28 - 06 - 2024

حرب إقليمية أم عالمية ؟

حرب إقليمية أم عالمية ؟

التدفق الإخباري الذي يحمل مؤشرات حرب إقليمية تتطور إلى حرب عالمية ثالثة يزداد بوتير عالية على كافة منصات التواصل الاجتماعي، فالشعوب تتابع وتراقب وتتساءل مفزوعة عما ستؤول إليه أحوالها جراء نشوب حرب كبرى، ويمكن رصد ذلك بلا عناء على أي من منصات التواصل الاجتماعي، فالجميع يرى أن إصرار قادة الحرب في الشرق والغرب على عدم الوصول إلى اتفاق يوقف نزيف الدمار، يدفع إلى توسيع دوائر الحرب في مختلف مناطق وجودها، فالحرب الروسية الأوكرانيا قد تمتد إلى أوروبا، والحرب الإسرائيلية على غزة والمقاومة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية قد تمتد إلى الإقليم كله إن لم تكن قد امتدت بالفعل (اليمن ولبنان)، والحرب في السودان ليست بمنأى عن جيرانها في الشمال والجنوب، والتصعيد الصيني في منطقة بحر الصين الجنوبي أصبح خبرا يوميا، حيث تسعى إلى ضم أجزاء من هذه المنطقة البحرية، من بينها الفلبين وفيتنام وماليزيا وبروناي وإندونيسيا وسنغافورة، فضلا عن اعتبارها تايوان جزءا لا يتجزأ منها.

إن جنون قادة الحرب وإداراتها في أمريكا وإسرائيل ـ تحديدا ـ بلغ ذروته، ولا أحد يدري إلى ماذا سيفضي هذا الجنون، فبين الحين والآخر حين تشتد التصريحات وتتصاعد حركة البوارج والمدمرات وحاملات الطائرات في البحرين الأحمر والأبيض المتوسط ومنطقة المحيط الهندي والمحيط الهادئ، وتخرج التحليلات مؤكدة بدء اندلاع حرب إقليمية تتطور لحرب عالمية ثالثة، ولكن سرعان ما تهدأ الأمور ثم تعاود الانفجار مرة أخرى، وها نحن نشهد ذروة هذا التصعيد، وهي ذروة لا تبشر بالخير في ظل هوس وإجرام مديري الحرب في واشنطن وتل أبيب، ورفضهما وقف اطلاق النار بغزة والضفة الغربية وتحريضهما على ضرب المقاومة اللبنانية ممثلة في حزب الله ومن ثم ضرب لبنان، وهو الأمر الذي إن قدر حدوثه لن ينفجر الإقليم برمته بل العالم، حيث ستدخل كل من إيران والصين وروسيا وربما كوريا الشمالية (كل بتحالفاته) على خط المعارك مما يطلق حربا عالمية ثالثة.

فبعيدا عن تصاعد حدة التوتر بين حزب الله والعدو الصهيوني وتصاعد عمليات أنصار الله في اليمن في البحرين الاحمر والمتوسط وتهديد إيران بالدخول المباشر لدعم حزب الله، والتأكيد الأمريكي على مواصلة دعم العدو الصهيوني عسكريا وسياسيا، فقدقرر حلف الناتو دعم أوكرانيا بـ 80 مقاتلة "إف- 16" ويرى أمينه العام أن العالم حاليًا منقسم إلى كتلتين، ويشعر بقلق بالغ إزاء إمكانية قيام روسيا بتقديم الدعم لبرامج كوريا الشمالية النووية والصاروخية، ويقول: "لا ينبغي أن نستبعد أن ينتهي الأمر بالكتلتين إلى صراع مع بعضهما البعض ومن ثم ستندلع حرب عالمية ثالثة نووية"، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقب زيارته لكوريا الشمالية يعلن "لدينا الحق في تصدير أسلحتنا إلى أي دولة كما يفعل الغرب مع أوكرانيا"، ويؤكد "مستعدون لتسليح كوريا الشمالية بالصواريخ بعيدة المدى والاسلحة والتكنولوجيا، هكذا سوف يكون ردنا على الولايات المتحدة وحلف الشمال الاطلسي الذين يسلحون اوكرانيا"، وزعيم كوريا الشمالية يعلن اصطفافه وراء روسيا في حال الحرب "سوف نكون مع روسيا في الموت قبل الحياة". 

هذا في الوقت الذي وصلت فيه حاملة الطائرات الأميركية التي تعمل بالطاقة النووية ثيودور روزفلت إلى مدينة بوسان الساحلية في كوريا الجنوبية، لإجراء مناورات عسكرية مشتركة مع الدولة المضيفة واليابان، فيما تواصل المدمرة ايزنهاور المدمرة الحضور في البحر الأحمر جنبا إلى جنب مع البوارج البريطانية. وأعلن أول أمس عن دخول بوارج حربية أمريكية ميناء اسدود الإسرائيلي، وتم نشر 3813 جنديًا أمريكيا في الأردن، وهذا فيما تشتبك القيادة الوسطى الأمريكية مع الحوثيين في اليمن، وتواصل الأسلحة الأمريكية والغربية التدفق على اسرائيل كما تتدفق على أوكرانيا، وذلك في ظل إصرار اسرائيلي على استمرارتوسيع دائرة الحرب ومواجهة حزب الله على الجبهة اللبنانية.

كل ما سبق لخصه التصريح الخطير للرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش حين قال إنه لم يتبق سوى ثلاثة إلى أربعة أشهر قبل الحرب العالمية، وانه يسيطر على مخزون البلاد من السلع الاستراتيجية، بما في ذلك السكر والملح. وأوضح "غادر القطار المحطة ولا أحد يستطيع إيقافه علينا أن نشهد اندلاع صراع الحضارات في الأشهر الثلاثه او الاربعه المقبلة ولا أحد يحاول وقف الحرب نحن نقترب من كارثة حقيقية وانا لست مستعدا لخساره 1 أو 2 أو 5 أو 10 أو 15 مليون شخص".

ويبقى السؤال الأهم الذي يخصنا نحن الدول العربية: هل أعددنا العدة لاستقبال مآلات نشوب حرب إقليمية أو عالمية وانعكاساتها على وجودنا؟ هل من تحالفات تجمع بيننا وتوحد فرقتنا في مواجهة ذلك؟ . إن أي متابع للشأن العربي سيكون جوابه: لا.. بل إن الخلافات تتسع والفرقة تتعمق انطلاقا من إيمان كل دولة أنها الدولة الناجية والدول الأخرى هلكى. ولا أظن أن ذلك صحيحا.
------------------------
بقلم: محمد الحمامصي

مقالات اخرى للكاتب

حرب إقليمية أم عالمية ؟





اعلان