29 - 06 - 2024

"أنقذوا الأرض" .. كتاب يناقش قضية تغير المناخ من أجل مستقبل كوكب الأرض

- يقدم الكتاب إجابات مبسطة عن أسئلة معقدة.. ويقدم مداخل وأساليب إقناع عند إدارة نقاش حول المناخ

"أنقذوا الأرض" عنوان كتاب يستحق القراءة، خاصة ونحن نعانى من موجات الحر الشديدة. وتقدم لنا مؤلفة الكتاب عالمة المناخ كاثربن هايهو نموذجا ملهما يمنح كوكب الأض فرصة للتعافي.

وكاثرين هايهو عالمة كندية شهيرة، وصف كتابها الصادر في عام 2021 بعنوان Saving Us: A Climate Scientist’s Case for Hope and Healing in a Divided World والذي نحن بصدده، بأنه أحد أهم الكتب التي كتبت عن تغير المناخ على الإطلاق. هي أستاذة بارزة في بول ويتفيلد هورن، وهي أستاذة بارزة في السياسة العامة والقانون العام في جامعة تكساس التقنية، وتقضي وقتًا طويلاً في التحدث عن تغير المناخ للجمهور في الولايات المتحدة وحول العالم.

في عام 1997، أسست شركة ATMOS Research ، والتي تهدف إلى توفير المعلومات ذات الصلة حول كيفية تأثير تغير المناخ على حياة مجموعة واسعة من العملاء غير الربحيين والصناعة والحكومة، في عام 2017 ، تم اختيارها كواحدة من أعظم قادة FORTUNE في العالم. واليوم ، تقود وتنسيق الجهود العلمية لمنظمة حفظ الطبيعة.

الكتاب نقله للغة العربية الكاتب الصحفى أحمد حسن بلح المتخصص في الكتابة العلمية، كبير محررى النسخة العربية لمجلة ساينتفيك أمريكان سابقا والحاصل على جائزة الشيخ عبدالله المبارك الصباح الكويتية فى تبسيط العلوم.

الخلفية العلمية والتخصص للمؤلف انعكسا على ترجمته، فجاءت إحترافية دقيقة مفهومة رغم صعوبة المصطلحات. 

يتكون الكتاب من خمسة أقسام تتناول المشكلة والحقائق والتهديدات والإصلاح وكيف يمكن ان نحدث فارقا. ويتناول موضوعا شديد الأهمية، وهو كيف تدير حوارا مع المحيطين بك حول تغير المناخ من أجل مستقبل أفضل لكوكب الأرض ومن يعيش عليها، وينطلق ذلك من الإيمان أولا بحقيقة التغيرات المناخية، والإيمان أيضا بدورنا كبشر فى الحد منها من خلال سلوك صديق للبيئة يحافظ عليها ويصونها من خلال ترشيد الاستهلاك، ومن خلال قراراتك اليومية التى تبدأ من لحظة استيقاظك، هل ستزيح الستارة ليدخل ضوء الشمس أم ستضغط على زر الكهرباء؟.

ستنزل السلم مترجلا أم ستستخدم المصعد الكهربائي؟، ستمشى إلى نهاية الشارع لتركب وسيلة نقل جماعى لتصل إلى مقر عملك أم ستدير محرك سيارتك وتسير بها وحيدا؟ قرارات يومية يترتب عليها بصمتك الكربونية وحجم انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون وبقية غازات الاحتباس الحرارى المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض.

نعود إلى الكتاب الذى تضمن ملحقا للمصطلحات باللغة الانجليزية وترجمتها للعربية.

تعرض المؤلفة مداخل لإقناع الناس بقضية تغير المناخ وأهمية دورهم فى الحد منها والتكيف معها.

من هذه المداخل المدخل الدينى ، وتقول فى الولايات المتحدة الأمريكية الانجيليون البيض هم الفئة الأقل قلقا بشأن تغير المناخ مقارنة بغيرهم، والأقل قلقا تعنى أقل اهتماما، وهذا ليس لأسباب تتعلق بالكتاب المقدس، وماينطبق على الانجيليين البيض ينطبق على المتشددين دينيا، الذين يتعاملون مع قضية تغير المناخ بلا مبالاة على اعتبار أنها قدر الله الذي لا مفر منه ولا حيلة للبشر فيه، ولإقناع هؤلاء نبدأ بالمشترك المتفق عليه، وهو حث كافة الأديان على دعم ومساندة الفقراء والجوعى، وليكن الحديث معهم عن تأثير تغير المناخ على الفقراء والجوعى والمرضى الذين يؤثر فيهم تغير المناخ، حيث تؤدى ندرة المياه الناتجة عن تغير المناخ إلى تضخم مشكلة الجوع وتؤدى إلى الهجرة واللجوء وعدم الاستقرار.

تطرح المؤلفة سؤالا هل يجب أن نخاف؟ وتجيب عالمة المناخ: نعم يجب أن نخاف، ولكن كيفية التعامل مع مخاوفنا هى ما تصنع الفرق.

وتوضح أن مشاركة الرسائل المتشائمة حول تأثير تغير المناخ، مع الأشخاص الذين يشعرون بالرضا عن أنفسهم ولا يعتقدون بأن تغير المناخ يشكل تهديدا خطيرا، تساعد في إدراك المخاطر وستدفع الحقائق المخيفة للبحث عن حلول.

تستند المؤلفة إلى دراسات قانونية وعلمية ونفسية أيضا وتقول إن رسائل الخوف يجب أن تقترن بما يجب فعله، لأن عدم معرفة ما يجب فعله تدفع الناس لتجاهل الرسالة مفضلة عدم المعرفة.

وتضيف المؤلفة إن الرسائل القائمة على الخوف يمكن أن تحفزنا بشكل فعال إذا عرفنا كيف نحول هذا الخوف لعمل، وتقدم تطبيقا عمليا مفاده إذا أتبعنا الأخبار السلبية حول تغير المناخ، بمعلومات تشرح كيف يمكن للأفراد والمجتمعات أو الشركات أو الحكومات تقليل التهديدات، فعندئذ يمكن لهذه المعلومات أن تمكننا من إيجاد حلول وبدائل بدلا من أن تثبط عزيمتنا، لندرك أنه من الممكن الحد من تغيرالمناخ إذا استهلكنا كميات أقل من الوجبات الجاهزة، وإذا استخدمنا عددا أقل من الأكياس البلاستيك، وإذا أطفأنا الأنوار ورشدنا استهلاكنا من الطاقة، إذا أعدنا تدوير ما يمكن تدويره، وغيرها من السلوكيات الصديقة للبيئة والحياة.

وتنقل المؤلفة ماكتبه جورج مارشال فى كتابه "لا تفكر فى الأمر"، كتب مارشال "نحن لا نرغب فى التعاطى مع أزمة تغير المناخ لأننا نرغب فى تجنب القلق الذى تولده"

وتخلص إلى أن البشر أكثر ميلا إلى عدم الاهتمام بالرسائل السيئة المتكررة إذا لم ترتبط ارتباطا مباشرا بحياتنا، أو إذا شعرنا أن إصلاحها سيكون أسوأ بالنسبة إلينا من تركها تأخذ مجراها.

ومن علم النفس إلى علم الأعصاب ولغة الهرمونات، تنقل لنا المؤلفة خلاصة بحث لعالمة الأعصاب تالى شاروت مفادها "تم بناء الدماغ البشرى لربط العمل للأمام بالمكافأة، وليس لتجنب الضرر، فالاستجابة ستكون أكبر لو ترتب على الإجراءات والحلول فائدة، وتقول عالمة الأعصاب فى بحثها إن الخوف يعيق قدرة المخ على التفكير الابداعى.

وتفسر هذه المقولة مهندسة البيئة كاتى باتريك مستخدمة لغة الهرمونات، موضحة إنه عند الخوف يطلق الجسم مواد كيماوية وهرمونات ويغلق الدماغ منطقة الحصين ويفقد المخ 30% منوظائفه بما فى ذلك ملكات التفكير الإبداعى. 

وتخرج المؤلفة من عرض نتائج الأبحاث فى مجالات علم النفس والمخ بسؤال محوري، وهو كيف نحول القلق المناخى إلى فعل؟ وتجيب بأنه إن لم نربط المخاوف من تأثيرات تغير المناخ بالتجارب التى يعيشها الناس يوميا وتقديم الخيارات الجذابة القابلة للتطبيق للتعامل مع التهديدات، فغالبا لن يتحقق الهدف وسيتجاهل الناس الموضوع.

الكتاب يستخدم تعبيرات مثل القلق المناخي والذنب المناخي وضغط الأقران، وهو تعبير له علاقة بمصطلح فى العلوم التربوية "التعليم بالأقران" وببساطة الضغط بالأقران يعنى عدم الخروج عن العادات والممارسات المتفق عليها، خاصة بين من ينتمون لنفس المجموعة زملاء دراسة، وزملاء عمل.

بعد أن تنتهى من قراءة الكتاب ستشعر أنك لم تقرأ كتابا واحدا، وإنما عدة كتب ودراسات وأبحاث ولم تعش مع مؤلفة الكتاب فقط، وإنما مع كتاب وعلماء من مجالات علمية مختلفة، ولكن المؤلفة ربطت بينها وبين قضية المناخ، وهو ما يؤكد مدى تشابك قضايا البيئة وفى مقدمتها تغير المناخ مع التخصصات المختلقة من علم النفس حتى علم الأعصاب مرورا بعلوم الاتصال والإعلام.

أنت أمام كتاب يأخذك لعالم من الكتب والأبحاث والعلماء، ولكنك أمام مترجم واحد هو الكاتب الصحفى أحمد حسن بلح الذي امتلك أدوات الترجمة العلمية وهى من أصعب فروع الترجمة، وامتلك أدوات الكتابة العلمية المبسطة لأكثر القضايا تعقيدا.
-------------------------
عرض الكتاب: نجوى طنطاوي






اعلان