنظر إلى مجمل الأمور وكل الأوضاع فى إطار سياسى وعلمى وموضوعى ، وليس فى إطار الواقع الآني ، ولكن من خلال خطط متوسطة وطويلة الأجل تضع علوم المستقبليات صوب أنظارها.  وإذا تصورنا أن المسؤولية فى إطارها الدستورى والقانونى هى مسؤولية السلطة التنفيذية، فهذه نظرة خاطئة دستوريا أيضا، لأن هناك سلطات ثلاث تشريعية وتنفيذية وقضائية تتحاور وتتكامل لتحقيق هذه الخطة وتلك الرؤية السياسية على أرض الواقع ولصالح الجماهير، أى الأغلبية الغالبة من الشعب المصرى.

هنا لا أريد أن أتطرق إلى مشاكل حياتية وسياسية واقتصادية ..الخ بشكل تفصيلي ، لأن هذه المشاكل قد أصبحت تؤرق وتقلق مضجع الجميع ، خاصة من يكتوون بنار تلك المشاكل الحياتية التى يشعر معها المواطن بضيق الحياة ، ولذا سأكتفى هنا بطرح أسئلة موجودة ومطروحة وتحتاج إلى رصد ودراسة واهتمام وموضوعية مع مصارحة وشفافية ، حتى نخرج جميعا بالوطن منتصرا على تلك التحديات الداخلية والخارجية غير المسبوقة التى  تحيط بنا.

لماذا لم يتم حتى الآن التغيير أو التعديل الوزارى وتغيير المحافظين ؟ هل هذا نتيجة لعدم وجود كفاءات مصرية فى كل الاتجاهات (مع أن مصر ولادة طوال تاريخها) ، أم أنه الرضا عن تلك الحكومة المغيبة سياسيا عن الواقع المصري ؟ وهل بقاء محافظين قائمين بالأعمال (أى بدون صلاحية قانونية فى اتخاذ القرار) هل هذا لصالح المواطن والوطن ؟ لانقول من بديهيات الديمقراطية ، ولكن نقول من صالح الوطن والمواطن والنظام السياسى أن يكون هناك مساحة حقيقية للرأي والرأي الاخر . لأنه لا يستقيم قرار فى أى مجال حياتى لايستمع ولا يستفيد من الرأى الآخر.

فهل فعلا نجد تلك المساحة للرأي الاخر ؟ بالرغم من التصريحات الكثيرة من كبار المسؤولين لوجود هذا الرأى. لذا هل يليق بالإعلام وللمؤيدين على طول الخط (لمصالح شخصية وذاتية نشاهدها طوال التاريخ) أن ينعتوا أى رأى آخر بعدم الوطنية ؟ وكأنهم هم الأوصياء على الوطن والوطنية ؟ نتحدث عن أن الإعلام مقصر فى عدم نشر أي شيء غير الجوانب الإيجابية التى يجب الإشادة بها ، فهل هذا يعنى تسويق هذه الأعمال فقط ؟ وهذا يقع فى إطار التسويق التجارى الذى لايليق بالمنجز السياسي ، وهذا غير الدور العلمى والمهنى الصحيح للإعلام.  فالحديث عن الايجابيات فقط وطوال الوقت يفقد الإعلام المصداقية وتتوارى مهمته الأساسية ويتحول إلى إعلان وليس إعلاما. وفى إطار الرأى الآخر. من المعروف عن البرلمان أنه هو السلطة التشريعية المنتخبة من الشعب بشكل مباشر ، وهى السلطة المعبرة عن الجماهير والتى تعطى الحكومة موافقتها على برنامجها المعروض عليها لكى تتم المتابعة والرقابة والمحاسبة (أى والله المحاسبة). فهل رأينا على أرض الواقع رقابة أو محاسبة ؟ مع العلم أن رئيس الجمهورية كثيرا ما تساءل عن عدم تقديم استجوابات للحكومة؟

فلماذا وما هي الأسباب الحقيقية لهذا ؟ بالرغم من أن دور البرلمان بمثل العين الراصدة للواقع والمشاكل فى الشارع السياسي ، وفى هذا الإطار واستكمالا لدائرة الرقابة الشعبية ، لماذا لم تتم حتى الآن انتخابات المجالس المحلية ؟ فهذه المجالس هى المدرسة السياسية التى تعد الكوادر السياسية للوطن فى كل المجالات ، كما أنها هى العامل المساعد فى طرح المشاكل والقضايا الجماهيرية على المستوى المحلي. مما يجعل البرلمان يمارس دوره الحقيقى في الرقابة والتشريع.  

أما وهذا هو الأهم . فقضية الدعم وهى قضية القضايا بالنسبة للغالبية التى اقتربت من خط الفقر ، هى محل نقاش منذ عقود وليس الآن ، ومتخذ القرار دائما يتحسب لسوابق لا نريدها ولا نتمناها تماما ، ولذا كان يجب أن تتم مناقشة هذه القضية مناقشة جماهيرية حقيقية وليست صورية وعلى كل المستويات ، لكى يشعر المواطن بأنه يشارك فى اتخاذ القرار (وهذا حقه) ، كما أن هذا يعطى صاحب القرار الصورة الحقيقية بدون رتوش حتى يكون القرار قابلا للتطبيق والمصداقية (بعيدا عن شعار أن كله لصالح الجماهير). مصر تستحق الكثير ومصر هى كل المصريين وهى مسؤولية الجميع عندما يمارس كل طرف مسؤوليته الواجبة لصالح مصر كل المصريين. 

حفظ الله مصر وشعبها العظيم.
-------------------------------
بقلم: جمال أسعد

الحلقات السابقة من هذه السلسلة


مقالات اخرى للكاتب

ماذا يريد الشعب؟ (١٤)





اعلان