28 - 06 - 2024

عزل القس دوماديوس الراهب يفتح باب الانقسام داخل الكنيسة ومطالب بعودة المجلس الملي

عزل القس دوماديوس الراهب يفتح باب الانقسام داخل الكنيسة ومطالب بعودة المجلس الملي

حالة من الجدل وتبادل الاتهامات داخل الأوساط القبطية، ليس ذلك فحسب بل امتد الصراع على مواقع التواصل الإجتماعي إلي الشارع المصري بمختلف أطيافه والانقسام بين مؤيد ومعارض ونشأت حالة من الغضب العارم تم تناولها في العديد من القنوات المحلية والعالمية .

أوقفت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية قس قبطي يدعي دوماديوس الراهب في بيان نشره المتحدث الرسمي للكنيسة عبر منصات الكنيسة المختلفة والتي ذكرت فيه أن كل ما صدر عن القس دوماديوس من تصرفات مثيرة للجدل لا يمثل سوى شخصه، وأن الكنيسة غير مسؤولة عنها.

كما اعتبرت أن الكاهن أثار الكثير من الأزمات والمشكلات عبر سنوات في كل كنيسة خدم فيها، وتَنقل بسبب مشكلاته بين عدة كنائس، لاسيما أن تصرفاته استمرت في إثارة الجدل سواء في الشارع أو على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.

إلا أن الكنيسة القبطية أكدت أنها حاولت على مدى سنوات حل مشكلاته، ومعالجة أخطائه، ونصحه، ومنحه فرصًا عديدة، دون جدوى.

كما أكدت أنه بعد التحقيق معه في شهر أغسطس من العام الماضي، صدر قرار بإيقافه عن العمل الكهنوتي، لكنه لم يلتزم به، بل تمادى مؤخرًا في تصرفاته المثيرة للجدل.

لذا تم تشكيل لجنة من الكهنة للتحقيق معه، وتم استدعاؤه يوم الأربعاء 19 يونيو 2024 للمثول أمامها ، حيث تم الاستماع إليه ومناقشته في تلك التصرفات.

كما أوضحت أن اللجنة قررت استمرار إيقافه عن الخدمة، ومنعه من التعامل بشكل كامل مع وسائل الإعلام أو التواصل الاجتماعي بكافة صوره، فضلا عن إرساله لقضاء فترة خلوة روحية في أحد الأديرة القبطية.

الجدير بالذكر ان القس أثار جدلاً بين المصريين خلال الفترة الماضية، بعد مقابلة تحدث فيها عن الإمام الحسين، فضلا عن ظهوره في فيديو يقدم أضحية بمناسبة عيد الأضحى وظهوره أمام ضريح السيد البدوي.

ففيما اعتبر البعض أن الرجل منفتح على الآخرين، ويشارك في مناسبات دينية مشتركة، رأى آخرون أن تصرفاته وتصريحاته لا تناسب كاهناً قبطياً.

القسيس يهدد الكنيسة

فور صدور بيان الكنيسة قام القس دوماديوس الراهب بتسجيل فيديو عبر صفحته الشخصية فيس بوك مطالبا البابا تواضروس بمقابلته لمدة نصف ساعة فقط يشرح له أسبابه ودعاوى المحرضين على عزله من الكنيسة , مؤكدا انه قام بتسجيل 40 فيديو لن يتم نشرها إلا بعد موته، تتعلق بالكنيسة ورجالها وبعض مخالفات ومطالب يجب أن تحققها الكنيسة .

المساواة بوقف رجال الدين ممن يظهرون في الإعلام

هذه الواقعة فتحت الباب أمام تبادل الاتهامات بين العديد من أساقفة الصف الأول للكنيسة بين معارض ومؤيد لظهورهم في الإعلام وتحدثهم في السياسة وبين مطالب بعودة المجلس الملي الذي تم حله في عهد البابا الراحل شنودة الثالث .

عبر منصات التواصل الإجتماعي استنكر مفكرون أقباط وقف القس دوماديوس عن العمل الكنسي، مطالبين بالمساواة بوقف كل رجل دين يتحدث للإعلام او المواقع الاخبارية في الأمور التي تتعلق بالسياسة, مؤكدين أن هناك الكثير من الأساقفة علي رأسهم الأنبا بولا أسقف طنطا الرجل القوي داخل الكنيسة الذي يتدخل في السياسة منذ رحيل البابا شنودة وهو يظهر في الإعلام وكذا تدخله في اختيار نواب أقباط والتعامل مع الدولة في كافة المواقف وتصريحاته المثيرة للجدل التي أغضبت العديد من الأقباط .

ليس الأنبا بولا الوحيد الذي يغرد في السياسة بل يسبقه في التعامل مع الدولة ورجالها الأنبا أرميا رئيس المركز الثقافي القبطي والانبا يؤانس أسقف اسيوط الذين كانا ضمن سكرتارية البابا شنودة الراحل , واستقبلوا حينذاك محمد بديع مرشد الإخوان داخل المقر البابوي بالعباسية لمقابلة البابا شنودة الراحل.

مطالب عودة المجلس الملي للكنيسة

طالب العديد من النشطاء الأقباط بضرورة عاجلة لعودة المجلس الملي المنحل للكنيسة الأرثوكسية ليكون واجهة الكنيسة في التحدث مع الدولة في شتى القضايا ومتحدثاً رسمياَ باسم الكنيسة وقطع الطريق أمام رجال الدين في التحدث في السياسة وعودتهم إلى العبادة والصلاة فقط

قال مايكل مرجان الناشط القبطي ومؤسس جمعية الصداقة المصرية الإيطالية في روما إن الكنيسة الارثوذكسية عليها أن تواكب العصر ففي هذا الوقت لا وجود لرجل دين داخل الحراك السياسي أو له كلمة، فسياسيا لا يتمتع بالذكاء والدهاء السياسي فضلاً عن أنه رجل دين ترك العالم للتعبد فكيف يعود له برداء رجل سياسي، فالسياسة للسياسيين ومن لديهم خبرة والدين لأهله.

وتساءل مرجان لماذا تصر الكنيسة على عدم تشكيل مجلس ملي بثوب جديد يحمل اجندة الكنيسة في تعاملها مع الدولة بشكل خاص والحكومات الخارجية بشكل عام بحث يتنحي الأساقفة والقساوسة عن المشهد السياسي؟, الى متى ستظل الكنيسة تقع في العديد من المشاكل وينظر إليها أنها ليست وطنية، والكل يعلم أن الكنيسة قدمت دماء من أجل الوطن، وهناك حلول لكثير من المشاكل من خلال هذا المجلس الملي الذي يتشكل من خبراء ومفكرين أقباط علي قدر عال من الدهاء السياسي وملكة التحدث .

بدوره قال ممدوح رمزي عضو مجلس النواب السابق إن الكنيسة الأرثوذكسية يجب عليها التعامل بشكل أقوى من هذا مع رجال الدين لاسيما تصريحاتهم وأفعالهم السياسية، وكذلك المساواة والعدالة الكنسية بين قسيس وأسقف وكل من يرتدي الزي الكنسي , مشيراً ان يجب تنحي رجال الدين عن العمل السياسي والخدمي العام.

وطالب رمزي البابا تواضروس بتشكيل مجلس ملي  منوط به التحدث باسم الكنيسة مع قيادات الدولة وإصدار تصريحات رسمية وإغلاق الباب أمام الأساقفة ليعودوا إلي مهمتهم الرئيسية وهي الصلاة والتعبد.

من جانبه أكد كمال زاخر المفكر القبطي ان الكنيسة تعتمد علي جناحين الإكليروس أي رجال الدين، والعلمانيين أي الأراخنة، وغياب أحد الطرفين يؤدي إلى خلل وهذا موجود في الإنجيل ، مشيراً أن الكنيسة المصرية منذ أيام الخديوي إسماعيل وهناك مشاكل ثقافية وفكرية وعادات متوارثة يجب التخلص منها , مثل أن رجال الدين بالنسبة للشعب هم رمز الأبوة، فكيف يتم تشكيل مجلس ملي يكون رقيبا علي الآباء وهذا فكر خاطئ .

وأضاف زاخر أن المشاكل التي تحيط الكنيسة والأزمات التي تمر بها نتيجة تدخل رجال الدين بالسياسة وعدم الإنصات إلي التطور وفهم الواقع وأن لكل عصر حديث, فالانهيار الثقافي المتوارث سببه أن الكنيسة ورجالها هم الحاكم، حيث أصبح أمرا لا يتقبله الشباب القبطي ويحدث فجوة بين الكنيسة وشبابها, لافتاً ان الدولة تقوم بالتحول الرقمي في عشرة سنوات من وصول الرئيس السيسي للسلطة، ولكن الكنيسة مازالت تعيش بالعادات القديمة في تعاملها مع المشاكل والأزمات.

وتابع زاخر قمت بتشكيل مجلس العلمانيين عام 2006 وأرسلت إلي البابا شنودة توصيات هذا المجلس ولكن دون رد بالقبول أو بالرفض، ومنذ ذلك الحين ونحن نري مشاكل وأزمات يتسبب بها أساقفة وكهنة وكان آخرهم وليس الأخير القس دوماديوس الراهب الذي خلق حالة من الغضب العارم داخل الشارع المصري بين مؤيد ومعارض وأحدث فجوة بين أطياف الشعب .

وطالب زاخر الكنيسة بالإنصات إلي صوت العقل وصوت الشباب القبطي وترك الساحة السياسية لأهل الخبرة، والتعامل خارج أسوار الكنائس من خلال مجلس ملي حقيقي يهدف إلي استقرار الكنيسة والتواصل خارجياً وإقصاء رجال الدين عن العمل السياسي ومنعهم من الظهور او التحدث إلى وسائل الإعلام .
--------------------------
 تقرير - طانيوس تمري






اعلان